مؤتمرا العسكري والمهنيين.. إعداد مسرح الخلافات

الخرطوم: محمد البشاري

 

يحبس السودانيون أنفاسهم منذ الإطاحة بالنظام البائد في 11 أبريل الماضي، في انتظار اتفاق المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير على الفترة الانتقالية لحكم البلاد. والمؤكد أن السودانيين يحلمون بواقع أفضل لكنه يصطدم بحالات شد وجذب في طاولة التفاوض، آخرها إبداء المجلس ملاحظات على الوثيقة الدستورية لقوى الحرية، وعلى الرغم من ذلك فإن الطرفين “المجلس العسكري وقوى الحرية” يمضيان نحو التعجيل في إنهاء التفاوض والتوصل لاتفاق على الفترة الانتقالية في أقرب وقت.

إرادة حقيقية
الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي، ابتدر حديثه بالقول إنهم تسلموا يوم الخميس الماضي الوثيقة الدستورية لقوى إعلان الحرية والتغيير، وإنهم يثمنون الروح التي تحلت بها قوى الحرية وهي تقدم الوثيقة؛ وأكد أن الوثيقة مثلت إرادة حقيقية لإيجاد مخرج أمن للبلاد يقوده للاستقرار والديمقراطية والحرية والعدالة، مشيراً إلى أنهم عكفوا على دراسة الوثيقة دراسة مستفيضة وتوصلوا إلى أن هناك كثيرا من النقاط يلتقون فيها مع قوى الحرية، وأضاف: هناك نقاط أخرى رأينا الإضافة عليها أو اقترحنا بعض التعديلات عليها، مشدداً على أنهم على ثقة بأن ملاحظاتهم سينظر إليها من قوى الحرية على أنها استكمال لجهودهم الوطنية الخالصة التي ستصب في خانة الوفاق والتوافق.
وشدد شمس الدين على أن جهود قوى الحرية مكملة لجهد المجلس العسكري ويثقون في حرصها على الأمن والاستقرار وبناء وطن ديمقراطي معافى، وقال إنهم يتفقون مع قوى الحرية بحسب الوثيقة على الهيكل العام لنظام الحكم في الفترة الانتقالية مبنيٌّ على مجلس سيادة وجهاز تنفيذي وجهاز تشريعي بالإضافة للأجهزة المكملة.

نقاط خلاف
كباشي مضى لتحديد ملاحظات المجلس العسكري على وثيقة الحرية التي حددها في أن الوثيقة أغفلت مصادر التشريع، وأن رأيهم في المجلس أن تكون الشريعة الإسلامية والأعراف والتقاليد في السودان هي مصدر التشريع، ومضى للقول إن الوثيقة لم تنص على اللغة الرسمية للدولة، ويرون أن تكون اللغة العربية، وأشار إلى أن الوثيقة استخدمت عبارة الدستور الانتقالي 2005م دون الإشارة إلى اسمه كما أغفلت الإشارة إلى دساتير الولايات بالإضافة إلى أنها لم تشر إلى سريان العمل بالقوانين الصادرة بموجب هذه الدساتير، وقال إن الوثيقة اعتمدت الحقوق الواردة في دستور السودان 2005م، وأضاف: “وبما أن الوثيقة نصت على إيقاف العمل بالدستور، فماذا ينبغي النص على اعتبار وثيقة الحقوق جزءا لا يتجزأ من الوثيقة”، وتابع: “فيما يختص بمستويات الحكم تمت تسمية أقاليم بدلا عن ولايات دون الإشارة لكيفية معالجة هذا الوضع، كما نصت الوثيقة على أن البلاد دولة لا مركزية متعددة الأقاليم في إشارة لإلغاء نظام الولايات”، وأضاف: “الوثيقة حددت الفترة الانتقالية بـ4 سنوات على أن تبدأ من تاريخ دخول الدستور الانتقالي حيز التنفيذ علما أن البيان الأول صدر في 11 أبريل وحدد الفترة لمدة سنتين”، منوها إلى أن الوثيقة جعلت القوات المسلحة والشرطة خاضعة للسلطتين السيادية والتنفيذية ومعلوم أن هذه الأجهزة سيادية وتخضع للأجهزة السيادية، كما جعلت سلطة إعلان الحرب بالتشاور مع رئيس الوزراء وهذه سلطة سيادية. وأشارت الوثيقة إلى أن سلطة تعيين حكام الأقاليم تتم بتوصية من رئيس الوزراء وهي سلطة سيادية.

