كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة أحمد تقد لسان لـ(السوداني):الدعم السريع شكلت حضورا ملموسا في عملية التغيير

 

 

الخرطوم: سوسن محجوب

لطالما أنهى بكلمة منه كثيرا من جولات التفاوض مع ممثلي النظام البائد لقناعته بأن أي اتفاق لا يساوي الثمن الغالي المدفوع من الدم والدموع بدارفور لا جدوى منه؛ (السوداني) حاورت عبر الهاتف كبير مفاوضي حركة العدل والمساواة أحمد تقد لسان من مقر إقامته بالعاصمة البريطانية لندن حول ما يدور في الساحة الآن وموقف حركته في سياق قوى إعلان الحرية والتغيير ورؤيتهم لتطورات الأوضاع في الأرض، وما تقوده الإمارات من مبادرات في سياق السلام، فضلا عن موقفهم من الدعم السريع.

بعد سنوات من ثورتكم المسلحة، انهار النظام بثورة سلمية لا عبر البنادق ما تعليقك؟

صحيح، الحراك الأخير ساهم بصورة كبيرة في إسقاط النظام ولكن هناك جملة عوامل ساهمت مع بعضها وأدت لتلك النتيجة النهائية فالثورة الحالية نتاج طبيعي لتراكم عمل متواصل ضد نظام الإنقاذ لسنوات طويلة، وكان للثورة المسلحة القدح المعلى في تركيع وإيصال النظام للمرحلة الأخيرة.
كيف ذلك؟
النظام ظل يقاتل لسنوات طويلة ويخصص موارد ضخمة لحماية نفسه من الحركات المسلحة، فضلا عن الضغط الدولي أيضا؛ كل ذلك ساهم في خلق مناخ ملائم للخطوة الأخيرة.
بالتالي ليس صحيحا أن الثورة المسلحة ليس لها دور فيما خلص إليه الوضع الآن.
حاليا على الأرض تغيرت المعادلة وظهر مجلس عسكري انتقالي مؤقت.. هل تواصل معكم؟
نحن جزء لا يتجزأ من المكون الذي يفاوض المجلس، وتواصلنا يتم عبر الجسم الرسمي الذي يعبر عن المعارضة الرئيسية في البلاد المدنية والمسلحة هذا جانب.. أما الجانب الآخر لدينا بعض الأطراف من قيادات الحركة بالداخل التقوا بقيادات المجلس أسوة بما جرى من لقاءات ما بين المجلس والقوى السياسة والوطنية الموجودة في البلاد ونحن جزء من العمل المعارض، لذا تواصلنا مع المجلس من هذا المنطلق ولكن مواقفنا الرسمية سلمت للمجلس عبر لجنة الاتصال التي حددها قوى الحرية والتغيير.
رغم أنكم ضمن مكونات الحرية والتغيير لكن لم يشارك وفد من الحركات المسلحة في وفدها المفاوض، هل تركتم المهمة للجانب المدني؟
ليس صحيحا، نحن لم نترك المهمة لقوى الحرية والتغيير، قوى التغيير تتحرك وفق توجيهات القيادة العليا للكتل المكونة للقوى، نحن على تواصل مستمر واجتماعات مستمرة على مستوى الجبهة الثورية وعلى مستوى نداء السودان باعتباره جزءا من كتلة الحرية ونساهم مع الآخرين في رسم السياسات واتخاذ المواقف وتوجيه الوفود التي تتصل بالمجلس. بالتالي نحن لسنا بعيدين من الجسم الرئيسي ولم نترك المهمة للجانب المدني، نحن جزء من الوفد الذي يفاوض المجلس ولدينا أفراد يعبرون عن الموقف الكلي لمكونات الحرية والتغيير وبالتالي مواقفنا مترجمة في موقف الحرية والتغيير.
هل ستوافقوان على ما يمكن أن تتوصل إليه مفاوضات قوى التغيير مع المجلس العسكري الانتقالي؟ وهل يطلعكم الوفد على مجريات التفاوض؟

