بقلم: رشيدة آدم أحمد


دبلوماسية الأقطاب المُتعدِّدة – الحل الأمثل في التّعامُل مع الملف الإيراني

شارك الخبر

المُتابعون للأزمة الإيرانية اليوم يدركون خطورة الأحادية القطبية الإقصائية شديدة الضغط التي تُمارسها الولايات المتحدة الأمريكية في تَعامُلها مع الملف الإيراني.
فبينما تتمسّك إيران بموقفها الداعي لحفظ أمنها القومي وإحداث تَوازُن في ميزان القوى العسكرية، تتّخذ الولايات المتحدة موقفاً أحادياً مُتشدِّداً بصفتها القطب المُهيمن على السَّاحة الدُّوليّة في هذا العصر، يظهر اندفاعها في تصريحات مُتسرِّعة أو تغريدات للرئيس ترمب، غالباً ما لا تجد هذه السِّياسات والمَواقف والتصريحات قُبُولاً أو دعماً حتى على المُستوى الداخلي في أروقة الكونغرس أو في الشارع الأمريكي، مثل ما حدث في اتّخاذ قرار الانسحاب الأمريكي من الاتّفاق النووي مع إيران الذي تمّ توقيعه في عهد الرئيس أوباما.
ويرى كثيرٌ من الأمريكان أنّ المجهودات الأمريكية في الخارج إنّما هي استنزاف للموارد الاقتصادية لبلادهم، خَاصّةً بعد سِجَالٍ تَاريخي طويلٍ من الحُرُوب خَاضته الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط بدءاً بالحرب على فيتنام، مُروراً بحروب الخليج ذوات الفصول المتمرحلة، وحرب أفغانستان والقاعدة وحَرب تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام “داعش”، وحروب الرد على الإرهاب بجميع مُسمّياتها، انتهاءً بالتلويح بالحسم العسكري للقضية النووية الإيرانية والوضع المُتأجِّج في الخليج في ظِل احتقانٍ كاملٍ وابتعاد الأطراف عن التحلِّي بالحكمة وضبط النفس والدعوات للردع والتّصعيد العَسكري.
وقد كشف تقريرٌ لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، أنّ الإنفاق العسكري العالمي وصل إلى أعلى مُستوى له منذ ثلاثة عُقُود مدفوعاً بشكلٍ أساسي من أمريكا والصين والسعودية، حيث ذكر التقرير إحصائيات تُقدّر نسبة الإنفاق العسكري للولايات المتحدة بنسبة 36 بالمئة، مما يعني أنّها أنفقت ما يقرب إجمالي ما أنفقته الدول الثماني التالية لها في قائمة أكثر الدول إنفاقاً في المجال العسكري.
في ضَوء نَهج التّصعيد الخطابي الذي تسير عليه إدارة الرئيس ترمب مع إيران والذي لن يجدي نَفعاً بَل على العكس تماماً ربما يتّجه بالأمور نحو الأسوأ، وتحدي الأخيرة لحلفاء واشنطن ومُحاولات فَكّ الاختناق من العُقُوبات الاقتصادية القاسية التي أنهكت الدولة نظاماً وشعباً، كان لا بُدّ من ضبط النّفس وتفعيل دبلوماسية الحُلُول مُتعدِّدة الأقطاب خاصةً مع وقوف روسيا والصين إلى جانب دعم إيران، والمَوقف الرمادي الذي اتّسم به بعض دول الاتحاد الأوروبي.
لا بُدّ من توافُق دبلوماسي يمنع الانزلاق نحو التصادُم والفَوضى، هذا التّوافُق لا يأتي في مواقف أحادية قطبية تتّخذها وتقرِّرها فقط أمريكا والحلفاء، بل يأتي عبر رضاء القُوى الدولية وجديتها في اتّخاذ خطوات فعَالة بالجلوس للتفاوُض لإقرار الحُقُوق والواجبات مع مُراعاة بعض المطالب المعقولة لإيران وأصدقائها، حيث أنّه ليس بالضَرورة أن تقرع طُبُول الحرب. وأعتقد أنّ القطب الأمريكي قد أدرك ذلك بعد تَراجُعٍ مَدروسٍ وهُبُوطٍ ناعمٍ في تصريحات المسؤولين الأمريكيين.
استراحة الختام:
أريد بلاداً لا تطل على دمٍ.. وليل بطئ فيه تسهر قهوتي..
بلاداً أغني للصباحات باسمها.. وينطق فيها الورد: يا حرب أنصتي..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.