قوش في المشهد.. تفاصيل خاصة جداً

الخرطوم: السوداني

في توقيت هو الأسخن في تاريخ الأمة السودانية، عاد مجددا أحد رموز النظام السابق لتصدُّر المشهد، فبدلا عن أنه قائد للتغيير في موقف القوات النظامية لتنحاز إلى الثورة – حسب افادات المجلس العسكري المتعددة – برز الفريق أول صلاح عبد الله قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق في المشهد كمتهم تطارده النيابة بمزاعم (الثراء الحرام). كثيرون لم يُفاجأوا لجهة أن خطوة الاتهام استبقتها حرب شرسة ظل يتعرض لها الفريق أول صلاح قوش خلال فترة رئاسته لجهاز الأمن الوطني في حقبة المخلوع البشير، وعقب تقديم استقالته للمجلس العسكري الانتقالي بعد الثورة.

تفاصيل التوقيف
ذكر بيان صادر عن نادي أعضاء النيابة العامة أمس، أن قوة من جهاز الأمن الوطني المكلفة بحراسة منزل قوش تصدت لقوة من الشرطة برئاسة ضابط برتبة العميد وبإشراف مباشر من وكيل أول النيابة ووكيل النيابة المختص لتنفيذ أمر قبض لقوش وتفتيش منزله. ولم يتسنَّ لنا الحصول على تعليق فوري حول ذلك من إدارة الصحافة بدائرة إعلام جهاز الأمن الوطني؛ فيما أفادت مصادر (السوداني) بموقع الحدث أن القوة الموجودة أمام منزل قوش لم ترد إليها أية أوامر وتعليمات بخصوص طلب النيابة، وأن قوش في إقامة جبرية وممنوع زيارته أو الدخول إليه وفقاً للتعليمات العسكرية التي تسلموها.

مصادر النيران
المطالبات بملاحقة قوش انطلقت من ثلاث منصات بحسب المراقبين، الأولى من منصة إعلامية ومواقع إسفيرية خاصة بالإسلاميين الذين ظلوا طيلة الفترة التي تلت إسقاط النظام يتهمونه (بالخيانة) والعمل على تصفية التجربة الإسلامية. أما المنصة الثانية فيعتقد المراقبون أن الفريق طه عثمان – غريم قوش – يحركها من وراء ستار للتضييق على قوش ووضعه قيد الإقامة الجبرية تمهيداً لسجنه ومحاكمته لاحقاً. أما المنصة الثالثة فمن قبل قوى الثورة التي تطالب بتوقيف الرجل والتحقيق معه حول مقتل شهداء الثورة الذين سقطوا برصاص القوات النظامية والمليشيات، إبان التظاهرات. ليفتح ذلك الباب أمام تساؤلات عديدة أهمها: لماذا تحول الرجل إلى طريد من قبل النيابة والإسلاميين وقوى الثورة؟ وهل كان قوش فعلاً قيد الإقامة الجبرية كما ذكر المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي؟!

أين قوش؟
ذكرت وسائل إعلام محلية وأجنبية أن الفريق قوش يقوم بجولة خارجية شملت مصر والولايات المتحدة ومن المقرر أن يكون قد وصل إلى الإمارات العربية، ولم يتم التأكيد على وجه الدقة من أي من البلدان المذكورة أو سفاراتها بالعاصمة الخرطوم حول ما إذا كان قوش قد وصل إلى هناك فعلا وأجرى محادثات مع مسؤوليها؛ لكن مصادر أخرى استبعدت مغادرة قوش إلى خارج البلاد، وأبلغت مصادر موثوقة (باج نيوز) أن مدير جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله موجود في السودان، ولم يسافر إلى الخارج. ونقل الموقع عن المصادر قولها إن قوش الذي أسهم في التغيير الماثل، قطع اتصالاته مع المجلس العسكري الانتقالي بصورة تامة، مشيرة إلى أنه بعد حديث الناطق باسم المجلس الفريق شمس الدين كباشي بأن “قوش قيد الإقامة الجبرية” في رده على أحد الأسئلة الصحفية، قطع اتصالاته مع المجلس واختفى في “مكان آمن” على حد وصف المصادر.

