إليكم … الطاهر ساتي

السُفن المُنقذة!!

شارك الخبر

:: ما يزيد عن مليار دولار في بنك السودان المركزي، أو هكذا تباهى رئيس اللجنة الفئوية والاجتماعية بالمجلس الفريق أول صلاح عبد الخالق في لقاء إعلامي – يوم أمس – بالقصر الجمهوري.. ثم استرسل صلاح – مُباهياُ – بأن المجلس العسكري سدد مبلغ مائة مليون دولار من ديون السودان الخارجية، واشترى من الوقود ما يكفي حاجة البلاد حتى أغسطس القادم، ثم كميات من القمح والدقيق والأدوية.. وختم صلاح حديثه – مُباهياُ – بأن كل هذه السلع والمواد تم شراؤها من حر مال السودان.
:: وفي ذات اللحظة، أي عندما كان صلاح يتباهى أمام الإعلام المحلي بالقصر الجمهوري، كانت الوكالات والفضائيات العربية تبث خبرا تحت عنوان (السعودية والإمارات تنقذان الموسم الزراعي في السودان)، بالنص الآتي: (تنطلق سفينة محملة بما يزيد على 50 ألف طن من المغذيات الزراعية – اليوريا- واحتياجات المزارعين، من ميناء الجبيل الصناعي بالسعودية إلى ميناء بورتسودان بالخرطوم، بشكل عاجل، لإنقاذ الموسم الزراعي في السودان).
:: ولم تنقذ السعودية والإمارات موسمنا الزراعي خصماً من المليار ومئات الملايين من الدولارات التي يتباهى بها رئيس الفريق أول صلاح عبد الخالق، ولكن تم إنقاذ موسمنا الزراعي من قبل السعودية والإمارات بـ(منحة)، واستمرارا للمواقف الأخوية والمستمرة لمساندة شعب السودان الشقيق في أزمته الحالية، أو كما قالت الأخبار.. وعليه، رغم المليار دولار ورغم ما سماه صلاح بحر مال السودان، فالسعودية والإمارات تنقذان الموسم الزراعي في بلادنا.
:: رغم توفر ما يزيد عن المليار دولار في البنك المركزي، لم يُفكر السادة بالمجلس العسكري والسلطات الزراعية في الاستعداد للموسم الزراعي – بتوفير اليوريا وغيرها – من وقت كاف، بل انتظروا السعودية والإمارات لتنقذ الموسم الزراعي في (اللحظات الحرجة)، أي بعد هطول الأمطار.. فالسادة بالمجلس والسلطات الزراعية يعلمون بأن بداية الخريف اليوم – 15 يوليو – حسب التوقيت الرسمي، ويجب الزراعة قبل وبعد هذا التوقيت مباشرة، ومع ذلك لم يفعلوا شيئا غير انتظار (السفينة المنقذة).
:: وعليه، شكراً للسعودية والامارات على هذه (السفينة المنقذة)، فلولاها لما انتبه المجلس العسكري والسلطات الزراعية أن بالبلاد مساحة أرض يجب زراعتها، ليعيش ما تبقى من الشعب.. ولكن يبقى السؤال: في حال تأخر الخريف على الموسم الزراعي، هل للسادة بالمجلس العسكري والسلطات الزراعية تدابير احترازية؟.. (مثلا)، هل هناك خطة بزيادة مساحة الزراعة المروية لمقابلة آثار قلة الأمطار أو تأخرها في المساحات المطرية؟ أم أنهم سوف ينتظرون السعودية والإمارات لتخططا لهم أيضاً؟
:: على كل، فالسفينة المنقذة لموسمنا الزراعي (ليست الأولى)، أي طوال عقود النظام المخلوع، ظلت سفن المنح تنقذ البلاد التي يشقها النيل من أقصاها إلى أقصاها، وتغرقها الأمطار في الخريف، وأرضها الخصبة على مد البصر، ومعادنها النفيسة محشوة في جوف جبالها وباطن أرضها، وثروتها الحيوانية تُعد بالملايين، وغابتها تزاحم أشجارها بعضها، ومشاريعها تتوسد شواطئ أنهارها، وإنسانها القادر على العطاء إما مغترب بالخارج أم متغرّب في بلاده.. وما لم تكتمل الثورة، لن نودع عهد ( السُفن المنقذة).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.