أنكم لفي ضلالكم القديم

جمال سر الختم

 

تالله وبئس ما أنتم فيه مختلفون!!
واقتباساً من الطيب صالح: أقول: “من أين أتى هؤلاء؟” وأضيف:”ليتهم ما أتوا”!
بدأ المجلس العسكري كما نعلم جميعاً وبدّل رئيسه في أقل من 24 ساعة
فما هي الحكاية؟
قال المجلس العسكري على لسان رئيسه وناطقه الرسمي (إننا ما جئنا إلا لحماية الشعب لأن المخلوع البشير كان قد أمر بتصفية الاعتصام ولو بالقوة..)
وأقول إن أعضاء المجلس العسكري يتمسكون بمقولة إنهم باقون لحماية الشعب والثورة من كيد الكائدين والمُتربِّصين! فمن هُم هؤلاء ولماذا يبقون خارج السجون والمُعتقلات إن هم أتوا لحماية الشعب؟ هل هذا هو المُبرِّر الوحيد لبقاء المجلس العسكري؟ أعتقد ذلك لأنهم لو قبضوا على كل المُتربِّصين من أزلام النظام لما بقي لهم مُبرِّرٌ للبقاء على دَست السُّلطة، ولاكتفوا بتنفيذ التّوجيهات التي تأتيهم من الحكومة للقيام بواجبات حماية الثّورة والشّعب، كل من الانقلابات العسكرية له أسبابه الذاتية والمَوضوعية، وسيأتي زمن الحديث في هذا، ولكني في هذه العجالة أجملها في أنّ السودان أن هبّ من غفوته فسيتفوّق على كل بلاد الدنيا لكثرة الخير الكامن في إنسانه وأرضه ولذلك يتكالب عليه الجميع. وهذا ليس من العُنصرية أو التعالي على بقية شعوب العالم أو ازدرائها، وإنّما لإثبات حقائق الوجود التاريخي لكل شُعُوب العالم ومن بينها شعبنا السُّوداني العظيم والمُعلِّم وجوباً، لأنّه أول شُعُوب الأرض وجوداً على هذه البسيطة كما أثبتت كُشُوفات الحفريات التاريخية، وإنّ الإنسان الأول وُجد في السُّودان ودُونكم (إنسان سنجة) وما اكتشف عنه …إلخ.. والحقيقة الثانية إنّ هذا الشعب السوداني – هو شعبٌ شديد البأس، قوي الشكيمة، طويل البال من طول وقدم تجربته في الحياة – تلك الصفات التي أكسبته الخبرة والعبقرية التي هو عليها الآن. وإني أشبِّهه برجل شيخ كبير السِّن يترك أبناؤه وبناته معه وتحت رعايته في الصباح أحفاده، حيث يذهب الكبار إلى العمل، وشيخنا يتمدّد على عنقريب هبابي تحت ظل النيمة وبجواره المزيرة.. وشيخنا يُقلِّب في مسبحته مُتذكِّراً الأيام الخوالي أثناء لعب ولهو الأحفاد.. وفي أثناء لعب ولهو الأحفاد – يقوم أحدهم بإيذاء آخر فيصرخ الأخير مُتألِّماً فينتبه الشيخ فينهرهم: هوي يا أولاد أقعدوا ساكت.. فيهدأ الأحفاد هُنيهةً ثم ينسون ويُواصلون لعبهم.. ويتكرّر هذا السيناريو مرات ومرات وفي كل مرة يتزايد غضب الشيخ من عدم سماع الصبية للكلام، إلى أن يصل الغضب بالشيخ أن يهب من عنقريبه ماسكاً “مطرق” النيم ويضرب به العيال فيصمتون هذه المرة طويلاً، ثم بعدها يبدأون في اللعب واللهو من جديد باعتبار (ضربة تفوت ولا حد يموت) ويبدأ الشيخ مرة أخرى مكرراً إنذاراته مُخفّفة إلى أن يثور من جديد ويهب مَرّةً أُخرى… ويكون ما يكون.
هذه الحكيوة تحكي قصة الشعب السوداني “الشيخ” مع الصبية “ناس عبود”، ثم مع ناس “النميري”، وأخيراً مع “ناس الإنقاذ”!!
أما عن العسكرتاريا السُّودانية أو الجيش السُّوداني وبروقراطيته، فأقول إنّ هذه المُؤسّسة التي نحترمها ونحبّها ونَفتخر بها، ليست كالعذراء التي يَخاف على خدش حيائها، ويجب أن نُقدِّم كشفاً بحسابها حتى ترعوي وتعلم علم عين اليقين أنّ شجاعة رجالها أورثها لهم الشعب السوداني، فهي لا تباع ولا تُشترى مثل الصواريخ والرصاص – أي نحن الشعب السوداني البطل الذين جعلناهم شجعاناً وأبطالاً، ونحن الشعب السوداني – رمز العزة والشموخ عندما رأينا في وقتٍ مُعيّنٍ من التاريخ أننا نحتاج لجيشٍ، قمنا ببناء معاهد التدريب وأسّسنا الكليات الحربية وأكاديميات العلوم العسكرية لتأسيس جيش – هو أنتم – تقومون، أنتم تقلبون المُعادلة وتضربونا وتؤدِّبونا؟ أي كالجان الذي أخرجه الصياد من القمقم! بئس العقوق – عقوق الأبناء. ولو نشاء – نحن الشعب – لسرحناكم سراحاً جميلاً والله المُستعان! خَاصّةً أننا نملك من المُرتكزات والمُبرِّرات ما يكفي وهي تتمثل في حقيقة أنّ الحرب إذا وقعت – أي حرب – فإنّ أول الخاسرين يكونوا من أبناء الشعب بعدم التدريب …إلخ.. والمصيبة الثانية إنّ الجيوش في الدول إلى لا تصنع سلاحاً ولا تملك ارسنالاً ذرياً – تكون تحت رحمة من يصنعون السلاح ويبيعونها لها فتفقد سيادتها وكل العنجهيات المُرتبطة بالأخيرة.. والمصيبة الثالثة إنّ الجيوش ومنها جيشنا تستنزف وتستهلك جُزءاً كَبيراً جداً من ميزانيات دولها في التسليح والتدريب والمرتبات و.. و…إلخ و(ساعة الجد) يخسر الشعب نقوده وامكانياته وأحيان كثيرة – حُريته وأرواحه. وتوجد بالمُناسبة سابقة دولية حول حل وتسريح الجيوش: إنّ الشعب في جمهورية كوستاريكا قد ثار وطالب بتسريح جيشه، لأنه يستنزف جُزءاً كبيراً من ميزانية الدولة ولا يدر عليهم أية فائدة، ولا يمكنه الانتصار في حرب على الدول التي يشتري منها السلاح، فطلبوا من كل أفراد الجيش أن يخلعوا عنهم اللباس العسكري ويذهبوا إلى حيث يُريدون. وأعلنوا للعالم أنهم لن يحاربوا أيِّ بلد، ويرجون من كل شعوب العالم ألا تحاربهم أو تعتدي عليهم. وهم الآن “يعيشون في تبات ونبات”.
لاحت الآن فرصة أقيم من الذهب لأبناء قواتنا المُسلّحة، بأنّ يبيِّضوا وجههم أمام العالم وأمام الشعب السوداني ويتّخذوا الموقف الوحيد المناسب الآن والمتمثل في:
1- إعلان أنّ قُوّات الشعب المُسلّحة هي فعلاً قوات الشعب السوداني التي هبّت لحماية الشعب من شر المخلوع البشير وحزب المؤتمر الوطني بأبناء الشعب. وبما أنّ هذه المُهمّة قد اكتملت وانتهت، فإن القوات المسلحة تعود لثكناتها فوراً ولكن تظل أعينها سَاهرةً على مكاسب الشعب وأمنه داعمة لقوات الشرطة حسب الحوجة.
2- إعلان العمل بدستور السودان المُؤقّت لعام 1956 بعد حذف التعديلين المشؤومين: التعديل الخاص بحل الحزب الشيوعي السوداني، الذي أدخل البلاد في كل هذه الظلاميات، والتعديل الخاص بديمومة الرئاسة في مجلس السيادة.
3- إعلان ميثاق حماية الديمقراطية كمرجعية أساسية لذلك الدستور لحل الكثير من القضايا الداخلية والخارجية التي تُواجهنا الآن.
4- إلغاء اتفاقية نيفاشا بين حكومة السودان من جهة، والحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان من جهة أخرى.
5- تكوين مجلس سيادة خماسي مؤقت من المثقفين، بينهم امرأتان ريثما يتم انتخاب مُمثلين لأقاليم البلاد الخمسة. وتبدأ كل الأقاليم في انتخاب مُمثليها (من كل إقليم ممثل واحد)، على أن يتم إلحاق كل من يفوز بشرف تمثيل إقليمه بمجلس السيادة بديلاً لأكبر أعضاء المجلس المُؤقّت سناً، وهكذا إلى أن يتم اكتمال عضوية المجلس وذلك خلال الفترة الانتقالية، وتُملأ شواغر المجلس بالذين يلون في الإقليم حسب ترتيب الأصوات.
6- إعلان تجمُّع المهنيين والقُوى المُوقّعة على إعلان الحُرية والتّغيير كهيئةٍ تشريعيةٍ (برلمان) في البلاد خلال الفترة الانتقالية. تقوم هذه الفئات بانتخاب خمسين منهم ليقوموا بمهام التشريع والرقابة.
7- يقوم هذا البرلمان بانتخاب رئيسٍ للوزراء ويتركوا له مُهمّة اختيار وزراء الحكومة وعزلهم بمُوافقة البرلمان ورقابته.
8- إعلان تشكيل محكمة العدالة الانتقالية ويكون لها الحق في تشكيل محاكم فرعية. تكون لهذه المحاكم سلطة القبض والتفتيش والتحريز وإصدار الأحكام. تكون لهذه المحاكم قوة شرطية خاصّة بها.
9- تطبيق قانون العزل السياسي مدى الحياة على كل الإخوان المسلمين، بغض النظر عن اسم حزبهم.
10- إلحاق المُنتمين للحركات المُسلّحة بقوات الشعب المسلحة، وأن يخضعوا خُضُوعاً تاماً لقيادة الجيش المُوحّدة.
11- إلغاء وحل اتحاد العُمّال وحل كل النقابات التي قامت على أساس نقابات المنشأة، وتحريز وحفظ كل منقولاتها وثوابتها والسماح لكل الهيئات والجماعات بتكوين نقاباتها واتحاداتها المهنية وتسليمها ثوابت ومنقولات الهيئات المحلولة المُقابلة.
نستكمل البرنامج في سانحةٍ أُخرى.
والله الموفق،،،

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.