حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

صَوت عَقل

شارك الخبر

(1)
المجلس العسكري الانتقالي وقِوى الحُرية والتّغيير يتحمّلان مَا جَرَى في البلاد بعد 11 أبريل وإلى يوم الناس هذا ولو بدرجةٍ مُتفاوتةٍ.. فهذان الفَصيلان دقّا صَدريهما وقالا نحن أسياد هذه الفترة, فقِوى الحُرية والتّغيير هي التي قَادَت المَرحلة الأخيرة من مراحل الثّورة، والمجلس العسكري هو الذي وَضَعَ المُدماك الأخير في جدار الثورة عندما عَزَل البشير وأخرجه من القصر إلى مَكانٍ آمنٍ (بتعبير الفريق ابن عوف)، فانعقد للمجلس ولقحت لواء التّفاوُض، فلو نَجَحَا في إكمال التّفاوُض وأدخلا البلاد في أَتُون المرحلة الانتقاليّة في أيّامٍ معدودةٍ لكُنّا صفّقنا لهما، ولكن بما أنهما لم يُوفّقا في ذلك حتى كتابة هذه السطور، يحق لنا أن نصفهما بالفشل، لا بل نُحمِّلهما مسؤولية مَا سَيحدث في مُقبل الأيام!!
(2)
رغم كل الذي تقدّم، فقد صدرت من الفريقين ما يستحق الإشادة، إذ رفض أيّ من الفصيلين تكوين حكومة مُنفردة لوضع الطرف الآخر أمام واقعٍ جديدٍ، فهناك أصواتٌ شاذةٌ من الداخل ومن الخارج طلبت من “قحت” أن تُكوِّن حكومة وتعلنها من مَنصّة الاعتصام، وأنّ هذه الحكومة سوف تجد اعترافاً دُوليّاً، وأنّها سوف تَقطع الطريق أمام المجلس من الاشتراك في الحكم، ولكن قيادة “قحت” التّنسيقيّة لم تستجب لهذه الأصوات وأصرّت على مُواصلة التّفاوُض مع المجلس العسكري، وبالمُقابل هناك أصواتٌ شاذةٌ من الداخل والخارج أيضاً طلبت من المجلس العسكري تَجَاوُز “قحت” والانفراد بتكوين الحكومة، لا بل كَادَ المجلس أن يَستجيب لهذه الأصوات، فجاء على لسان رئيسه الفريق البرهان أنّهم قرّروا تَكوين تَصريف أعمالٍ ولكن تمّ التراجُع عن ذلك..!
في تقديري، إنّ عدم تكوين حكومة من طرفٍ واحدٍ، مَوقفٌ في مُنتهى العقلانية، لأنّ أيِّ تحرُّكٍ في هذا الاتجاه سوف يجعلنا أمام حكومتين! وهذا شرخٌ لا تحتمله البلاد وسوف يضعها في وضع أسوأ من الوضع الليبي، ولأسبابٍ كثيرةٍ لا مجال لذكرها الآن، عليه نحمد للطرفين هذا الموقف النبيل ونتمنّى لهما التّمسُّك به مهما كان الثمن.
(3)
قال الفريق شمس الدين الكباشي، إنّ “قحت” اقترحت على الوسيط الإثيوبي نقل التفاوُض بين الطريفين إلى أديس أبابا، ولكنهم في المجلس العسكري رفضوا ذلك وتمسّكوا بالخرطوم، وبالمُقابل نفت “قحت” وبشدة أنّها طَلبت نقل التّفاوّض إلى أديس أبابا، لا بَل قالت إنّ الوسيط الإثيوبي هو الذي اقترح عَليها ذلك ولكنها رَفضت.. لا نَحتاج لكثير تَقَصٍ في الأمر لمعرفة حَقيقة مَن قال ماذا، ولكننا نَربط أيِّ فريق من لسانه، فالمجلس يقول إنّه رَفَضَ نقل التّفاوُض إلى أديس، و”قحت” تقول نفس الشئ.. عليه نعتبر هذا الموقف من الطرفين موقفاً إيجابياً يُحسب لهما لا عليهما، وهذا الاقتراح لو فعلاً صَدَرَ من الوسيط الإثيوبي كفيلٌ بأن يَجعله يأخذ (كرتاً أحمر)! نعم هناك مُفاوضات “سُودانية – سُودانية” كثيرة جَرَت في الخارج بأديس أبابا نفسها، وفي أبوجا، وفي نيفاشا، وفي الدوحة، وفي أبشي، ولكنها كانت بين حكومة الخرطوم وفصائل مُسلّحة وهذه الحالة لا تنطبق على “قحت” والمجلس الانتقالي، فلماذا نقل المُفاوضات؟
أيُّها الناس نحن أمام مُخَطّطٍ خَبيثٍ, عليه نحمد للطرفين الإصرار على صَبّ التّفاوُض في الخرطوم (حلوة صب دي)!!
(4)
قصدنا من هذيْن المَوقفيْن الوطنييْن تَذكير الناس بأنّ هُناك صَوت عَقل داخل طَرفي التُفاوُض، وبالتّالي تجديد الثقة فيهما والأهم حَثهما على إكمال التّفاوُض لإخراج البلاد من وهدتها، فالتاريخ لا يَرحم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.