اللجنة الفنية المشتركة.. الشيطان في التفاصيل

الخرطوم: إيمان كمال الدين

عقب الاتفاق الذي تم بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي فجر الجمعة الماضية، تم تكوين لجنة فنية مشتركة من الطرفين لإعداد الصياغة القانونية للاتفاق والتوقيع عليه، وفيما وضع سقفا زمنيا للانتهاء من أعمال اللجنة وكان من المتوقع أن تنتهي أمس، إلا أن الاجتماع رُفع دون التوصل إلى نتائج، وبرز على السطح الحديث عن خلافات بين الطرفين وملاحظات حول الصياغة وأحيانًا ضبط المصطلحات.

بين النفي والتأكيد كثرت التسريبات حول وجود خلافات بين الطرفين ونقاط لم يتم التوصل حولها لاتفاق (مصادر) أشارت في حديثها لـ(السوداني) أمس إلى أن اللجنة الفنية توقفت أعمالها وفشلت في الصياغة لوجود تباينات في الأراء بين الطرفين وطريقة الصياغة وإدخال نقاط لم يتم التوافق حولها. وأوضحت المصادر أن الوساطة تدخلت وقدم مقترحات الاتفاق مكتوبةً للطرفين لجهة أن الوساطة هي المشرفة على الاتفاق، فيما يلتئم مساء اليوم اجتماع للمكتب القيادي لقوى الحرية والتغيير لإجازة الاتفاقية واعتمادها.
وعقب تقديم الوسيطان مقترحاتها للأطراف مساء أمس. وطبقًا لمعلومات السوداني، فإن كتلة نداء السودان أجازت المقترحات المقدمة من الوسيط فيما تحفظت كتلة النازحين واللاجئين وتمت كتابة التحفظ في المحضر.
في سياقٍ آخر، أشار عضو اللجنة الفنية المشتركة عن قوى الحرية والتغيير نبيل أديب في حديثه لـ(السوداني) أمس أنهُ لا توجد عقبات تُذكر والعمل كثير لذا أخذ الكثير من الوقت، ولا توجد خلافات لكن لا ضمانات ألا تحدث خلافات.
وحول ما رشح عن أن الوساطة قدمت مقترحات الاتفاق لكل طرف على حده وتوقف عمل اللجنة الفنية أوضح أديب أن الوساطة لجهة أنها من قدمت المبادرة والاتفاق والأطراف المتفاوضة أضافت بعض التعديلات إلى جانب أن لكل طرف آراء مختلفة، فالوساطة من باب أنها من صاغت الاتفاق قدمت اقتراحات وما تم الاتفاق عليه، وأضاف: ستتم مراجعتها اليوم وتصاغ بشكل قانوني.

نقاط الخلاف
مصادر أشارت لـ(السوداني) إلى أن المجلس العسكري الانتقالي اقترح إضافة نقاط منها أن يكون مجلس الوزراء قوى الحرية والتغيير وقوى سياسية أُخرى، وخلافات أُخرى شكلية.
من جانبه أوضح عضو اللجنة الفنية المشتركة المحامي نبيل أديب في حديثه لـ(السوداني) أمس، أنهُ من المقرر أن تنهي اللجنة الفنية المشتركة أعمالها اليوم، وحول تأخرها يقول أديب: إنهُ لا حاجة للدخول في تفاصيل عمل اللجنة لجهة أن هذا لا يتفق مع الواجبات وأن اللجنة تصيغ ما تم الاتفاق عليه عازيًا التأخر في إتمام الصيغة النهائية لأن الصياغة تأخذ زمنًا وأن بعض النقاط بحاجة لاستيضاح.
وأشار أديب إلى أن اللجنة الفنية المشتركة انتهت من أغلب الوثيقة، وأضاف: هذه وثيقة دستورية واتفاق سياسي واللجنة تزاول عملها منذُ الصباح حتى الليل، لافتًا إلى أنهُ تبقى القليل.
ويذهب أديب إلى القول بأنهُ لا توجد خلافات بين الطرفين، وأن هناك آراء تقال وكل طرف يختار صياغة.

