حذر منه مبعوث واشنطن السيناريو الليبي في السودان.. احتمالات التكرار

الخرطوم: هبة علي

التعنت السياسي وعرقلة استئناف عملية التفاوض بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري لتسليم السلطة إلى المدنيين لم يعد يثير القلق المحلي والإقليمي فقط بل أصبح قضية دولية يترقب المجتمع الدولي حلها بآليات تدرجت من المبادرات والوساطات إلى الضغوط نسبة للاحتمالات التي تقود لتكرار السيناريو الليبي في السودان الأمر الذي سينعكس سلبا على أمن المنطقة العربية والإفريقية باعتبار أن الفوضى تمثل البيئة المثالية للجماعات الإرهابية المهددة للأمن الدولي فضلا عن اتجاه المجتمع الدولي لدعم التحول الديمقراطي في المنطقة، فهل يمكن انتقال السيناريو الليبي إلى الخرطوم؟

ماذا قال الأمريكي؟
مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية تيبور ناج حذر من انزلاق السودان في الفوضى وتكرار السيناريو الليبي في حال رفض المجلس العسكري في السودان تسليم السلطة لمدنيين، مؤكدا أن أمريكا تحتفظ بعدة خيارات مفتوحة إذا رفض العسكري.
وقال ناج في مؤتمر صحفي عقده بِمقر السفارة الأمريكية بأديس أبابا أمس الأول بحسب مصادر إعلامية؛ قال إن هناك جماعات مُخربة بين الأطراف السودانية تسعى إلى الفوضى وإعادة إنتاج السيناريو الليبي في السودان واستغلال الأوضاع لمحاولة إعادة النظام المخلوع مؤكداً رفضهم لعودة النظام السابق بأي صورة كانت.
وأكد ناج أن الولايات المتحدة ليست لها أية أجندة في السودان سوى رؤية حكم مدني في بعد 30 عاما من الدكتاتورية، وقال: “أوضحنا للمجلس العسكري بجلاء وصراحة أن هدفنا هو نقل السلطة إلى مدنيين”، مُعلنا دعم الإدارة الأمريكية لجهود الاتحاد الإفريقي، ووساطة رئيس الوزراء الإثيوبى د.أبي أحمد بصفته رئيساً للإيقاد.
وأوضح المسؤول الأمريكي أنهم طالبوا المجلس العسكري بضرورة إعادة الإنترنت وسحب الوجود العسكري الكثيف من الخرطوم.
وقال ناج  إن أحداث الثالث من يونيو (قتل المعتصمين وفض الاعتصام) غيرت الأوضاع في السودان بمعدل 180 درجة وغيرت نظرة العالم وتعامله مع المجلس العسكري، وأضاف: “يجب إجراء تحقيق مستقل ذي مصداقية ومحاسبة المسؤولين عن فض الاعتصام وقتل المعتصمين”، وأعرب عن أسفه لانهيار جدار الثقة بين تحالف قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري عقب الأحداث ما حتم وجود وساطة.
وطالب ناج قوى إقليمية لم يُسمها بالنأي عن القيام بدور سلبي وعرقلة المفاوضات في السودان، ودعا  قوى الحرية والتغيير للاتصال بتلك الدول لحثها على القيام بدور إيجابي محذرا من لجوء الطرفين إلى إجراءات أحادية، وقال إن تشكيل حكومة منفردة من المجلس العسكري أو قوى الحرية يُعد خياراً فاشلاً.

