عضو الهيئة القيادية بالحزب الاتحادي الأصل عبد الغفار خلف الله لـ(السوداني): الأكثر اعتقالاً في حراك الشارع كانوا من المجموعات الشبابية الاتحادية

الخرطوم: عمرو شعبان

الاتحادي الأصل حزب يتمتع بثقل تاريخي برز في المشهد السياسي بقوة بعد انطلاق الثورة السودانية في ديسمبر الماضي عبر شبابه الذين شكلوا حضورا في كل المواكب والتظاهرات والمعتقلات في وقت كانت قياداته العليا تشغل أعلى المناصب التنفيذية في الدولة.. إزاء هذا التناقض الصارخ سعت (السوداني) إلى عضو الهيئة القيادية عبد الغفار خلف الله الذي لم يبخل في وضع نقاط الإجابات على حروف الأسئلة.

غاب الحزب كلافتة ومؤسسات عن الحراك الثوري في وقت كان شبابه وطلابه أكثر الفاعلين فيه.. آلا ترى أن ذلك تخلٍ من الحزب وعن عضويته؟
نحن لم نتخل عن شبابنا أو طلابنا أو حزبنا أو مبادئنا فنحن أصحاب النصيب الأكبر في حراك الشارع بدليل الأكثر اعتقالاً كانوا من المجموعات الشبابية الاتحادية.. ونحن لسنا بعيدين عن هذا المشهد فنحن على المستويات الشخصية أو على مستوى الحزب موجودون في هذا الحراك منذ 19 ديسمبر حتى آخر لحظة عند فض الاعتصام حيث كنت موجوداً ولست وحدي بل إخوة آخرين في هيئة القيادة أصيلين في هذا الحراك بغض النظر عن وجودنا كشركاء في الحكم حتى آخر لحظة، وهذا لا يقدح في دورنا أو مشاركتنا لأن دورنا في الحراك ملموس ومعلوم .
• كنتم موجودين كأفراد ولكن لا كمؤسسات، فقد كنتم شركاء في المؤتمر الوطني حتى يوم 11 إبريل وهو يمارس القتل والترويع ؟
نحن موجودون في الحراك كشخوص وكقيادات في الحزب الاتحادي، وخلال مشاركتنا في الحكومة لم نقتل أحداً ونرفض إسالة الدم السوداني وهو ما تؤكده أدبيات الحزب.. أما من حيث وجود الحزب في الحكومة فتلك تقديرات سياسية.
• ألا ترى أن ذلك تناقضاً ما بين وجود قواعد حزبية في الشارع مقابل قيادات تقدر سياسياً البقاء مشاركة مع المؤتمر الوطني؟
نحن كمجموعة من القيادات لا قناعة لنا بالشراكة والوجود مع المؤتمر الوطني بأي حال من الأحوال، وكنا نعلن ذلك داخل الحزب وهناك تيار عريض ظل ينادي بخروج الحزب من الحكومة حتى آخر لحظة ولكن حدثت إرادة السماء ولم ننسحب.
• طالما هناك تيار عريض يرفض المشاركة في ظل وجود قيادات تصر عليها فلماذا لم تخرجوا عليها؟
ربما لتقديرات البعض أن الحزب ملزم بموجب ما تم من اتفاقيات وكان ذلك بموجب اتفاقيات نيفاشا. ولم نكن لوحدنا بل كل الطيف السياسي الموجود الآن كان جزءاً من عملية الشراكة.. لكن ما لا يعلمه الناس في الشراكة الأخيرة أن الذين يتنفذون في الحكومة الأخيرة هؤلاء لم يأتِ بهم الحزب جاءوا عبر طريق ثالث وفقاً لترتيبات الفريق طه الحسين الذي جاء بهؤلاء.
• ولماذا لم تتخذوا إجراءات تنظيمية في مواجهتهم ؟
تم ذلك وهناك قصص معروفة ومشهودة ولجان كما أن الحسن الميرغني في لقاء بالخيمة الرمضانية أكد أن هؤلاء المشاركين جاءوا عن طريق ثالث. .
