إليكم … الطاهر ساتي

الاعتراف!!

شارك الخبر

:: لهم الرحمة، شهداء موكب (30 يونيو)، وهم يَرتقون إلى العلياء بثباتٍ ويقينٍ.. ثَائراً كان بالشارع أو جُندياً بوحدة عسكرية، لهم المغفرة ولأهلهم الصبر.. فالشهداء هم وقود الثورة، وهم من قادوا مواكب الحُرية والتّغيير، وعلى خُطَاهم تمضي المواكب نحو الحُرية والسّلام والعَدالة.. ومَواكب الأمس – كما السابقات – كانت عظيمة، وخالية من مَظَاهر العُنف.. والشاهد أنّ ثورة الشباب – منذ ديسمبر وحتى ظهر الأمس – ترياقٌ لكل مَظاهر العُنف.. هتفوا: (سلمية سلمية.. ضد الحرامية)، ثم نفّذوها في الطرقات والميادين..!!
:: ولو لم تكن (سلمية)، لَمَا انتصرت ثورة الشباب على حكومة البطش بعد أشهرٍ من النزال الشّريف.. ولو لم تكن ثورة الوعي مُقدمة على ثورة تغيير النظام، لقارع الشباب الرَّصاص بالرَّصاص والتّاتشر بالتّاتشر والدّم بالدّم، حتى يفنى الوطن والشعب أو نلتحق بركب ليبيا وسُوريا واليمن وغيرها من الدُّول، حوّلت ثورات شُعُوبها إلى (نكباتٍ) و(خيباتٍ).. ولكن شعبنا عَظيمٌ.. وليس في أمره عجب، شعب أكتوبر وأبريل وديسمبر، أي يتوارثون العَظَمَة والمجد جيلاً إثر جيلٍ..!!
:: ولكن ثُمّ ماذا بعد موكب 30 يونيو؟.. فالمواكب – كما الحروب – لا تحسم الأزمات.. نعم، تُحَارب الأطراف بعضها بالسنوات والأشهر، ثُمّ تُحسم أسباب الحرب بالحوار، وليس بالمزيد من الحَرب.. وعليه، مع إبقاء رُوح الثورة في النفوس من أجل الإنتاج، يَجب الانتقال بسلاسةٍ إلى مرحلة إصلاح ما أفسده (نظام العُنف)، وذلك ببناء دولة القانون التي لا تظلم حزباً أو جَماعة.. نعم، حاجة بلادنا ماسّة إلى استقرار يرصف مضمار المُنافسة والتّداول السّلمي للسُّلطة بمناخٍ ديمقراطي يُوفِّر للآخـر (حَق التّعبير)، مع مُشاركة الجميع في صناعة حَاضر ومُستقبل بلادهم بلا إقصاءٍ أو قهرٍ..!!
:: والديمقراطية والحُريات العامّة والمُنافسة الحُرّة بالأفكار واالبرامج صَارَت كما المياه والهواء في حياة الشعب، أي لا يُمكن الاستغناء عنها أو الالتفاف عليها بمجلس عسكري شُمُولي أو كُتلة مدنية إقصائية.. ومهما كان حجم الخلاف بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير، دائماً هُنَاك حُلُولٌ ودائماُ هُناك طَرِيقٌ ثَالثٌ مُسمّى بالحَـل.. ولكن فقط مَن يطلقون عَنَان التّفكير القويم للعقول هُم من يجدون حُلُول الأزمات.. فالسِّياسي الحَصيف يَختلف – عن الآخرين – بفضيلة البحث الدؤوب عن تلك الحُلُول بحكمةٍ وذكاءٍ، وليس بالعِنَاد و(المُكَاجَرَة)..!!
:: وكما ذكرت في بدايات الشد والجذب، فإنّ السِّياسة هي (فن المُمكن) في زمن المُستحيل، أي تأخذ المكاسب المُتّاحة ثُمّ تُحاور من أجل المَزيد بوعي وحكمةٍ، حتى لا نَهدر بعض أو كل المَكاسب.. ومَهما كانت القُوة العّسكرية للمجلس العَسكري، أو حجم الدّعم الشعبي لقِوى الحُرية والتّغيير، فإنّ الحل لهذه الأزمة يجب أن يبدأ بالعودة إلى (الحِوَار الثنائي)، ثُمّ ينتهي بالتوقيع على اتفاقية (غير ثنائية)، بل تَشمل كُل القِوى السِّياسيَّة، ما عدا المُؤتمر الوطني.. فالمطلوب أن يَعترف كل طَرفٍ بجُهد الآخـر في (التغيير)، ودَور الآخـر في (الفترة الانتقالية)..!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.