الجماعات المخربة
المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ يذهب في حديثه لـ(السوداني) بالترجيح لمقصد مساعد وزير الخارجية الأمريكية الذي اعتبر أن الجماعات المُخربة بين الأطراف السودانية التي تسعى إلى الفوضى وإعادة إنتاج السيناريو الليبي في السودان هي جماعات فلول النظام السابق ومجموعات أخرى تصنفها الإدارة الأمريكية بعلاقاتها بجهات تدعم تنظيمي القاعدة وداعش، مشيرا إلى استناد ناج إلى وقائع حقيقية فالشيخ د.عبد الحي يوسف كان يقود التظاهرات الرافضة للهجوم الأمريكي على أفغانستان بعد أحداث سبتمبر في أمريكا جازما أن عبد الحي كان يدعم القاعدة.
وقال الجوخ إن المختصين بالحركات الأصولية والجهادية يقطعون بوجود ارتباطات بعض المجموعات بالقاعدة وداعش وفي ذات الوقت هناك أطراف داخل النظام القديم وأجهزته الأمنية كانت على علاقة وطيدة بهذه المجموعات، منوها إلى عملية تحرير قتلة الدبلوماسي الأمريكي قرانفيل من سجن كوبر، جازما بأنها كانت عملية معقدة لم تكن لتتم إلا بوجود أطراف داعمة لتلك المجموعات داخل بنية النظام وأجهزته الأمنية.
ويقطع الجوخ بأن المخاوف من الانزلاق في السيناريو الليبي يتحمل المجلس العسكري مسؤوليتها بسبب رفضه تسليم السلطة للمدنيين وأيضا هي بمثابة رسالة تحذير شديدة اللهجة للمجلس باعتبار أن مسلكه سيقود البلاد لسيناريو الفوضى، مشددا على أن هذا لن تسمح به الجهات الإقليمية والدولية، وأضاف: ذات السيناريو هذا تهدد وتلوح به المجموعات موضع القصد، وقالت: هذا الأمر بلغة واضحة كما لديها تحالف غير معلن مع المجلس العسكري الأمر الذي يضع المجلس في مكان أقرب للمكان الذي كان به النظام البائد وهذا يعني احتضانه ورعايته مجموعات ذات نشاط إرهابي بحسب التقدير الأمريكي، الأمر الذي سيمثل ضغطا إضافيا على المجلس العسكري.
ماهر يجد التحذير من هذا السيناريو قصد به بخلاف تحذير المجلس العسكري والضغط عليه تنبيه الأطراف الإقليمية والدولية بضرورة ممارسة ضغط أكبر وأشد على المجلس العسكري بالإضافة إلى إثارة قلق قوى الحرية والتغيير ودفعها لاستكمال العملية السياسية المجمدة لتجنب السيناريو الليبي، مؤكدا أن هذا ما سيتوقع حدوثه وسيجبر المجلس على تسليم السلطة بسبب انفلات الأوضاع وتطورها نحو الأسوأ وستكون مسؤولية المجلس التاريخية والسياسية والأخلاقية.

السيناريو غير وارد
خبير العلاقات العلاقات الدولية د.ناصر السيد أكد لـ(السوداني) أن تكرار السيناريو الليبي في السودان مستبعد لجهة أن السودان يمتلك مؤسسات دولة في حين افتقرت الجماهيرية الليبية للمؤسسات فقد كانت الدولة هي القذافي والقذافي هو الدولة، مشيرا إلى تميز السودان عن ليبيا بقومية المؤسسة العسكرية وعراقتها وبالحراك السياسي بشتى درجاته من اليمين إلى الوسط إلى اليسار نزولا للمواطن البسيط في حين ليبيا اقتصر الحراك السياسي فيها بالتأييد للقذافي أو ما يعرف بفكر الكتاب الأخضر.
ووصف د.ناصر السياسيين السودانيين الموجودين الآن بالساحة بالعقلاء سواء من قوى الحرية والتغيير أو المجلس العسكري، قاطعا بأنهم لن يذهبوا بالسودان للسيناريو الليبي فضلا عن موقع السودان في قلب القارة الإفريقية المؤثر بدوره على أمن كل المنطقة الأمر الذي يجعل أمن السودان من الأولويات الإقليمية والدولية تجنبا للخلايا الإرهابية التي تتزايد نشاطاتها بالفوضى وانعدام الأمن.

كروت الضغط
اللواء د.أمين مجذوب أكد في حديثه لـ(السوداني)، أن الأصل في الأمر هو استمرار التفاوض بين طرفي الأزمة وأن أي محاولة من الطرفين لاستخدام كروت ضغط تحيل الأمر إلى سيناريوهات قاتمة أسوأها الوصول للفوضى باستخدام القوة من الطرفين. وقال د.أمين إن الحل الأمني من قبل المجلس العسكري يقود إلى استخدام السلاح من قبل الشعب لتوفير الحماية لأنفسهم، مشيرا إلى أن هذا السيناريو متوقع في حالة التعنت في عملية التفاوض.
ويرى د.أمين أن الأزمات العنيفة المسلحة على مر تاريخ السودان لم تستغرق فترة زمنية طويلة حتى استجابت لرغبة الشعب بحلها عبر إدارة الأزمة الشعبية، منوها إلى أن الأزمة الحالية توجد بها مغذيات إقليمية ودولية من الممكن أن تؤججها لتصبح سيناريو ليبي آخر في السودان، الأمر الذي تخشاه الأطرف الإقليمية والدولية، مشددا على جلوس طرفي الأزمة للتفاوض وتقديم التنازلات لأجل مصلحة الوطن وتقديمها على المصالح الشخصية إعلاءً لقيم المواطنة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.