الصادق المهدي في حوار مفتوح لـ النيل الأزرق (2-3): إمامتي للأنصار صدفة

مقابلة تلفزيوينة أجراها: ضياء الدين بلال

في حوار مفتوح على قناة النيل الأزرق، لم تقل إجابات رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، سخونة عن الأسئلة التي طرحها عليه مقدم الحلقة ضياء الدين بلال، ما بين فرص ترسيخ التجربة الديمقراطية، وواقع الأحزاب، والوضع السياسي الملتهب، وحتى قضايا حزب الأمة والمؤتمر الوطني والعلاقة بينه والبشير وموقفه من المحكمة الجنائية ورسائله لبريد رئيس المجلس العسكري ونائبه، ودعوته للأحزاب بإجراء بورسترويكا في المفاهيم، حملت إفادات المهدي إجابات جديدة ومعلومات تقال لأول مرة. معاً لتفاصيل الحوار في حلقته الثانية.

•   الحديث عن أقلمة الديمقراطية الليبرالية وغيرها بديهيات يفترض أن تكون متوفرة للنخب السياسية ولا يمكن بعد كل هذه التجربة أن نتحدث أننا في حاجة لأقلمة الديمقراطية في واقعنا؟

كان واضحا تماماً عندما جاء الاستقلال وكنا قد نلقنا التجربة الليبرالية كما هي، ونحن الآن نتحدث عن الديمقراطية التوافقية، وهذه وسيلة لأقلمة الليبرالية ملائمة لظروف السودان، وهذا هو الدرس المستفاد من مشاكل الليبرالية غير المؤقلمة.
• ما الفائدة وما يزال هناك عدم توافق وتنازع وخلافات حتى داخل الكيانات المتحدة مع بعضها؟
ستكون…..
-مقاطعة-
• هذه أماني سيد الصادق؟
لا ليست أماني، أنا كتبت كتابا سميته (الديمقراطية عائدة وراجحة)، وفيه مقارنة بالديمقراطية والأتوقراطية والتطلع لعودة الديمقراطية بعد أن تكون حفظت الدرس.
• مشكلتنا في حفظ الدرس أن النخب السياسية لا تستفيد من تجاربها السابقة؟
ستستفيد، ورأيي أن بناء نظام ديمقراطي في بلدان متخلفة كبلادنا قضية فيها تحدٍّ كبير، والدرس المستفاد والآن نحن ننطلق منه أولاً أن لدينا أوتقراطية لا تنفع مع السودان، مهما رفعت من شعارات لأن الثلاثة أوتقراطيات واجهت في السودان انتفاضات، وكذلك الثلاثة واجهت أربعة حروب أهلية، إذا الرد على الأتوقراطيات الموجود في الكيان السوداني هو الانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة، وإذن هذه النظم لا تصلح مع واقع السودان. والنظم الديمقراطية تمثل أشواق الشعب السوداني الذي يريد التسامح ويقدر الكرامة، والتواضع.
وأنا كتبت عن إنسانيات السودانيين، ومن هذا المنطلق أرى أن التجربة الديمقراطية القادمة تحتاج للأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني كلها وهي لبنات البناء الديمقراطية، بحاجة لبناءات جديدة بناءً على التجربة، وكذلك الدستور.. نحن نحتاج لبناء دستور يراعي الأقلمة التي تحول دون الإحساس بالتهميش.
