تراسيم || عبدالباقي الظافر

لعبة حميدتي!

شارك الخبر

عرف الفريق حميدتي بصراحته في الحديث.. ربما بسبب أن وجها جديدا في الملعب السياسي المبتل.. ولربما لثقته الزائدة في نفسه بحيث لا يخشى عواقب الكلمة التي تماثل الرصاصة أن خرجت لن تعود لغمدها..على هذا النحو كان الفريق حميدتي نائب رئيس المجلس الانتقالي يتحدث في مؤتمر صحفي في خواتيم شهر أبريل الماضي.. حيث أكد أنه قام بدعم الخزانة العامة بمبلغ مليار ومائة وسبعة وعشرين مليونا من الدولارات.. قبل أن يسأل سائل: من أين له هذا؟.. مضى حميدتي مباشرة إلى المصدر حيث أشار إلى القوات السودانية في اليمن بجانب استثمارات أخرى في مجال الذهب.
لم تكن علاقة الفريق محمد حمدان حميدتي المولود في العام ١٩٧٥ عميقة بالرئيس البشير.. الشاب حميدتي حتى العام ٢٠١٠ لم يكن سوى أحد صغار الضباط في سلاح الحدود المرتكز في إقليم دارفور والذي كان قائده العميد (وقتها) عبد الفتاح البرهان.. ازدادت أهمية حميدتي حينما استعانت الخرطوم بخدماته من أجل مواجهة مد الحركات المسلحة في دارفور، وكذلك للحد من نفوذ ابن عمه موسى هلال قائد ميليشا (الجنجويد)، الذي استعصى على الخرطوم تدجينه.. تمكن الضابط الشاب من إنجاز المهمتين على أكمل وجه.. خاصة التصدي للحركات المسلحة مستخدما ذات تكتيك حرب العصابات الذي تجيده تلك الحركات.. بعد تلك الانتصارات اتخذ حميدتي موقعا مميزا في دائرة البشير الضيقة.
أمس الأول تحدث الفدية حميدتي بذات الصراحة في مناسبة إفطار جامعة كان من ضمن حضورها القائم بالأعمال الأمريكي والسفير السعودي وأفواج من قادة الإدارة الأهلية.. التي كانت تشكل احد أعمدة النظام حتى يوم الانتصار العظيم.. تحدث الفريق حميدتي بلغة تشبه طريقة الشهيد الزبير محمد صالح.. حيث كان النفس الديني حاضرا في الخطاب من حيث الاستدلال بالآيات والأحاديث.. أو في الجانب الآخر عبر الادعاء بأن كل ما يقوم به يبتغي به وجه الله تعالى وجل.. بلغت مماهاة حميدتي للنظام السابق حينما اعتمد ذات الإحصاءات التي تشير إلى أن عضوية المؤتمر الوطني تقدر بسبعة ملايين مواطن وهو زعم قد ثبت خطله بعد الثورة.
لكن الأهم أن حميدتي قد تحدث صراحة أنه ضد العزل السياسي أو الإقصاء.. بل كان واضحا في مطالبته بحكومة من التكنوقراط غير المنتمين إلى حزب حتى تتحقق الاستقلالية الكاملة وعدم الانجراف في اتجاه المشاعر الثورية.. إذا عدنا لاجتماعه بوفد من تيار نصرة الشريعة حيث منعهم من الخروج في مسيرة في وقت سابق.. نقل الوفد لأنصاره أن نائب رئيس المجلس الانتقالي قد أكد لهم أن الشريعة خط أحمر.. إذا ربطنا كل ذلك بحديث الشيخ عبد الحي يوسف في خطبة الجمعة الماضية حيث أفاد أن بعض أعضاء المجلس الانتقالي قد نقلوا له تحفظا على الاتفاق الموقع بين مجلسهم وتحالف الحرية والتغيير، وعبر كل ذلك يمكن قراءة أن العسكر ليسوا ميالين لتغيير شامل يعبر عن روح الثورة واتجاهات الشباب الثائر.

في تقديري.. أن العسكريين وبحكم صلاتهم السابقة بالنظام المعزول وعلاقتهم الوثيقة برموزه وبحكم تربيتهم المحافظة لن يكونوا على استعداد كبير لتصفية أركان الدولة العميقة.. كما أنهم سيركزون على الإمساك بمفاتيح الأمن والسلامة عبر الهيمنة على مجلس الأمن الوطني.. عبر تلك الآلية لن يتحقق تغيير كبير في التحالفات العسكرية.. لن يعود أبناؤنا من اليمن.. بل سيتم الضغط على القيادة المدنية للانتقال بشكل كلي نحو الحلف الثلاثي (الإماراتي السعودي المصري).
بصراحة.. للأسف لن يكون بمقدور الثورة تحقيق كثير من أهدافها.. العسكر تمكنوا من شق الصف المدني بمهارة.. نجم المرحلة القادمة سيكون الفريق حميدتي.. بصراحته المعهودة سيجيد دور الابن القبيح في إيصال الرسالة.. إفطار أمس الأول كانت الحلقة الأولى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.