لأجل الكلمة || لينا يعقوب

تراكمات

شارك الخبر

ها هي ذات الجماهير العريضة.. عادت من جديد، مستعدة لما هو أسوأ، ومتشوقة لما هو أفضل، ومصرة على مطالبها السابقة..
كثيرون فوجئوا بالآلاف التي تدفقت في الشوارع والميادين.. فلم يرهبهم ما حدث، ولم يمنعهم انقطاع الإنترنت من التواصل المجيء في الزمن المحدد..
مازالوا يُعبرون عن أنفسهم بذات الطريقة التي انتظموا عليها منذ ستة أشهر دون كلل أو ملل، يرددون هتافاتهم ويرفعون شعاراتهم، ينشدون ويغنون، يفرحون ويبكون..
كنت أتساءل أمس، وأنا في الشارع بقربهم.. لماذا لم يتعمق المجلس العسكري في بحث سبب إصرار الجماهير على رفض وجود العسكر في السلطة.
خلال فترة حكم الإنقاذ، ظهرت نماذج سيئة من أفراد القوات النظامية، طغوا على الأفراد والضباط الجيدين والصالحين.
بعد تراكم السنوات التي وصلت إلى ثلاثين، فُقدت الثقة بين المواطنين وبعض الجهات النظامية، وكان أحد أبرز الأسباب هي ممارسات جهاز الأمن والمخابرات.
الطريقة الوحشية واللاإنسانية التي ظهرت للعلن بين فينة وأخرى من بعض أفراد الأمن والشرطة، تجاه المواطنين خاصةً في أوقات الشدة، جعلت أياً منهم “يكش” من هذه الجهات، ولا يشعر أن مهمتها حفظ أمنه وسلامته..
حينما تنتشر مقاطع الفيديو، لا يتضرر الشخص الذي تعرض للضرب والتعذيب، أو للاستفزاز والإهانة، ولا يقتصر الحزن والأسف والاستياء والغضب على من تم اعتقاله، أو على أسرته وأهله وأصحابه، إنما هي مشاعر إنسانية ممتدة، يتضرر أي من يشاهدها لأنه يشعر أنها ستحدث له عاجلاً أم آجلاً، فهي لم تستثنِ الصغير والكبير، الرجل والمرأة، وحتى الأطفال..
أما العسكر، فقد أثبتت التجارب كلها إلا استثناءً أنهم “يكنكشون” في الكرسي، لا يغادرونه أبداً إلا أن ينزعه الله منهم، فرغم أن مهتمهم الدفاع عن الدولة وحماية أرضها وترابها وشعبها لكنهم يريدون السلطة مقابل فعل ذلك، أو هكذا يُفهم.
ما يواجهه المجلس العسكري من الشارع، هو نتيجة تراكمات كبيرة وعديدة ومختلفة استمرت لعقود، جعلته شديد الحساسية، قليل الثقة، عديم الود، لأي من يقترب من الكرسي..
بلا شك أن في القوات المسلحة والدعم السريع والأمن والشرطة، كثير وكثير من الأفراد الصالحين، الذين أفنوا عمرهم للوطن وقدموا له في صمت، وما انتظروا شكراً أو ثناءً.
على المجلس أن يفهم لماذا يتشوق الشارع إلى المدنيين، ليس لأنهم سيئين.. إنما لأنهم جاءوا في وقت ما عاد الناس يهضمون وجودهم، أياً كانوا..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.