الوفد المفاوض لا يعبر عن نفسه، بل يعبر عن رأي مكوناته، وبالضرورة ما يتم التوصل إليه سيتم عرضه على الاجتماع القيادي لقوى الحرية والتغيير، وإذا أمن الاجتماع على ما تم في التفاوض مع المجلس العسكري سيتم اعتماده لأنه يعبر عن موقفنا في الحركة وإذا رفض من قبل “القيادي” أيضا هو موقفنا، ولكن حتى هذه اللحظة الوفد المفاوض فقط “ساعي بريد” ينقل الموقف الرسمي لمكونات الحرية والتغيير إلى المجلس ومن ثم يعود بما يسمعه من المجلس هذا هو الموقف الواضح للحركة.
هل ما قاله زعيم الحركة د. جبريل إبراهيم في تغريدة له عن قوى التغيير وما يجري هو موقف الحركة؟
أعتقد أن د. جبريل عبر عن موقفه بصورة واضحة وفصل ما بين موقف الحركة وتعليقاته الشخصية في تلك “التغريدة”. للحركة مؤسسات وهي التي ستتخذ القرار الذي يعبر عن الحركة في كل المستويات، هذا لا يمنع الأفراد في التعبير عن رأيهم حتى وإن اختلف رأيهم الشخصي عن الموقف الرسمي للحركة، وبالتالي جاءت التغريدة من هذا المنطلق تعبيرا عن موقفه الشخصي.
داخل قوى التغيير هل اتفقتم على أوزان مكوناتها بالتالي ونسب مشاركة كل مكون؟
أبدا، قوى الحرية صحيح بها كتل متعددة مثل نداء السودان والتجمع الاتحادي وغيرها، ولكن هذه الكتل لم تتفق بعد على تحديد أوزان المكونات المختلفة حال تم التوصل لاتفاق بين وفد الاتصال مع المجلس في كيفية توزيع الحقائب الوزارية والمقاعد في المستويات التشريعية، ولكن هذا الأمر قيد البحث بين مكونات قوى الحرية والتغيير، ولم يتم التوصل إلى اتفاق حول طبيعية الأوزان وطبيعة المحاصصة في المؤسسات التي ستنتج من الاتفاق مع العسكري، وأعتقد هذه واحدة من “الإشكالات” التي تواجه كتلة قوى الحرية في كيفية توزيع الحصص والأوزان، وأحسب ألا يكون هذا الأمر مؤشرا “لتفتيت” الكتلة أو عدم التوصل إلى توافق لأن الكتلة نفسها أتت بعد مخاض عسير من الجدال والنقاش وتم إنتاج الموقف الحالي كنتاج طبيعي للوصول إلى الحد الأدنى من الوفاق، ولكن الدخول في بعض القضايا تفصيلية ربما تعصف بهذه القوى إذ لم تنتبه لضرورة عبور المرحلة الحالية من منطلق الموقف الموحد.
هناك مخاوف من تدخل محور الخليج في الشأن السوداني بعد التغيير الذي حدث؟
بالنسبة للمحور الخليجي هناك رغبة في طرح مبادرة عربية تقودها الإمارات والسعودية ومصر، لم تتبلور هذه المبادرة بشكل كامل حتى هذه اللحظة وليست لدى تفاصيل كاملة، والمتابع للمشهد السياسي السوداني لا يستطيع إبعاد الأطراف لدولية والإقليمية عن ما يجري في الساحة. هناك “اطراف أدت دورا كبيرا” في التغيير الماثل ولديها تأثير مع بعض الأطراف المؤثرة من قوى التغيير. بالتالي العامل الخارجي له دور في الشأن السوداني، والخيار لشعب السودان في إذا ما كان يريد أن يحسم قضاياه بمعزل عن أي تدخل خارجي أم سيستمر العامل الخارجي “عاملا إضافيا” في المشهد السياسي السوداني. ما نلاحظه أن هذا الأمر موجود الآن، وهذا واقع لا يمكن تجاوزه ونرجو أن يكون عاملا مساعدا لإرادة الشعب ويقود لتحول البلد من مرحلة الدكتاتورية إلى مرحلة الحرية والسلام والعدالة والمساهمة في ترجمة شعارات الثورة الحالية إلى واقع ملموس يشاهده الناس في السودان ويستفيد منه الشعب وبالتالي نتطلع إلى أن تكون المسألة الخارجية مساعدة للعامل الداخلي بدلا عن أن تكون خصما على مشروع الشعب السوداني. المؤكد أن الشعب السودان أكثر وعيا في أن تمر عبره كثير من الأجندات الخارجية وهو ممسك بزمام الأمر بغض النظر عن العامل الخارجي سواء كان إقليميا أو دوليا، كل المجتمع الدولي له دور لأن السودان ليست جزيرة معزولة كما أنه أدى دورا كبيرا في المشهد السياسي السوداني طوال العشرين سنة الماضية من دعم إنساني للملايين من المواطنين السودانيين ومحاصرة النظام وتقديم العون الإنساني والمساهمة في حل مشاكل البلاد في عدد من المنابر الخارجية سواء إفريقيا أو أوروبا أو العربية، وبالتالي قضايا السودان تهم الأمن والسلم الدوليين، وبالتالي لا يمكن عزل السودان من المحيط الخارجى وبالتالي “التدخل” يأتي من هذا الجانب.
