التعمير!!

إليكم… الطاهر ساتي

شارك الخبر

:: وصلا لزاوية الأمس، يجب التذكير بأن هناك موائد رمضان مستفزة ومنزوعة البركة بحيث لا يدعون إليها الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل، رغم أنها أعدت من أموال لهم فيها حق معلوم، وهي تلك التي تنظمها مؤسسات ومنظمات بالصالات الفاخرة.. يجب أن نرتقي جميعا لمستوى الظرف الراهن، وذلك بالتوقف عن كل عادات النظام المخلوع ومؤسساته وحزبه البائد، ومنها الموائد التي ميزانيتها من خزائن الدولة.. وإن كانت لمؤسسات رغبة في فعل الخير، فعليها تحويل تكاليف موائدها إلى الثوار بالقيادة العامة، وبكل مواقع الاعتصام بالولايات.
:: والقطاع الخاص أيضا، ليت شركاته تدع موائد البذخ، وتغادر (محطة البوبار) إلى حيث تنزيل قيم الشهر الفضيل في واقع الناس ومجتمعاتهم عبر المساجد والأندية ودور الشباب وساحات الاعتصام.. فالتراحم من القيم التي يجب أن تبقى حياتنا.. وكذلك بعض المدن الجامعية التي لم يغادرها طلاب الولايات أولى بموائد القطاع الخاص.. ودور اليتامى التي أطفالها في تزايد أولى بطيبات تلك الشركات!
:: ومائدة الإفطار العامرة بأهل الحي أمام بيت كبير الحي أو في بهو المسجد وصحن المسيد، ثقافة سودانية يجب ألا تندثر وتتلاشى.. وللأسف اندثرت في بعض الأحياء المسماة مجازاً بالراقية.. فالرقي هو أن يتكافل أفراد المجتمع فيما بينهم وتتراحم وتتآلف قلوبهم بالمودة.. نأمل أن نحافظ على قيمتها ونعض على قيمها بالنواجذ رغم ضنك العيش.. فالأفضل أن يأتي كل مواطن بما أنعم الله عليه ويجلس على جانبي السجادة أو البرش مع كل أهل الحي.. وتلك نعمة لو تذوق طعهما سكان القصر العالي – كما يصفهم حبيبنا ود بادي – لحاربوا فيها الفقراء!!
:: موائد الرحمن حقاً هي العامرة بالتآخي.. لا تميز فقيرهم عن ثريهم حين يتوسطهم (الملح والملاح)، ويسأل بعضهم بعضا عن الحال، وحين يتفقدون الغائب منهم، ويسألون الله الشفاء للمريض.. هكذا مائدة الرحمن العامرة بحب الناس في أرياف البلد وأحياء المدائن المشبعة بقيم الأرياف.. وهنا مكمن الرقي.. فالرقي معانٍ تشكلها قيم السماء ومكارم الأخلاق في قلوب الناس، وليس برقي غابات الأسمنت ذات الأبواب الموصدة عند (آذان الإفطار).
:: ليت تلك الأحياء المتجردة من فضيلة التراحم والتآخي ترتقي في هذا الشهر الفضيل إلى مراقي (الرقي الشعبي)، وتملأ الشوارع بالتراحم.. ثم الجار، قد يكون شيخا تقدم به العمر أو أقعده الداء وبحاجة إليك، شفاه الله.. أو امرأة فقدت ابنها أو زوجها ولم تفقد الأمل في الله ثم الأخيار من الناس.. أو يتامى لم يستوعبوا أن الحياة – كما البحر – ذات أمواج تعلو وتهبط وتستقر بأمر الله وأقداره.. فمن حقهم علينا ألا ندعهم بحيث يرهقهم الليل بالأسى والنهار بالحرمان.
:: فلنكن للمتعففين – بطيب الخاطر – طعاما وشرابا وقبلهما أنيساً ورحيماً، وفي هذا شكر لأرحم الراحمين وامتثال لأمره.. وقد يكون هناك شرطي ينظم حركة المارة والسيارة، أو جنود من الجيش أو الدعم السريع يرابطون في مواقع العمل حماة للمتلكات الوطن، وأداء الواجب يحول بينهم وأسرهم، ونحن مع أسرنا نترقب أذان المغرب، فمن حقهم علينا أن نكون أسرهم في تلك اللحظة.. هي دعوة لتعمير القلوب – قبل الشوارع – بالحب، فلنتسابق إلى هذا التعمير.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.