حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

ثم ماذا؟

شارك الخبر

(1)
حققت تظاهرات 30 يونيو 2019 التي دعت لها قوى الحرية والتغيير كل الأهداف التي قامت أجلها؛ فإن كانت (قحت) قد قالت إن المواكب وفاء لدماء شهداء الثورة عامة ومجزرة 29 رمضان على وجه الخصوص ثم للمطالبة بالحكومة المدنية فوق البيعة؛ أظهرت التظاهرات أن قحت هي التي تقود الشارع وهي المتحكمة في الملعب السياسي ثم زادت التظاهرات كيل بعير بأن وضعت رسالة مهمة في بريد المجلس العسكري الانتقالي، وهي أنه لإثبات وجوده اختار المعلب الخطأ واستلف أدوات عمل نظام البشير التي أصبحت مثل عملة أهل الكهف، وفوق كل هذا أعطت التظاهرات رصيدا وافيا لـ(قحت)، وبالتالي يبقى السؤال: كيف ستنفق هذا الرصيد؟ بعبارة ثانية، ماذا ستفعل (قحت) بكأس الشارع الذي أحرزته؟ طبعا بالضرورة أن تهديه للشعب لأنه الأب الشرعي، فالسؤال: كيف ستضعه في دولاب الشعب؟ وفي أي رف؟
(2)
إذا أمعنّا النظر في مواكب وتظاهرات 30 يونيو الهادرة، سوف نجد أنها تموج بعدة تيارات داخل (قحت). هناك التيار التي يريد أن يقف عند الأهداف المعلنة وهي الوفاء لدماء الشهداء ومطالبة العسكر بتسليم السلطة للمدنيين، وهناك تيار هدفه أقل من ذلك وهو الذي عبر عنه السيد الصادق المهدي والمتمثل في تذكير الناس بسوءات نظام البشير وعدم الضغط على المجلس العسكري الحالي، بينما هناك تيار متشدد مرتفع السقف يرى أن التظاهرات يجب أن تكون مرحلة ثالثة من مراحل الثورة، ويبدأ ذلك بإسقاط المجلس العسكري الحالي، ليس هذا فحسب، بل محاكمة أعضائه على مجزرة فض الاعتصام. وقد ظهرت هذة التيارات بمستوياتها الثلاثة أثناء التظاهرات، إذ انتهت بعض التظاهرات بمخاطبة أمام بيوت أسر الشهداء؛ بينما توجهت تظاهرات نحو وزارة الدفاع، أي مكان الاعتصام القديم. وقد نفت قيادة (قحت) أن وزارة الدفاع كانت في خارطة التظاهرات, كما جرت محاولات لإقامة اعتصامات في عدة أماكن ولكنها لم تتم وقد ثبت أن هذا غير متفق عليه, فعندما سألت قناة الجزيرة القيادي مدني عباس مدني سؤالا مباشرا أثناء التظاهرات، إن كان في نيتهم إقامة اعتصامات، قال إن الشعب هو الذي سوف يقرر، أي أنهم كقيادة لم يقرروا ذلك.
(3)
في تقديري أن التيار المتوسط من (قحت) ذلك التيار الذي جعل أهداف التظاهرات الوفاء للشهداء والدفع تجاه الحكومة المدنية، وهو التيار القائد، ولكن هذا التيار سوف يعاني من التيارين الأخيرين, المتراخي والمتشدد, وسيكون عليه الاعتماد على وسطيته هذه لقيادة سفينة الثورة. في الضفة الأخرى نجد أن المجلس العسكري قد قبل المبادرة الإفريقية / الإثيوبية المشتركة، وقد وصفها بأنها تشكل أرضية ممتازة لاستئناف التفاوض مع (قحت)، علما بأن (قحت) كانت قد قبلتها بستة توضيحات ولكن العقبة التي تقف الآن أمام استئناف التفاوض هو عدم ثقة قحت في المجلس, عليه يبقى السؤال: كيف يمكن أن تستعاد هذة الثقة؟ ومتى يكون التفاوض المباشر؟ وما هو المتوقع من هذا التفاوض؟ قبل محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة دعونا نقرر ما قلناه أعلاه، إن تظاهرات 30 يونيو أعطت (قحت) رصيدا كبيرا ونظيفاً، لكنه قابل للتبديد إذا لم تُحسن استغلاله، وللمجلس العسكري نقول: عليه الرجوع للملعب المعروف حتى ولو لعب دون جمهور. وللجميع نقول: ارحموا هذا الشعب الذي أعطى وما استبقى شيئا.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.