على الرغم من سقوط النظام ما يزال لديكم معتقلون وماذا عن النازحين واللاجئين؟
نعم، ما يزال هناك العديد من المعتقلين في السجون، وأسرى لم يتم إطلاق سراحهم وهناك عدد كبير من المفقودين لم يتم الكشف عن أماكنهم والإجابة عن أين هم؟ نعتقد الآن أنه لا يوجد سبب لإبقاء منسوبي هذه القوى بأن يكونوا في السجون في الوقت الذي تغير فيه النظام على الأقل تغييرا شكليا. إطلاق سراحهم ومعرفة مكان المفقودين ضرورة لتهيئة المناخ المعافى والبيئة الصالحة للبحث عن سلام حقيقي ويدفع الآخرين من القوى المسلحة للتوجه نحو السلام بقلب مفتوح وإرادة سياسية، ولكن في ظل التعنت الموجود والاحتفاظ بالأسرى والمعتقلين يرسل إشارات سالبة للقوى المسلحة وربما تتخوف من أن النظام سقط بشكل كامل، لذلك نحن نتطلع وندعو المجلس العسكري أن يتخذ القرار اليوم قبل الغد في إطلاق سراح كل معتقلي القوى الحاملة للسلاح والكشف عن أماكن المفقودين حتى نتوصل لمعالجات حقيقية لهذا الملف.
هل ما زلتم على موقفكم من أن يُقدَّم المتهمون في جرائم حرب إلى الجنائية أم إلى محاكم محلية؟
قضية العدالة قضية جوهرية، فلن يكون هناك سلام كامل ما لم تتحقق العدالة ولا يمكن أن نعبر فوق جراحات الضحايا بأي حال من الأحوال بـ”إجراءات شكلية” هنا وهناك في الداخل السوداني، السبب الذي أتى بالمحكمة لجنائية الدولية هو عدم رغبة النظام السابق في تحقيق العدالة الجنائية وإنصاف الضحايا، إذا توفرت البيئة الصالحة والإرادة الحقيقية من حكومة وطنية قائمة على الإرادة الشعبية تستطيع أن تحقق العدالة ليس هناك معنى للجنائية الدولية، فنظام روما الأساسي يعطي الأولوية للنظام الوطني وفي حال مقدرة النظام على تحقيق العدالة بمطلوباتها الدولية يسقط أى دور لجنائية، لكن حتى هذه اللحظة نحن لم نرَ الجدية الكافية من “المجلس”. نتطلع أن تتشكل حكومة وطنية قادرة على أن تحقق العدالة وتنصف الضحايا. والمحكمة الجنائية الدولية لن تكون بعيدة عن الإجراءات الوطنية وستظل تراقب الموقف عن كثب وتضمن أن الجرائم التي وقعت في دارفور تحديدا ومناطق أخرى تصل للمحاكم ويُقدَّم المتهمون للمحاكمة ويُنصف ضحايا جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي وقعت في دارفور، لذلك فإن الأولوية الآن للمحاكم الوطنية إذا توفرت الإرادة وإذا لم تتوفر فان المحكمة الجنائية الدولية ستكون “الملاذ الأخير” لإنصاف الضحايا، لكن الموشرات الحالية غير مطمئنة ولم نطمئن حتى هذه اللحظة بأن القادة المطلوبين للجنائية رهن الاعتقال إذ لم يتم عرضهم على وسائل الإعلام ولم يأتِ دليل كافٍ يثبت بأنهم قيد الاعتقال.

وهل ستوافقون على وجود قوات الدعم السريع ضمن حكومة الفترة الانتقالية؟

قوات الدعم السريع وبحكم الأمر الواقع أصبحت جزءا من القوات المسلحة، وشكلت حضورا “ملموسا في عملية التغيير”، بل هي التي تقوم “بأعباء ومهام” القوات المسلحة في الكثير من المواقع، بغض النظر عن رأي الناس فيها هذه القوات موجودة ولا يمكن أن تغيب من المسرح السياسي، السودان في حاجة إلى ترتيبات أمنية شاملة لاستيعاب كل العناصر المسلحة في جيش وطني يعبر عن طبيعة وتكوين الشعب السوداني.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.