• إذا جاز التبرير بأن الأحداث لم تسعفكم في الانسحاب إبان الحراك الثوري.. فلماذا لم تنسحبوا إبان مذبحة سبتمبر 2013م ؟
بقدر ما حدث في مجزرة سبتمبر حينها، إلا أننا كنا بعدين تماماً كمجموعة عن دائرة اتخاذ القرار في الحزب، ولم يكن لنا تنفيذيون أو ممثلون، وكان الحسن رافضاً للمشاركة ومشاركته جاءت بعد 2015م .
• لكن الحزب كان مشاركاً بدليل وجود جعفر الميرغني؟
تلك الفترة كنا ضدها لكن في النهاية الشراكة مسؤولية الحزب كله، أى أنها تهمة لا ننكرها، وتظل هي تقديرات للقيادة السياسية حينها حتى مغادرة مولانا محمد عثمان الميرغني بعد الأحداث كانت رسالة واضحة إنما ما حدث لا يليق بالشعب السوداني وبالشارع وبقيمه.
• ألا تجدها مفارقة أن أكثر العناصر الموصوفة بالصقور داخل الاتحاديين كالحسن الميرغني وحاتم السر يشاركون مع المؤتمر الوطني؟
كما قلت لك على لسان الحسن الميرغني إن من شارك في الحكومة الأخيرة جاء بطريق ثالث ولم يأتوا من حزبنا.
• حزبكم ظل يعاني من تعدد الأجنحة والتيارات والمجموعات نتيجة لعدم وجود نظرية تنظيمية تضبط أطرافه.. ما تعليقك على هذا الفراغ؟
الحزب الاتحادي والاتحاديون بشكل عام لا ينقادون كالقطيع، هذا التشظي كمجموعات وتيارات نتاج لتباين الرؤى واختلافها ومع ذلك يظل الثقل الجماهيري والشعبي الموجود هو الأساس الذي يقف عليه الحزب الاتحادي بعيداً عن بقية المسميات الحزبية الأخرى. وفي تقديري هناك مجموعات اتحادية ترتكز على آبائهم وأجدادهم وأرادوا أن يبنوا حزباً وهذا لا يرقى لبناء حزب بدليل عدم وجود أي بعد جماهيري .
• في المقابل ألا ينسحب ذلك على الحزب الاتحادي الأصل بوجود مولانا محمد عثمان الميرغني؟
لا لا لا.. نحن لا نستند على مولانا الميرغني بل على الطريقة الختمية لأن السيد محمد عثمان لم يأتِ عن طريق الختمية، بل هو واحد من عقد السادة المراغنة في الطريقة الختمية.. وعندما نقول هذا الحديث لا نطلقه على عواهنه أو رجماً بالغيب بل بناء على التجربة والمشاهدة وبعد طوافنا على كل السودان. وأقطع بلا شك أن الحزب الاتحادي كان وما يزال وسيظل صاحب الرصيد الجماهيري الأوفى شاء من شاء وأبى من أبى.
• الظروف التي تمر بها البلاد ألا تأذن بعودة مولانا الميرغني ؟
أعتقد أن عودة محمد عثمان الميرغني تعني عودة الوعي لأن وجوده ودوره غاية في الأهمية وهو الذي يعيد التوازن إلى الحياة السياسية، بما عرف عنه بأنه ثاقب الفكر وثابت الرؤية والمنطق والوضوح في الطرح والتناول.. وما يحدث الآن جعلنا نقرر كاتحاديين أننا لن نشارك في حكومة قادمة لا على المستوى السيادي أو التنفيذي في المركز والولايات وإن جاءت المشاركة مبرأة من كل عيب، هذا قرار مؤسسة الحزب على علاته، وهو قرار ملزم، إننا لن نشارك في المرحلة الانتقالية، وبحكم أننا حزب صندوق سننتظر قيام الانتخابات لإثبات وزننا وثقلنا من خلال الانتخاب الحر المباشر في عملية ديمقراطية محروسة بوعي الشعب السوداني، وأتمنى من الشباب الذين صنعوا ما عجزنا عنه نحن قيادة المرحلة بتجاوز مطبات المجلس العسكري وما يصنعه من مضايقات وعراقيل تمنع الحياة الديمقراطية.
