بعد قرار ترامب.. معضلة شركة هواوي داخل الولايات المتحدة

في خطوة تصعيدية تندرج ضمن الحرب الاقتصادية الأوسع بين الصين والولايات المتحدة، مثل إعلان الرئيس دونالد ترامب الأربعاء فرض حالة الطوارئ الاقتصادية لحماية شبكات الاتصالات الأميركية من التجسس استهدافا جديدا ضد أنشطة شركة هواوي للتكنولوجيا داخل الولايات المتحدة.

ويمنع قرار ترامب التنفيذي الشركات الأميركية الخاصة من استخدام معدات شركات مثل هواوي وغيرها من الشركات الصينية التي يمكن أن تشكل خطرا على الأمن القومي.

ويقول بيتر هاريل، الباحث بمركز الأمن الأميركي الجديد “من الواضح أن قرار ترامب يستهدف هواوي وشركات الاتصالات الصينية بشكل عام”.

ويستند قرار ترامب إلى قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA) وهو قانون فدرالي يمنح الرئيس سلطة تنظيم التجارة بعد إعلان حاله طوارئ وطنية ردًا على أي تهديد غير عادي للولايات المتحدة.

ويمنح القانون الرئيس كذلك سلطة تفويض وزير التجارة بمراجعة أي صفقات تتعلق بشركات ينظر إليها على أنها تُشكل خطرًا، كما ذكرت وكالة رويترز.

وجود هواوي داخل أميركا
من بين أكثر من 180 ألف موظف يعملون بصفة منتظمة لدى هواوي التكنولوجية، لا يعمل بالشركة في مكاتبها داخل الولايات المتحدة إلا 1500 شخص طبقا لصحيفة وول ستريت جورنال.

وللشركة 18 منشأة تنتشر في ولايات إلينوي وكاليفورنيا ونيو جيرسي، أما المقر الرئيس لها فيقع في مدينة بلانو بولاية تكساس، إضافة لمركز تطوير وأبحاث متقدم في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا ويعمل فيه سبعمئة شخص، ويركز على أبحاث الذكاء الاصطناعي.

وعلى الرغم من تحقيق هواوي إيرادات ضخمة بلغت عام 2017 أكثر من 93 مليار دولار من عملياتها في 170 دولة، فإن حجم أعمالها بقي محدودا داخل الولايات المتحدة بعدما حذرت لجنة بالكونغرس عام 2012 التعامل الحكومي مع الشركة ووصفت العمل معها بأنه “خطر أمنيا”.

إثر ذلك تضاءل حجم أعمال الشركة بصورة كبيرة داخل الولايات المتحدة، في الوقت التي شهدت فيه الشركة توسعات كبيرة في حجم وطبيعة أعمالها في مختلف أنحاء العالم.

وكانت هيئة الاتصالات الفدرالية قد منعت شركة صينية أخرى تسمى “تشينا موبيل يو أس أي” من توفير خدمة الاتصالات الدولية في السوق الأميركية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وتتهم وزارة العدل تلك الشركة بخرقها قانون العقوبات على إيران، وسرقات تكنولوجية من شركة تي موبيل.

الرابحون والخاسرون
على الرغم من التضييق الحكومي الأميركي اشترت هواوي معدات أميركية بما قيمته عشرة مليارات دولار العام الماضي من كبريات شركات التكنولوجيا الأميركية مثل “أي بي أم” ومايكروسوفت وأوركل، وغيرها.

وفي حين أن العديد من شركات الاتصالات الأميركية الكبرى قد قطعت علاقاتها مع هواوي، فإن التقديرات تشير إلى أن حوالي خُمس شركات الاتصالات الريفية الصغيرة بالولايات المتحدة تستخدم معدات من صنع هواوي.

وتتعامل هواوي كذلك مع عدد من الشركات الأميركية منها سينتكس للتكنولوجيا (CNEX) وموتورولا، وفي مجال الأبحاث مع عدد من الجامعات الأميركية منها جامعة بيركلي بكاليفورنيا ومعهد ماساشوستس للتكنولوجيا.

غير أن تلك الجامعات قطعت كافة أشكال التعاون البحثي مع هواوي بسبب ما يدار حول سرقتها للأسرار التجارية وخشية من خسارة دعم الجهات الحكومية الأميركية.

ويخدم قرار ترامب عددا من أكبر المنافسين لهواوي من الشركات الأميركية خاصة شركتي أوركل وساب فيما يتعلق بمعدات وأجهزة إدارة قواعد البيانات الكبرى حول العالم.

دولة كبرى ضد شركة كبرى
تعتقد الولايات المتحدة أن المعدات المنتجة من قِبل هواوي الصينية، أكبر مورد لمعدات الاتصالات بالعالم وثاني أكبر شركة للهواتف الذكية، يمكن أن تستخدمها الحكومة الصينية للتجسس، لكن هواوي نفت هذه الادعاءات بشكل متكرر.

ودعم هذه الشكوك كون الشركة أسست عام 1987 على يد “رين زينغ في” المهندس السابق بالجيش الصيني والعضو السابق بالحزب الشيوعي.

وتطالب واشنطن حلفاءها الغربيين بعدم استخدام تكنولوجيا الشركة الصينية فيما يتعلق بتكنولوجيا الجيل الخامس من الاتصالات المعروف بـ “5G “.

وحذرت واشنطن عواصم أوروبية من أن من شأن التعاون مع هواوي أن يقلل حجم التعاون الاستخباراتي مع واشنطن، في وقت تعتمد فيه الكثير من الدول الأوربية على المعلومات التي تجمعها الاستخبارات الأميركية.

ويرى بعض الخبراء أن إدارة ترامب تعتبر السباق حول شبكة الجيل الخامس جزءا من سباق تسليح جديد ومتطور مع الصين.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.