إليكم … الطاهر ساتي

نفض الأتربة ..!!

شارك الخبر

:: رغم الحُزن العميق على شهداء 28 رمضان، ورغم التوجس من فقد بلاد تمر بأخطر (منعرج)، ورغم أن كل العقول السياسية والعسكرية عاجزة عن تخطي (المتاريس)، يجب أن تبقى جبال الأمل والعزيمة في نفوس الناس راسخة و شامخة .. لهم الرحمة والمغفرة بإذن الله، لقد فقدنا بعض شبابنا يوم فض الاعتصام، فأصبح العيد بطعم الحنظل، بعد أن كنا الأقرب إلى الاحتفال بـ ( عيدين)، عيد الفطر وعيد الانتقال إلى مرحلة الحكومة الانتقالية .. ومع ذلك، يبقى الأمل والعزيمة .. !!
:: وعلى سبيل الحكي، من أساطير اليونان، يُحكى أن أحد الزراع كان يتباهى بحصانه إلى أن وقع ذات يوم في بئر عميقة .. وظل يجهش بالصهيل الحزين في قاع البئر، ثم يرسل أنيناً يفطر القلب ويمزق الكبد من وطأة الألم ..وظل المزارع يجتهد في التفكير لينقذ حصانه من البئر، ولم يفلح.. ثم فجاة فكَّر في أمر آخر.. إنقاذ الحصان لم يعد مهماً، خاصة وأنه صار عجوزاً وغير قادرٍ على العطاء، وأن تكلفة إخراجه من البئر تساوي تكلفة شراء حصان آخر، ثم أن البئر جافة منذ زمن، و بحاجة إلى الدفن، وليس له تكلفة دفنها..!!
:: أي ذهب التفكير بالمزارع إلى اتجاه التخلص من الحصان مع دفن البئر.. استنجد بجيرانه طالباً مد يد العون في دفن البئر بحصانها.. لبوا النداء بالحفر ثم جمع التراب وإلقائه في البئر بجد واجتهاد .. تأثر الحصان في بادئ الأمر بما يفعلون، حيث أخذ في الصهيل بصوت عالٍ ومغلف بالألم.. ولكنهم تجاهلوا صهيله الحزين، ولم يكترثوا لوجعه الخرافي، ولم يبالوا لحياته الغالية.. فالمطلوب منهم دفنه حياً ليموت وتُدفن البئر.. وبعد زمن من صب التراب في البئر، تفاجأ الزراع بانقطاع صهيل الحصان، فذهب بهم الظن إلى أنه نفق تحت ركام ترابهم..!!
:: ونظر أحدهم إلى جوف البئر، وصعقه المشهد.. رأى الحصان واقفاً يهز ظهره كلما سقطت عليه أتربة المزارعين، فتنزل الأتربة من ظهره على أرض البئر، ليقف عليها الحصان ويرتفع خطوة للأعلى .. وهكذا .. هم يلقون بالتراب في البئر، فيقع التراب على ظهر الحصان، ويهز الحصان ظهره ليقع التراب على الأرض، ويقف عليه الحصان و يرتفع خطوة نحو سطح البئر ..وحين اكتمل الجهد الذي مكنهم من دفن البئر، تفاجأوا بالحصان يقف قاب قوسين أو أدنى من سطح الأرض.. ثم قفز برشاقة إلى حيث هم يقفون بمعاولهم، ثم غادرهم وهو يهز ظهره لينظفه من غبار ترابهم .. وعاش (حراً طليقاً)..!!
:: انتهت الحكاية، ولكن حياة الناس ( لم تنته)، لأنها لا تتوقف في محطة حزن للأبد.. حياة الناس كما حصان في قاع البئر.. فالحياة دائماً ما تلقي على ظهور ونفوس الناس بالأوجاع والأحزان، كما فعل أولئك الزراع.. ولكي تعيش حراً طليقاً، يجب عليك أن تفعل كما فعل ذاك الحصان المثابر.. بمثابرته هزم أوجاعه وأنقذ نفسه من قاع البئر.. لا تقلق مهما كان واقع حالك، ولا تستسلم لليأس مهما كان عمق قاع ظرفك.. وتعلم نفض أتربة الأوجاع والأحزان من (ظهر قلبك)، لترتفع بروح المثابرة – خطوة تلو الأخرى- نحو الهواء الطلق ..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.