• هل حددتم زمناً لعودة الميرغني؟
نحن بعد آخر اجتماع موسع ونتأهب للآخر، اتخذنا قراراً بعودة محمد الحسن باعتباره القائم بأعمال رئيس الحزب إلى الداخل ليكون فاعلاً في الحراك الماثل تمهيداً لقدوم محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب، هذا ما نسعى إليه ونعمل من أجله وسنحدد التوقيت في الاجتماع القادم لكن القرار تم اتخاذه بالإجماع بعودة الحسن إلى الداخل.
• هل هنالك اتصالات بينكم وبين المجلس العسكري؟
قدمنا مبادرة مكتوبة إلى المجلس العسكري الانتقالي أعدها الحسن رئيس التنظيم في الحزب، القائم بأعمال الحزب وفيها تصور لرؤيتنا بالدعوة لانتخابات مبكرة بعد فترة انتقالية ما بين سنة إلى سنتين يتم فيها العمل على معالجة المشكلة الاقتصادية وتتم فيها معالجة السجل المدني والسجل الانتخابي لضمان حرية الممارسة الديمقراطية الراشدة مع اصطحاب الدور الإقليمي والدولي في هذا الحراك، وإيجاد سياسات خارجية وعلاقات دولية متوازنة لا تبعدنا عن سياسة الحياد الإيجابي، وفي نفس الوقت لا تجبرنا على فقدان العلاقات المتميزة، لأننا نرى في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أننا مؤثرون في محيطنا العربي والمجموعة العربية ومقبولون لدى المجموعة الإفريقية ولكل دول الجوار الإفريقي، ومن أولويات سياستنا نحن في الحزب على مستوى السياسة الخارجية كنا نقول مصر أولاً ثم السعودية ثم الخليج، الآن نقول دولة جنوب السودان أولاً، ومصر، ثم دول الخليج، ثم دول الجوار المحيطة بنا.
• في ظل وجود الدولة العميقة، طول مدة الفترة الانتقالية يسهم في إمكانية اقتلاعها فلماذا طرحتم مدة قصيرة؟

نحن لنا رؤية في هذا الأمر لأن طول مدة الفترة الانتقالية تعيد إنتاج الدولة العميقة وهذا ما قاله الرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي بأن الخطأ الوحيد الذي وقعت فيه الثورة السودانية تطويل مدة الفترة الانتقالية. وأضاف هذا ما أودى بنا في تونس وأعاد إنتاج باجي السبسي بالتالي طول المدة تعيد إنتاج النظام السابق مما يتيح لفلول النظام السابق العودة تحت مسميات جديدة بعد استبعاد الأسماء المعروفة أي إعادة إنتاج الإنقاذ في وجهها الثاني، لذا العامان مدة كافية جداً .
• ولكن مجزرة 3 يونيو 29 رمضان تؤكد على أن الإنقاذ ماتزال موجودة.. ما تعليقك؟
ما حدث سبة ووصمة عار في جبين المجلس العسكري الانتقالي ولطخ وجه السودان الجميل في ثورته السلمية، وأصدرنا (4) بيانات، ونطالب بالتحقيق فيما حدث وإبراز وإجلاء الحقائق بكل شفافية ووضوح وتقديم من أجرموا للعدالة، ونحن نؤكد أن الإنقاذ لم تذهب وموجودة في كل مفاصل الدولة ونحن نقطع الشك بأن من ابتدر ضرب النار وفض الاعتصام لا علاقة للجيش السوداني به، وما حدث تم من قوة غير نظامية سمها ما شئت بدليل أن ضباط الجيش كانوا في قلب المعركة دفاعاً.
