تراسيم|| عبدالباقي الظافر

في سيرة آخر الروساء المحترمين!!

شارك الخبر

كان المشير البشير يسخر من الزمن الذي جعله ينزوي في غرفة صغيرة في سجن كوبر.. قال لضيوفه وهو يشير إلى ناموسية تقيه شر لسعات البعوض هذه تذكرني أيام كنت ضابطا صغيرا في العمليات.. يتوقف الرئيس عن السرد بعض الوقت كأنه يعصي السوانح التي أهدرها في التخلي طواعية عن الملك.. عرض عليه ذات عام أن يجاور الحرم النبوي.. ثم انخفض سقف العرض في الأيام الأخيرة إلى قصر منيف عَلى ربوة في سلطنة عمان.. رفض الرجل أن يتنازل حتى لو كان الثمن هلاك ثلث الأمة.

في العام ٢٠١٢ كان اللواء عبد الفتاح السيسي يحرص على أن يصلي الظهر خلف الرئيس المنتخب محمد مرسي قبل أن يطلعه على تفاصيل التقرير الأمني الصادر من إدارة المخابرات العسكرية التي يرأسها.. مازال السيسي يحرض الرئيس على الإطاحة بكبار الجنرالات حتى تعود المؤسسة العسكرية إلى حضن الرئاسة منعا للازدواجية وإغلاقا لأبواب الانقلابات العسكرية.. ابتسم السيسي والرئيس المنتخب يبلع الطعم وينعم عليه بنجمتين إضافيتين مع قيادة الجيش.. من القيادة العامة بدأ السيسي يحفر تحت الأرض التي تبدو متماسكة.
كان الفريق السيسي وزير الدفاع يغذي حركة تمرد الشبابية من ضرع الجيش الخفي.. في ساعة الصفر لم يحتاج السيسي إلى دبابة تقتحم قصر الاتحادية.. حراس مرسي من منسوبي المخابرات العسكرية تولو إكمال المهمة.. في الاستديو احتاج السيسي فقط للبابا وشيخ الأزهر ثم وعود بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة بعد قطع الطريق أمام تمكين تنظيم الإخوان.. هكذا وعد السيسي وهكذا صدق الشعب المصري.. في النسخة الثانية جاء البرادعي مساعدا للرئيس وبارك حمدين صباحي الثورة المباركة.

في ١٩٨٩ كان العميد البشير يقول “على بركة الله” حينما أخبروه أنه سيقود انقلابا بعد يومين على سلطة منتخبة.. لم يرفع حاجبه لينظر في وجه الشيخ الترابي وهو يؤدي قسم الولاء للحركة الإسلامية.. لكن بعد عشر سنوات جاء البشير إلى اجتماع التنظيم الإسلامي بملابس عسكرية لينزع السلطة من الترابي.. وبعد ذلك بأقل من عشر سنوات نزعها من الجميع بعد أن فرق الإسلاميين بين المنابر والأحزاب والحركات المسلحة.. تحول المشروع السياسي إلى مشروع فردي.. فبات اسم البشير يطلق على المدن والجسور والمشافي من باب تخليد الذات الرئاسية.
أمس توقف قلب الرئيس المنتخب محمد مرسي في إحدى قاعات المحاكم.. ذات النهاية الحزينة حينما توقف قلب الترابي وهو يكتب بابا في الدستور عن الحريات.. منذ ست سنوات كان أول رئيس منتخب في مصر يقبع في السجن.. لا رعاية طبية في سجون الطغاة.. كان يطلب الدواء فلا يجد غير الصمت.. تواطؤ من العالم ومنظمات حقوق الإنسان.. في النهاية يموت مرسي بطريقة ستجعله خالدا في التاريخ.. وستمضي الايام بالمشير السيسي ثم تكون الخاتمة السياسية كحال البشير الذي مثل البارحة امام احدى محاكم الفساد.
بصراحة.. التاريخ عبر ومحطات للتفكر.. الذين يحسنون الظن بالجنرالات لا يقرأون التاريخ على الوجه الصحيح.. هم هكذا ما دخلوا بلدا إلا وفسقوا فيها وجعلوا أعزة أهلها أذلة. تختلف الخلفيات ويتشابه الجنرالات حينما يصلون إلى القصور.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.