تراسيم || عبدالباقي الظافر


كله بالقانون..!!

شارك الخبر


احتار السودانيون قبل أيام والرئيس المعزول البشير يعود إليهم بعد أن ظنوا أن شمسه قد غربت..وبدأا البشير سعيداً بتلك الإطلالة حيث ارتسمت على محياه ابتسامة وهو يدخل نيابة مكافحة الفساد..تلك الإطلالة ولدت سجالاً قانونياً بين الذين يرون أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته وبالتالي حشد الكاميرات لم يكن أمراً أخلاقياً.. وآخرين يظنون أن المشير يستحق أن يحاسب بذات القانون الذي أذل به السودانيين.. لكن اتفق معظم الناس أن في الأمر متاجرة بالقانون..حيث أراد المجلس العسكري أن يستثمر في مشاعر الغضب حتى ينجو من حصار فض الاعتصام بالقوة.
 رغم أن الجنرال حميدتي يكثر في خطبه من استخدام عبارة (كلو بالقانون) إلا أنه قبل أيام هدد بشنق الذين نصبوا فخاً للدعم السريع وجعلوه يسحق الاعتصام المدني..الشنق هنا عقوبة وليس مجرد اتهام..وحينما يصدر ذاك الحكم من أعلى سلطة سيادية وتنفيذية وتشريعة يجعلنا نشعر بالقلق..عبر ذاك التصريح يصل العسكر إلى السلطة القضائية وبالتالي يجمعون كل السلطات تحت القبعة العسكرية.
 بل توظيف القانون لخدمة السياسة يبدو واضحاً عند حكام الخرطوم اليوم..مثلاً تم استدعاء رئيس القضاء مولانا عبدالمجيد إدريس لحراسة المصحف أثناء مراسم أداء القسم.. ما أن أنجز مولانا مهمته حتى تم عزله..في مناخ الطوارئ لم يهتم الجنرالات بالآلية القانونية التي تنظم مسألة اختيار رئيس القضاء..تعليق الدستور لا يعني تجميد القوانين.
 قبل ميلاد الثورة وفي اتجاه آخر لذات الازدواجية صرح قائد الدعم السريع أن قواته لن تقمع المتظاهرين باعتبارها قوات مقاتلة.. لكن بعد أن جلس حميدتي على مقعد الرجل الثاني سمح للقوات المقاتلة أن تلعب ذات الدور الذي رفضه ذات يوم..حتى فض الاعتصام المدني ..تم عبر استدعاء القانون.. استدعاء رئيس القضاء والنائب العام كان في إطار توظيف القانون في يوميات العمل التنفيذي.
في تقديري إن أول مهام الثورة السودانية تتمثل في توطين دولة القانون.. عبر تحديد الحدود الفاصلة بين كل السلطات.. إن لم نتجاوز حالة استخدام القانون كمطية لتحقيق المنافع السياسية ستعود بلادنا إلى مناخ الشمولية القاهرة.. كل ما حدث من (بلاوي) كان سببه عدم التأسيس لدولة القانون والحكم الراشد.
بصراحة.. على كل الناشطين وخبراء القانون محاصرة السلطة الحالية عبر القانون..وأخرى في تجاوزات الماضي مثل أن تنهض مجموعة بتقديم طعن دستوري في ولاية العسكر..المسار القانوني طويل وشاق ولا يعني استبعاد المسارات الأخرى.. بل أهميته أن يؤسس لسوابق قضائية تعبد الطريق للحكم الراشد.. في كل الأحوال الدستور لا يحرسه الجنرالات بل كبار القضاة .. لم يكن مطلوباً من القضاة وأهل النيابة العامة التظاهر بل دورهم يتركز في تفعيل القانون الغائب والمغيب.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.