• حالياً ما المخرج من الأزمة السودانية بعد رفض المجلس العسكري للمبادرة الإثيوبية؟
رفض المجلس العسكري للوساطة الإثيوبية… أعتقد أن قوى إعلان الحرية والتغيير فوتت فرصة تاريخية على نفسها وعلى الشعب والسوداني، وأنها اخطأت أولاً باعترافها أساساً بالمجلس الانتقالي ومفاوضته في الوقت الذي كانوا يسمونه في قرارة أنفسهم باللجنة الأمنية الخاصة بالإنقاذ وبالتالي عندما اعترفت بهم وفاوضتهم منحتهم شرعية أولاً، والشيء الثاني مما قدم لك من تنازلات وحصص تعطى الحكومة التنفيذية كاملة و67% من المجلس التشريعي أعتقد أنها كانت مكاسب يعض عليها بالنواجذ ولم يكن هنالك مبرر للمماحكة والتجاذب الذي حدث في المجلس السيادي لأن أي حل وسط في مجلس السيادة كان سيفضي إلى حكومة انتقالية مميزة ومرتبة بواسطة الخبراء والعلماء ترتب معالجة المشكل الاقتصادي والمشكل السياسي باستحقاق ديمقراطي شامل وطموح وارتفاع سقف الأمنيات في قوى إعلان الحرية والتغيير، وهو ماجرنا إلى هذا الوضع الشائك الذي نعيشه.
حالياً أصبح مستقبل العودة للديمقراطية وإعادة بناء سودان جديد مصيره في يد المجلس العسكري الذي أرى تماماً أنه ذاهب إلى خياراته وإلى إعلان انتخابات مبكرة بحجة أن الذي له جمهور وقدرات عليه بصناديق الاقتراع وهذا يؤدي إلى رفض وتصعيد في الشارع وبالتالي العودة للمربع الأول.
• في اعتقادك هل الشارع قادر على قلب هذه المعادلات ؟
أنا لا أقول إنه لن ينجح ولكن أرى أن التضحيات ستكون أعلى خصوصاً في ظل قوات غير منضبطة وموجودة.
• ألا ترى أن وجود هذه القوات التي أشرت إليها سببها المجلس نفسه؟
أنا لا أرى أن المجلس العسكري أتيحت له الفرصة لكي يستطيع أن يعمل ويلتقط أنفاسه ليقوم بعملية تصفية، فالمجلس العسكري وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه ولا يستطيع أن يمارس سلطات السيادة ولا سلطاته كجيش.
• ما هو موقفكم حال حدث صدام بين الدعم السريع والشارع؟
نحن تماماً مع خيار الديمقراطية وسيادتها وسؤددها ونرفض رفضاً قاطعاً أي ممارسة غير ديمقرطية وأي وجود لأي قوة مسلحة مهما كانت وضعيتها ومسماها أن تمارس الوصاية على الشعب السوداني، الشعب السوداني وصي على نفسه بما فيهم المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.
لكن فيما يتعلق بدقلو أعتقد أن هذا الوجود المزعج والتمدد لحميدتي يجب إعادة النظر فيه في إطار الانضباط العسكري ولكن الوضع شاذ يحتاج لمعالجات تتطلب الحكمة وأناشد الإخوة في وفد تفاوض الحرية والتغيير وكل العمالقة بتجربتهم أن يحدثوا اختراقاً وبصيص أمل لاستعادة التفاوض إلى الطريق وتعزيز ما تم الاتفاق عليه وليس البداية من الصفر ويغتنموا هذه الفرصة ليخرجونا من معادلة تحول البلد إلى أشبه بالحالة السورية أو الليبية أو اليمنية.
ما حقيقة أن الميرغني مريض وغير مدرك لما حوله؟
السيد محمد عثمان الميرغني مدرك ومحيط بكل ما يحدث وليكن معلوم أنه يتابع الشأن السوداني لحظة بلحظة وهو بأتم الصحة والعافية خلافاً لما يشاع عنه.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.