• دعنا نتوقف عند هذه النقطة، إذا نظرنا للأحزاب هناك اتهام مباشر أنها لا تحمل ثقافة ديمقراطية في داخلها وأنها تحتفظ بقيادات لفترات زمنية طويلة جداً على القيادة، فكيف لها أن تؤسس لديمقراطية في الدولة وكذلك النقابات أنت اعتبرت في كتابك (الديمقراطية ..عائدة وراجحة) النقابات والإضرابات أنها سبب أساسي في انهيار التجربة الديمقراطية الثالثة، ونحن الآن نعيد نفس التجارب، أين الفائدة من كل تلك الدروس؟
نعم.. تلك الدروس مفيدة جداً حتى لا تتكرر ولذلك نعم، هناك أحزاب سياسية تستغل النقابات كواجهات، وهذا الموضوع يجب أن يعالج دستورياً وقانونياً، ويجب أن تكون النقابات في دورها النقابي وليست كواجهات سياسية، وهذا درس مستفاد يجب أن نأخذه في الحسبان. أما بالنسبة للأحزاب فكل بناؤها بالجملة (غلط) مثلاً حزب الأمة يخطو في حركة إصلاحية تحديثية كبيرة جداً. وسمّينا ذلك (التقدمية المؤصلة) المهم ليس إلى أي مدى القيادة موجودة في الساحة ولكن إلى أي مدى هذه القيادة معتمدة على الانتخاب وحريته في مؤسساتها، حزب الأمة مؤسساته منتخبة في سبع مؤسسات عامة والرئاسة والأمانة العامة والمكتب السياسي والمكتب التنفيذي وكلها خضعت لمنافسة ومناظرة حقيقية وانتخابات.
• هناك اعتقاد أن الديمقراطية الممارسة داخل حزب الأمة هي ممارسة شكلية وليست حقيقية ويرون أن استمرارك لأكثر من نصف قرن على رأس الحزب دلالة على أن البناء الديمقراطي للأمة القومي غير مكتمل؟
يا (أخي) هؤلاء الذين يحكمون بالشكليات، حزب الأمة القومي طيلة هذه الفترة محلول لأكثر من أربعين عاماً، ومن هذه المدة رئيس حزب الأمة كان لثمانية أعوام ونصف في السجن، فكيف يكون رئيسا؟!! هو في هذه الفترة ليس رئيسا، وهذه الفترة من الاستقلال وحتى يومنا هذا. الدكتاتورية العسكرية استبدت بالسودان 85% من الفترة، وفي هذه النسبة الأحزاب السياسية ملغاة وغير موجودة.
• أنتم الآن لستم في السلطة ولكنكم موجودون في الساحة السياسية؟
الآن هناك حرية، وأثناء تلك الفترة لا تستطيع أن تجتمع، وأنا دخلت السجن عدة مرات لأنني قلت خطبة أو لأنني اجتمعت مع محاور، ومرة اعتقلت لأنني جلست في حوار الأستاذة المصرية أماني الطويل، وأود القول إنه أثناء الديكتاتورية لا وجود للأحزاب السياسية.
• الإجراءات الاستثنائية كانت موجودة حتى في الفترة الديمقراطية والذين عقدوا اجتماعا في امبو مع الحركة الشعبية عند عودتهم قمتم باعتقالهم ؟
خطأ، هذا كان تصرف وزير الداخلية وليس الحكومة، وأطلق سراحهم بعد ذلك.. واعتبر أن إجراءاته كوزير داخلية إجراءات صحيحة ولكن على أي حال الحكم الديمقراطي فيه سيادة حكم القانون حتى إذا حدث خطأ للإنسان طريقة لتصحيحه، وعلى كل حال أود أن أقول لك، ليس صحيحا أن الديمقراطية في حزب الأمة شكلية، وهناك أناس يحضرون من الصحافة وغيرها ويرون أن هناك عملية تغيير واضحة وكل أجهزتنا عندما غيرنا عدد كبير من الأمين العام والمكتب السياسي، وأنا ليس لديّ فقط دور تنظيمي، أنا لديّ دور منظر وقائد.
• ولديك سلطة روحية على العضوية؟
لا أبداً.
• أنت إمام الأنصار؟
