إليكم … الطاهر ساتي

الرسالة!!

شارك الخبر

:: مٌخاطباً عُمال النظافة وبائعات الشاي بشارع النيل، تعهد رئيس المجلس العسكري الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بدعم كل أصحاب المهن البسيطة وبائعات الشاي، مطالباً بتوفير فرص العيش الكريم وعدم مضايقة (كل من يعمل عملا شريفا)، وخاصة أن المرحلة القادمة تتطلب تكثيف الجهود لمحاربة الفقر والبطالة، وموضحاً أن أي عمل شريف يستحق التقدير، ثم طالب البرهان بتسجيل أسماء كل العمال وبائعات الشاي بشارع النيل لدعمهم مادياً ومعنويا.
:: لقد أحسن البرهان عملا بهذه (الرسالة)، ونأمل أن تصل كل محليات السودان.. فالشاهد، طوال عقود النظام المخلوع، بائعة الشاي لم تكن في أمان، بل كانت تتعرض للابتزاز وتقاوم المخاطر وتكظم الأحزان.. فالسواد الأعظم من المجتمع السوداني لا يحمل لها غير (التقدير) و(العطف).. ولكن، السلطات المسماة بالمسؤولة، بقوانينها الولائية والمحلية، ظلت ترهق بائعة الشاي لحد الاضطهاد.. إذ هي كانت – في نظر السلطات – إما متهمة حتى تُثبت براءتها أو سبية حتى تدفع الجزية للمحليات.
:: ومن منا لم يشاهد المشاهد المحزنة يومياً؟.. يأتيها موظف المحلية متأبطا شرطياً يفرغ فيها كل طاقاته ومهاراته وخبراته العسكرية، لأن جريمتها الوحيدة هى فقط تريد أن (تعيش بالحلال).. يطاردها ويصادر عدتها بحجة (تنظيم المدينة)، وهي كلمة حق مراد بها (تغريم المسكينة)، وتحقيق الربط المقدر لخزينة المحلية.. لم يكن تنظيماً تلك المطاردة، بل كانوا يكشفون حال النساء ليستروا – بالمقابل – حال الخزائن.
:: ولم يكن تنظيماً للمدينة أن يحطم موظف المحلية وعسسها (كبابيها) ويصادر (صوانيها) مع أول الصبح، ثم يُعيدونها قبل الضحى مقابل (دفع الغرامة).. هكذا كان حال سبايا النظام المخلوع.. ما هكذا تنظم السلطات والقوانين المدائن والمجتمعات بحيث يسود الأمان والاستقرار.. فما يحدث لهن لم يكن (تنظيماً)، بل كانت آلية (جباية)، لتحقيق (الربط المقدر).. ولو أضربن عن العمل أسبوعا لاستنجدوا بهن ليعدن إلى مهنتهن.. فالربط المقدر لم يكن يتحقق – لخزائن الكسالى – إلا بمطاردة إماء الله اللائي خرجن من بيوتهن ليكسن حلالا.
:: أما الفئة الأخرى التي وجدت حظها في خطاب ودعم البرهان، وهي القوى العاملة بالنظافة في الخرطوم، فهذه أمرها عجب.. حجم القوى مقدر بـ (1500 عامل)، وراتب العامل لا يكفي أسبوع، وحتى هذا المبلغ الهزيل يتأخر صرفه شهراً أو نصف شهر.. وكل هذه القوى محرومة من بعض حقوق العمالة التي ينص عليها قانون العمل، ثم الأدهى والأمر لا تشملهم مظلة التأمين الصحي وهم الأقرب إلى بؤر الأمراض والمخاطر الصحية، ولا تشملهم مظلة التأمين الاجتماعي.
:: هي عمالة مؤقتة و(مُستغلة)، أي غير مستوعبة في الخدمة العامة، رغم أن السواد الأعظم منهم يعمل بهذه المهنة منذ سنوات.. و.. و.. هناك الكثير من المواجع التي تنتظر حكومة ما بعد الثورة.. فالسواد الأعظم من أصحاب المهن الموصوفة بالهامشية يبكون دماً ودموعاً خلف جدران منازلهم من وطأة الغلاء والعلاج والتعليم وأثقال الرسوم والجبايات، ويموتون – في اليوم ألف مرة – من ضنك الحياة.. والوسادة وحدها هي الشاهدة على دموع البُسطاء في هجعة الليل، فسارعوا إلى تشكيل حكومة تكون سياساتها (ملاذهم).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.