حاطب ليل||د.عبداللطيف البوني

استحواذ أم إقصاء؟

شارك الخبر

(1)
أن يعلق المجلس العسكري الانتقالي المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير لمدة 72 ساعة نتيجة لقراءة يراها المجلس قد لغمت أجواء التفاوض ليس أمرا خطيرا، فمن قبل علقت قوى التغيير والحرية ذات المفاوضات، فأي مفاوضات في الدنيا تكون عرضة للتقدم والتراجع وللتأجيل وللتسريع، فالرفع والتأجيل للعملية التفاوضية أمر عادي، ولكن تبقى المسألة فيما بعد التأجيل، أي ساعة استئناف التفاوض؛ فإذا سارت المفاوضات على حسب ما هو مخطط لها، أي استؤنفت من مكان توقفها فيكون التأجيل قد أزاح العقبة التي أوقفت التفاوض، أما إذا حدث تراجع عما اتُّفق عليه يكون التأجيل قد أضر بالتفاوض. هناك كثيرٌ من الاجتهادات والتحليلات التي سعت لسبر غور تأجيل التفاوض من قبل المجلس العسكري لمدة 72 ساعة، وأنا هنا لا أود الخوض في هذه الاجتهادات، وترجيح بعضها، بل أود القول: دعونا ننتظر استئناف التفاوض فإذا انطلقت المفاوضات إلى الأمام وكُمِّلت بقية الأجندة يكون رفع التفاوض للأسباب التي عددها الفريق أول البرهان. أما إذا حدث أيُّ تراجع عما اتفق عليه قبل التعليق يصبح التعليق لا علاقة له بالأسباب المُعلنة، إنما لتدخلات من خارج غرفة التفاوض.
(2)
هناك اتفاق عام على أن البلاد طالت بها الفترة التمهيدية التي تسبق الفترة الانتقالية، وهي فترة حساسة (اليوم فيها بسنة) وأن الخروج من هذه المرحلة يجب أن يُقَدَّم على ما سواه، وعادة ما تكون هذه الفترة فترة انتظار وترقُّب، ولكن للأسف تطاولها كاد أن يجعل منها فترة حكم تتم خلالها تصفية الحسابات وبدون قانون. حتى الفترة الانتقالية كنا ومازلنا نتمنى أن تكون فترة تهدئة ويأخذ الجميع فيها أنفاسهم ليدخلوا المرحلة القادمة بلياقة عالية، لكي تكون فترة ديمقراطية مستدامة. عليه لكل الذي تقدم، دعونا نبتهل إلى الله أن يلتئم طرفا التفاوض في الموعد المحدد، وأن تمضي المفاوضات إلى الأمام وتدخل البلاد الفترة الانتقالية في بحر هذا الأسبوع، وبعد ذلك كل قرد يطلع شجرته، ويتحرك دولاب العمل، فبلادنا حالها يغني عن السؤال ويكفيها ما فاتها من فرص العيش الكريم.
(3)
ما تم الاتفاق عليه فيما يتعلق بمجلس الوزراء والجهاز والتشريعي، أعطى قوى الحرية والتغيير الحكم كاملا في المرحلة الانتقالية القادمة، وقد اعتبر البعض أن ذلك انفراد بالسلطة وإقصاء للآخرين، ولكن دعونا نقبل وصف الدكتور وليد مادبو بأنه استحواذ، فكلمة استحواذ تُعطي المستحوذ فرصة أن يبذل ما استحوذ عليه للجميع، فيخرج بذلك من خانة الإقصاء، فكل الذي نتمناه على قوى الحرية والتغيير أن تتجرَّد من ذاتها وتشكل حكومة كفاءات وطنية غير مُتحزِّبة بالمرَّة وتكون برلمانا من شخصيات سودانية، تستصحب في اختيارها الكفاءة ومكونات البلاد الاجتماعية والسياسية والجهوية والعرقية. خلاصة قولنا هنا أنه أمام قوى الحرية والتغيير فرصة تاريخية للخروج بالبلاد من وهدتها الحالية، وفي مقدورها الآن أن تُوجِّه قدراتها إلى بناء فترة انتقالية مُثمرة تقود البلاد إلى حياة مستقرّة ومزدهرة، ولكي تفعل ذلك نتمنى أن تسير بسير أبطئها أو معتدلها وليس بسير أسرعها، بعبارة أخرى تتجنب السير بسير مُتطرِّفها، فبلادنا في حالة هشاشة ورخو، فإذا سقطت سوف تتفرتق (حتة حتة). اللهم احفظ السودان وأهل السودان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.