هذا صدفة كذلك وأنا لم أكن أود أن أكون إماماً للأنصار وحتى الآن في داخل حزب الأمة أقول لهم: لا تخاطبوني كإمام، أنا إمام في إطار آخر، فأين الذي أتى بحكاية إمام هذه؟! عندما حدثت الفتنة التي قادها السيد مبارك، فكروا في تكوين حزب أمة بطريقته ويأتون بإمام للأنصار، وهذه خلقت رد فعل وسط الأنصار، وبعدها علقت فترة الإمامة لفترة طويلة ولكني رفضت أن أكون إماما للأنصار للفصل ما بين الدعوة والحزب ولكن هزمت.
• هل هذا ممكن؟
لماذا لا يمكن وهذا سيكون في مؤتمراتنا القادمة، وإذا تابعت حديثنا، نريد القول لماذا حدث ذلك، لأنه من الدروس المستفادة بالنسبة للتجربة.
صحيح حدث هذا الأجراء ولكنه دفاعي ضد مؤامرات نظام الإنقاذ الذي كان يريد أن يتدخل في كيان الأنصار. والنقطة هنا أننا نريد أن نتابع منهجا ديمقراطيا مؤسسيا في حزب الأمة، وكل الذين خرجوا من حزب الأمة الآن عائدون، وأول نقطة نطالبهم بها اعترافهم بأن الحزب الذي خرجوا منه كان حزبا ديمقراطيا قائما على المؤسسية واحترام الرأي الآخر.
• هل في مقدمة هؤلاء السيد مبارك الفاضل؟
كلهم قلنا لهم قبل أن يأتوا للانضمام إلى حزب الأمة أن يجروا نقداً ذاتياً.
• هل المطالبة وُجِّهَتْ للسيد مبارك أيضاً؟
أكيد، مبارك ومن معه.
• لماذا ومبارك يقدم لك كثيراً من الولاء ويحاول الاعتذار لك بأشكال مختلفة للعودة للحزب، ولكن أنت تغلق الابواب في وجهه؟
أنا أتحدث في إطار الآتي: كل القوى السياسية، نحن في حزب الأمة نرى ضرورة التنسيق بينها وبين حزب الأمة بما فيها هم.
• هم يريدون الرجوع إليك؟
حتى تكون هناك عودة لازم يتم نقد ذاتي، لأنه إن لم يحدث يمكن تتكرر التجربة والآن كثير من الذين عادوا لحزب الأمة، وكان معنا أمس مجموعة كبيرة مع الأخ عبد الله بركات، والتزموا بذلك.
• كأن هذه المطالبة محاولة للانتقام والإذلال؟
أبداً، النقد الذاتي حتى لنا لازم ننتقد أنفسنا.. النقد أكبر وسيلة للبناء عرفها الإنسان، ولذلك أنا لا أعتقد أن الحزب السياسي مثل (الزريبة) الإنسان يخرج ويعود على كيفه، إذا خرجت اجتهادك وإذا أردت العودة فلا مانع أن تعود ولكن تعمل “نقد ذاتي”، وأنا قلت لهم افعلوا ذلك واعترفوا بالآتي: حزبكم لم يقلكم ويتخذ قرارا، وحزبكم لم يجانب المؤسسية والديمقراطية.
• أليس هذا إقرار قهري؟
لا أبداً، وهم معترفون بذلك.
• اتركها طوعية إذن ولا تجعلها إلزاماً؟
هذا مشروع تربوي سياسي، بعد ذلك يقولون إننا نود العودة لحزبنا وسنلتزم بالمؤسسية والديمقراطية، لأنك فعلت شيئا فيه خرق للديمقراطية، والمؤسسية وأنا قلت لهم إن هذا ليس أمرا يقرره السيد الصادق، هذا أمر تقرره أجهزة الحزب، بعد أن تأتوا بحيثيات من هذا النوع، الأجهزة تقبل وكثير من الذين خرجوا عادوا بذات الطريقة، ونحن نريد تربية سياسية للأجيال كلها.
نواصل

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.