كما أغفلت الوثيقة بحسب كباشي بقية القوى المشاركة في التغيير في ترشيح رئيس الوزراء ومجلس السيادة وترشيح الوزراء وأغفلت حتى المجلس العسكري، ونصت الوثيقة على منح مجلس الوزراء سلطة إعلان حالة الطوارئ وهذه سلطة سيادية، كما نصت بحسب كباشي على أن سلطة المحافظة على امن الدولة وسلامتها ضمن سلطات مجلس الوزراء وهي سلطة سيادية. ومضى الناطق الرسمي إلى إغفال الوثيقة لتحديد نهاية أجل الجهاز التشريعي.

غياب الشرطة
وشدد كباشي على عدم وجود خلاف بينهم وبين قوى إعلان الحرية والتغيير، وأكد أنهم لم يقولوا إنهم الوريث الشرعي للنظام السابق، وأقر بغياب الشرطة عن المسرح خلال الفترة الماضية، لكنه أكد أنها بدأت تعود للظهور مجدداً، وحول ما أثير عن محاولات فض الاعتصام أكد أنهم لن يفضوا الاعتصام بالقوة.
بالمقابل، قال كباشي إن الوساطة دفعت إلى المجلس العسكري بورقة حددت من خلالها مجلس السيادة ومجلس الدفاع والأمن ومجلس الوزراء ومجلس تشريعي، واقترحت ورقة الوساطة تكوين مجلس السيادة ومجلس الدفاع ومجلس الوزراء ومجلس تشريعي، كما حددت الاختصاصات لكل من تلك المجالس ونسب تكوينها، وأضاف: ورقة الوساطة حددت بأن يتكون المجلس السيادي من 10 أشخاص 7 منهم من قوى الحرية و3 من المجلس العسكري على أن يترأس مجلس السيادة رئيس المجلس العسكري ويكون له نائبان أحدهما مدني وتتخذ قرارات مجلس السيادة بالإجماع، مشدداً على رفض المجلس اقتراح الوساطة فيما يلي مجلس الدفاع والأمن باعتباره موجودا في كل دول العالم.

عدم الإفلات من العقاب
في السياق، شدد عضو المجلس العسكري الفريق ياسر العطا، على أنهم ليسوا ورثة للنظام السابق وإنما الثورة هي الوريث، مؤكداً أن الرئيس المخلوع ورموز النظام السابق ومعظم رموز فساد النظام في سجن كوبر، وبشأن موقف السلع أكد توفر المشتقات البترولية والدقيق والدواء. وشدد العطا على أن المتهمين بقتل شهداء الثورة لن يفلت أحد منهم من العقاب وأنه يجري التحقيق وتكملة المستندات؛ كاشفا عن تقديم 4 من أعضاء المجلس العسكري الانتقالي لاستقالتهم لرئيس المجلس؛ ملوحا بأنه حال عدم الوصول لاتفاق بين قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري، سيتم إعلان انتخابات خلال 6 أشهر.

المهنيون يستبقون
وكان تجمع المهنيين السودانيين قد استبق المؤتمر الصحفي للقوات المسلحة بمؤتمر صحفي أعلن من خلاله تسلم الرد على وثيقة قوى إعلان الحرية والتغيير، مؤكدا أنهم تسلموا الرد من ​المجلس العسكري​ بشأن وثيقة المرحلة الانتقالية ولا نعرف بعد مضمون هذا الرد، مطالباً “بالتفكيك الكامل للدولة العميقة في السودان”.

وشدد التجمع على أن “​قوى الحرية والتغيير​ موحدة خلف الرؤية الدستورية التي قدمتها للمجلس العسكري”، لافتاً إلى “أننا نعتذر إذا شاب الغموض بعض مواقفنا الإعلامية”.

وأوضح “أننا سنرد على رد المجلس العسكري فور دراسته وسننشره عبر وسائلنا بشكل علني”، مشيراً إلى أنه “من حق المجلس العسكري الاجتماع بمن يريد لكن قوى الحرية والتغيير من يمثل الشارع”.

وأكد التجمع “أننا نطمح في أن يكون المجلس العسكري صادقا في عزمه بناء شراكة مع قوى الحرية والتغيير”، معتبراً أن “معيار قبول رد المجلس العسكري هو تلبيته طموحات الشارع والثورة”.

بدورها، لفتت ” قوى الحرية والتغيير” في السودان، خلال مؤتمر صحفي، إلى أن “قاتلي المتظاهرين لا يزالون طلقاء وأولهم الفريق صلاح قوش”، مشيرة إلى “أننا قبلنا محاولة للوساطة من بعض الشخصيات مع المجلس العسكري لتقريب وجهات النظر”.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.