خيارات أمريكية وعقوبات إفريقية.. (العسكري) في مرمى النيران

الخرطوم: شهدي نادر

(تحتفظ الولايات المتحدة بعدة خيارات مفتوحة حال رفض المجلس العسكري الانتقالي تسليم السلطة إلى حكومة مدنية تلبي تطلعات الشعب السوداني).. هكذا ذكر مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية خلال المؤتمر الصحفي بأديس أبابا ما فتح الباب للتكهن حول الخيارات التي من الممكن أن تستخدمها الولايات المتحدة تجاه عسكر السودان.

مهلة إفريقية
وبينما تحاول الوساطة الإفريقية إيجاد حلول في ظل تمسك كل طرف بمواقفه رافضا التنازل للآخر بغية العبور بالأزمة التي من الممكن أن تستفحل وستكون خسائرها أكبر على المجلس العسكري الذي تنتهي المهلة الممنوحة اليه من قبل الاتحاد الإفريقي في الـ30 من يونيو الجاري، كما أفاد المحلل السياسي د.الحاج حمد في حديثه لـ(السوداني) بأنه عقب انتهاء المهلة دون تسليم السلطة للمدنيين سيضع الاتحاد الإفريقي الملف الخاص بالسودان على منضدة مجلس الأمن الدولي الذي يمكن له بحسب قانونه التدخل تحت البند الرابع. حمد يقول إن الاتحاد الإفريقي مبكرا حسم أمر تقلد العسكر للسلطة في القارة واعتبره احتلالا.
بالمقابل، أوضح مساعد وزير الخارجية الأمريكي تيبور ناج خلال مؤتمر صحفي عقده بأديس أبابا الجمعة أن بلاده تطمح في رؤية حكم مدني بعدما رزح السودان تحت سياط القمع والدكتاتورية لـ30 عامًا قبل أن يؤكد دعم بلاده لجهود الوساطة الإفريقية ووساطة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بصفته رئيسًا للإيقاد.

تخوف أمريكي
تخوف أمريكي من استئساد العسكر بحكم البلاد وسرقة ثورة الشعب وكذلك من حدوث فوضى في السودان على غرار ما يجري في ليبيا وهو سيناريو يراه حمد مستبعدًا لجهة التزام المعارضة بأسلحتها السلمية حتى المعارضة المسلحة جاءت وأياديها بيضاء رغم محاولات أجهزة النظام السابق مرارا جرها إلى العنف في موقف يحسب لها ويسبب حرجاً للطرف الآخر الذي يبدو اضعف في مواجهة الأسلحة السلمية في الداخل وكذلك من خلال الضغوط التي سيطوقه بها المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة في الخارج. حمد يقول لـ(السوداني) إنه لا ينبغي على المجلس العسكري تجاهل ما قاله مساعد وزير الخارجية الأمريكية من خلال المعطيات الراهنة على الواقع السوداني.

أسلحة مجربة
لأمريكا أسلحة يمكن أن تستخدمها لإجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة للمدنيين، حيث ينبه الحاج حمد إلى أن النفوذ الأمريكي ممتد في السودان ومتجذر حتى داخل دهاليز الأجهزة الأمنية فيما عرف سابقا بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، حيث يبقى صاحب صوت مسموع وقرار نافذ.
المحلل السياسي الحاج يرى أن بإمكان الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على السودان كدولة بالإضافة إلى عقوبات فردية وسلاحها هذا مجرب على عدد من الدول التي من ضمنها السودان الذي خرج لتوه من العقوبات ومن الممكن العودة إليها وبشكل أقسى مما كانت عليه أسوة بدول رضخت في النهاية أو انهارت.

استبعاد الحرية والتغيير
تحليلات أخرى ترى أن ثمة حيلا يمكن أن يلجأ إليها المجلس العسكري لتشكيل حكومة في ظل إصرار الحرية والتغيير على عدم الجلوس مع من تعتبرهم ملوثي الأيادي بدماء الشهداء في مجزرة 3 يونيو أو الاثنين الأسود، وذلك عبر انتخاب قوى سياسية غير منضوية تحت لواء قوى الحرية والتغيير، وهو ما يتعارض مع الموقف الأمريكي الذي بدا من الواضح دعمه للأخيرة من خلال اقتصار لقاءات مساعد وزير الخارجية الأمريكية مع قادة الحرية والتغيير وقبله الوسيط الإفريقي الذي اقتصرت لقاءاته على قوى الحرية والتغيير، باعتبارها من قادت الشارع واستطاعت الوصول به لأبواب القيادة العامة للجيش، ما دفع بعض القوى السياسية على غرار تيار نصرة الشريعة والقانون للتظاهر أمام السفارة الإثيوبية بالخرطوم للفت الانتباه لوجودها وعدم استثنائها من التفاوض وهو ما لم يكن حتى اللحظة.

إجماع مطلوب
تشكيل حكومة انتقالية بدون قوى إعلان الحرية والتغيير يعجل بفشلها وسقوطها في امتحان المهام وهو ما يتفاداه المجلس العسكري كما يقول المحلل السياسي د.حسين كرشوم في حديثه لـ(السوداني)، مضيفا أن المجلس العسكري يسعى لتشكيل حكومة تحظى بإجماع القوى السياسة لمساندة الحكومة وإنجاحها في مهامها خلال الفترة الانتقالية، لأن تشكيل حكومة لا تضم غالبية القوى الموجودة على الساحة السياسية يصنع لها المعارضة التي ستعكر أجواء الميدان السياسي.
ويؤكد كرشوم أن المحك الحقيقي ليس فيما يمليه المجتمع الدولي، وإنما الداخل حيث أنه في أمس الحاجة لحكومة تحتوي غالبية الكتل السياسية.

من خارج المجلس
يبدو أن المجلس العسكري مطمئن لعدم المساس به من قبل مجلس الأمن بالاعتماد على دول عرفت بقربها من السودان كالصين وروسيا حيث بإمكانهما استخدام حق النقض الـ(فيتو) لتعطيل أي قرار يهدف لمعاقبة السودان. ويقول المحلل السياسي د.صلاح الدومة في حديثه لـ(السوداني)، إن الولايات المتحدة بمعية بعض دول الاتحاد الأوروبي شكلت مجموعة ضغط خارج إطار مجلس الأمن، وأصبحت تتحرك من خلاله بالأخص فيما يخص الأزمة السودانية وبإمكانها فرض عقوبات أشد من تلك التي يفرضها مجلس الأمن وصولا للحصار الكامل في ظل تعنت المجلس العسكري وتهاونه في حسم أمر نقل السلطة للمدنيين.
بينما يرى آخرون أن عقبة روسيا والصين والفيتو المتوقعة حال تم استهداف المجلس العسكري جعل الدول المهتمة تعمل بكل قوتها خارج نطاق مجلس الأمن على دعم ما يقرره مجلس السلم والأمن الإفريقي، بالتالي فإنما سيرفعه من تقارير من شأنها أن تجد العمل قياسا على تجربة احتلال العراق التي لم تحتج فيها واشنطن لموافقة مجلس الأمن بل سعت لتحالف دولي خارج نظاقه.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.