أخطر تقرير
مصادر عدَّة في حديثها لـ(السوداني) وصفت العلاقة بين قوش والمنظومة السياسية للنظام السابق، بأنها كانت متوترة ويحيط بها التربص المتبادل.
وأكدت ذات المصادر أن العلاقة بين قوش والرئيس المخلوع عمر البشير شهدت في الأيام الأخيرة توتراً شديداً، بسبب ما قالت المصادر إنها لتقارير من جهة “ما” تحدثت عن علاقة وطيدة بين الفريق قوش وقائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، بجانب اتصالات قوش بتجمع المهنيين السودانيين والشخصية الأبرز فيه د. محمد يوسف أحمد المصطفى، فضلاً عن اتصالات أجراها قوش مع قيادات الحزب الشيوعي، والمؤتمر السوداني والبعث وحزب الأمة القومي.
وذكرت مصادر – فضلت عدم ذكر اسمها – لـ(السوداني) أمس، أن التقرير الذي وصل البشير، كشف عن لقاءين جمعا الفريق قوش برئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وأن اللقاءين بحثا إمكانية عودته في إطار تسوية سياسية وسلام شامل، بجانب اتصالات أجراها قوش مع الحركات المسلحة المنضمة لقوى نداء السودان وهي التي أكدها رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي في مقابلة صحفية الأيام الماضية، حيث كشف عن اتصالات بينهم وقوش بدأت عام 2018م وأن التفاهمات التي تمت معه أُوقفت من قبل أمين حسن عمر. وأكد مني أن قوش كان ينظر للحكومة السابقة بأنها سيكون لديها مزيد من الفشل وعدم القدرة للسيطرة على أوضاع البلاد. وأكدت المصادر أن التقرير الذي زُوِّدَ به البشير عن أنشطة قوش التي تجري دون علم الرئاسة، كشف عن تخطيط قوش لنقل مركز السلطة وقيادة البلاد من شمال السودان لغرب السودان، وأنه كان يرى أن تكون بداية التداول عبر رئاسة الفريق حميدتي للبلاد في إطار سلام شامل لتعزيز الانتقال المفاهيمي وفق قواعد الثورة.

ما قبل السقوط
الليلة التي سبقت يوم الحادي عشر من أبريل، التي أُذيع فيها بيان الفريق أول ركن عوض بن عوف بانحياز اللجنة الأمنية للثورة، كانت تلك الليلة مليئة بالتوتر، بحسب رواية المحلل العسكري د. محمد إلياس، المقرب من المؤسسة العسكرية، الذي قال في تعليقه لـ(السوداني) إن تلك الليلة تحديداً التي كان من الممكن أن يكون فيها السودان أو لا يكون. ويؤكد إلياس أن الرئيس المخلوع عمر البشير، طلب من الفريق قوش فض الاعتصام بالقوة، غير أن قوش تصدى لطلبه بحزم ورفض شديد لما سيترتب على ذلك من أحداث كارثية ستعصف بالبلاد وتمزق وحدة أبنائها. ويعتقد الياس أن قوش خرج من البشير وهو أكثر قناعة بضرورة إزاحة البشير ونظامه عن السلطة، خاصة بعد اشتباك لفظي وقع بينه وأحمد هارون، بعد أن أيقن البشير استحالة تنفيذ قادة الأمن والدعم السريع والشرطة لقراره بفض الاعتصام مهما كلف من خسائر. وكان أحمد هارون بحسب الياس مصراً على تنفيذ القرار الأمر الذي دفع قوش لإنذاره بعدم تدخل أي جهة مدنية أو كتائب مليشيات مسلحة لفض الاعتصام. وقال الياس إن قوش أخطر هارون بأنه حال أقدموا على فض الاعتصام فإن جميع القوات النظامية ستواجههم بالردع المسلح. وقريباً من رواية الياس كشف زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في مؤتمر صحفي سابق، أن الفريق قوش رفض حديث أحمد هارون بصدور أوامر لفض الاعتصام خلال اجتماع للمهدي وبعض قيادات المعارضة مع قوش وهارون. من جهة ثانية، أكدت مصادر مطلعة أن قوش أقنع قادة الأجهزة النظامية بضرورة تنحي البشير، وأن قائد ثاني قوات الدعم السريع اللواء عبد الرحيم دقلو قد أدى دورا محوريا في تنفيذ خطة إنهاء حقبة البشير. وأكدت مصادر عسكرية عملت في مقر إقامة الرئيس المخلوع، أن قائد الحرس الرئاسي السابق وافق على تنفيذ الأوامر عقب اجتماعه بالفريق قوش، وجرت عملية إبدال الخدمات السبع التابعة للحرس الرئاسي بسلاسة، بواسطة قادة قوة مشتركة من الجيش والأمن والدعم السريع، حيث تم الاتصال بعد ذلك بالفريق البرهان للذهاب مع ضابطين آخرين بالأمن والدعم السريع لإخطار البشير بقرار اللجنة الأمنية عزله والانحياز للثورة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.