ضبط مصطلحات
بالمقابل نفى عضو قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل، في حديثه لـ(السوداني) أمس، وجود نقاط خلاف بين الطرفين، وأضاف: ما من خلافات بل ينحصر الأمر في ضبط المصطلحات لأنه سيخرج في شكل إعلان دستوري، لافتًا إلى أن التأخير موضوعي وسينتهي، موضحًا أنهُ لا صحة لما يرد حول إضافة نقاط أخرى للاتفاقية معتبرًا أن الاتفاق محدود وصيغتهُ عامة.
في سياقٍ متصل، أشار القانوني معز حضرة في حديثه لـ(السوداني) إلى أن الاتفاقية عادةً ما يُضمن فيها كل البنود التي تم الاتفاق عليها وتكون العبارات محكمة ودقيقة وواضحة ولا تخضع للتفسيرات، مشيرًا إلى أنهُ عقب الاتفاق على النقاط الأساسية ينبغي أن لا تكون هناك عقبات، مرجحًا أن يكون التأخير ناتج عن ضبط اللغة.

حل سياسي
وفيما تتضمن الاتفاقية حلًا سياسيًا للأزمة التي كانت بين الطرفين يرى معز أن التفاصيل غير مهمة، إلا أن أجواء عدم الثقة المحيطة بين الطرفين تؤدي إلى التأخير. ويرى معز أنهُ ينبغي أن تكون هناك جهة تصيغ وتعرض الصياغة على الأطراف مقترحًا تفويض الجهة القانونية من الطرفين لوضع وإحكام الصياغة القانونية دون الرجوع للأطراف المعنية، إلا عند التوقيع النهائي، وأضاف: الرجوع للطرفين في كل صغيرة وكبيرة ووجود الملاحظات من كل طرف تستغرق وقتًا معتبرًا أن تفويض لجنة التفاوض مع اللجنة الفنية المشتركة سيجعل الأطراف تكسب الوقت.

شيطان التفاصيل
المستشار السابق لوزارة الدفاع اللواء يونس محمود توقع في حديثه لـ(السوداني) أمس أن التأخير مردهُ خلافات متوقعة في اتفاق كهذا بخطوط عريضة، وأضاف: لا بد من وجود خلافات في التفاصيل المحددة للأنشطة والواصفة للصلاحيات بمجلس الوزراء والمجلس السيادي إلى جانب الشروط اللازمة لاختيار المرشحين والصلاحيات. ويرى يونس أن الاتفاق أعطى قوى الحرية والتغيير حق تكوين مجلس الوزراء والشرط العام هو أن تكون حكومة كفاءات لكنها محصورة داخلهم، وأضاف: هذه نقطة خلاف أساسية لجهة أن المجلس العسكري الانتقالي سبق وصرح عقب الاتفاق أنهُ لا إقصاء. ويرى يونس أن الأطراف سيكون بينها شد وجذب وقد تحتاج للوساطة في درجة من درجات الخلاف عوضًا عن أن ينهار أو يرجأ الاتفاق وذلك لتسهيل النقاط الحرجة.
من جانبه قال اللواء أمين إسماعيل مجذوب في حديثه لـ(السوداني)، إنهُ تم وضع سقف زمني للجنة الفنية وانتهى القيد الزمني بلا اتفاق، وأضاف: تم الاتفاق على مجمل الخلافات بين الطرفين ولكن هناك “شيطان التفاصيل” مقللًا من وجود عقبات وأنهُ لا توجد تحفظات أو شكوك لدى المجلس العسكري، فيما قد يكون هناك تحفظ حول بعض الأسماء المرشحة فيما بعد لرئاسة الوزراء أو المجلس السيادي من ناحية الفحص القانوني.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.