تراسيم || عبدالباقي الظافر

يسألونك عن أبي هريرة..

شارك الخبر

 
حينما زارت مفوضية حقوق الإنسان سجن كوبر  قبل أيام، لفت نظرها ذاك الشاب الحزين.. كان وضعه غريبا مع رموز العهد البائد.. لم يكن الشاب سوى أبي هريرة حسين وزير الشباب في آخر حكومة للبشير.. الشاب الذي تزوج مؤخرا لم يحمل قدم خير على الإنقاذ.. فلم يمكث في عز الوزارة ولا عش الزوجية إلا بضعة أسابيع ثم مضى إلى السجن حبيسا.. اكتشفت مفوضية حقوق الإنسان أن حياة الشاب في خطر.. داء السكّر تمكن من جسده الناحل وأثر على بصره.. تقارير الأطباء  نصحت بعلاجه خارج البلاد.
 لا أذكر أنني التقيت بهذا الشاب كفاحا.. بل قبل سقوط الإنقاذ اشتبكت معه في إحدى مجموعات (الواتساب) حينما توعد بمحاسبة إحدى الإعلاميات بسبب موقفها المؤازر للثورة.. لكن ذاك الموقف وغيره من الخصومات السياسية لا يمنع أن نطالب بإنصافه.. من المهم توفير العناية والرعاية الطبية حتى ولو اقتضى الأمر أن يسافر لخارج السودان على حساب دافع الضريبة.. هذه الثورة لم تأتي إلا لتحقيق شعار العدالة وبسط قيم الإنصاف بين الناس.
 ملف أبي هريرة يجعلنا نتساءل  عن الذين تم اعتقالهم بعد الثورة.. الآن حسب إحصاءات الحكومة يوجد فقط ثلاثة وعشرين رمزا من رموز الإنقاذ قيد الاحتجاز.. كل سنوات الإنقاذ التي قاربت الثلاثة عقود لم تجد عدالة المجلس العسكري سوى (دستتين) من البشر.. بل إن هناك عددا من المعتقلين ربما نستغرب من وجودهم بين كبار رجال الإنقاذ.. مثل الحاج عطا المنان والذي ابتعد عن الحكم منذ سنوات طويلة.. بل كان يناهض الإنقاذ بأضعف الإيمان.. ويعتبر من أهل الإنجازات فقد ارتبط طريق شريان الشمال باسمه.. وله في قلوب أهل دارفور محبة عظيمة.
حتى هذه اللحظة لم تتحقق العدالة والتي تغنت بها الجماهير لحنا شجيا.. كثير من الممارسات تجعلنا نشعر بالقلق.. الطريقة التي بها إبعاد رموز الحركة الشعبية من الخرطوم تزيد من وتيرة القلق.. حتى تبرير نفي مواطنين سودانيين كان بمثابة كارثة أخرى.. فقد جاء التبرير باعتبار أن على أحدهم حكما قضائيا.. ماذا عن الآخرين غير المدانين.. وهل كل من عليه حكم جنائي تتولى حكومة العسكر تسفيره لخارج السودان.. ألم يكن من  الأسهل إسقاط العقوبة على ياسر عرمان بدلا من هذه اللفة غير القانونية.
 في تقديري من المهم تطبيق العدالة بمعانيها السامية.. لنبدأ بالأخ الكريم أبي هريرة.. التباطؤ في هذا الأمر يعتبر جريمة.. إذا فقد الشاب بصره لن تعوضه كنوز الدنيا.. أخشى أن يتم الاحتفاظ بهذا الشاب في السجن  بذات الطريقة التي عرضت بها صورة الرئيس المخلوع.. أعني الاستثمار في العدالة بغرض تحقيق كسب سياسي.
بصراحة.. على منظومات الثوار أن تطالب بضرورة علاج هذا المعتقل الشاب.. من المهم أن نرسخ شعار العدالة للجميع حتى لو كانوا من طائفة وزراء الإنقاذ والتي ظلمت الناس حتى كتبت وصمت في التاريخ بحكومة الظلم والذل.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.