أقاصي الدنيا || محمد محمد خير

ما لا يعرفه الوسيط

شارك الخبر

ملاحظة ذكية، تلك التي كتبها الصديق حسين ملاسي، حول الوسيط الإفريقي الذي تحول من وسيط بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، إلى وسيط بين قوى التغيير نفسها، من خلال وجوده بأديس، بغرض التوصل لرؤية جامعة تتأسس على قاعدة التوافق على رؤيا وسيطه تؤسس لاحقا لسلام شامل من خلال فترة انتقالية بلا تنازعات بين أطراف قواها.
تبدو النية طيبة والمقصد نبيلا، لكن ما يبدو صعبا هو ما سأتعرّض له هنا، فأطراف هذا التكوين المُسمَّى بالجبهة الثورية، يُشبه رواية “الإخوة الأعداء” لدوستوفسكي، ويتفاوت العداء بيت كل طرف وآخر بتفاوت الأهداف النهائية لكل طرف، فقد كانت الجبهة الثورية في مرحلة ما جسما واحدا ضم حركات دارفور وقطاع الشمال وأحزاب، مثل حزب الأمة بقيادة نصر الدين الهادي المهدي والحزب الاتحادي وجبهة الشرق وبعض الشخصيات والمنظمات المدنية، وتراضت الجبهة حينها على رئاسة دورية، لكن قطاع الشمال حنث بذلك العهد، فانقسمت إلى جبهتين ثوريتين، وانضم بعض شخصياتها لعبد العزيز الحلو، الذي استقل بعيدا عن الجبهتين طارحا تقرير المصير، أما عبد الواحد فقد ناء نائما ملء جفونه شاهرا لاءاته في وجه التنسيق والتفاوص حارسا النازحين والعناد.
الأطراف التي تتناقش الآن في أديس تقودها حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني الذي تختلف تحالفاته الخارجية مع العدل والمساواة، فهو يرتبط بمحور الإمارات، فيما تدعم قطر الدكتور جبريل وتحارب قواته إلى جانب حفتر، فيما تقاتل قطر بجانب السراج، أما قطاع الشمال فهو يأمل في تحالف إماراتي واضح الأهداف يقضي على الإسلام السياسي.
العدل والمساواة، تتشكّك في صدقية قطاع الشمال، الذي لم يكن وفيا للائحة الجبهة الثورية، حين كانت جبهة واحدة، يشاركها في ذلك مني ويعبر عن ذلك التوم هجو .
مني وقع اتفاقا مع حميدتي، وكاد جبريل أن يحذو حذوه، لولا شوكة الإمارات، فهي ترتب لسلام في دارفور دون أن ينفخ جبريل صوره، وقطر ترمي بشباكها في البحر فتأتي الشباك مليئة بالموج.
ووفد قوى الحرية والتغيير لا يبتغي سوى (مدنياوووو)، متناسيا أن الخطوة الاخيرة للسلام لن تتم إلا بالعسكر، لجهتي الدمج والترتيبات الأمنية .
حقائق الواقع العسكري تقول إن حركتي العدل والمساواة وحركة مني ليس لهما وجود عسكري مؤثر في دارفور، فكل قواتهما في ليبيا، وقوات عقار مع تكة، وفي حاضنة الحلو بأعالي الجبال، فكيف يتم التوصل لترتيبات أمنية تستوعب بموجبها قوات خارج التربة الوطنية؟!
كيف أعطيك الزبدة وتمنعني الحليب؟
والأهم من ذلك كله، أن أهم طرفين في عملية السلام غائبان عن هذه التظاهرة، ولكل طرف منهما رصيده الوافي، فكل نازحي دارفور في طاعة عبد الواحد، ولن يتم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا إذا تمَّ سلام في دارفور يلغي قانون سلام دارفور، ويبدد مظهر الأزمة المتمثلة في النازحين، ولن ينسق عبد الواحد مع مني أو جبريل، لأنه يتفرد بعناد أشبه بعناد الأطفال، أما الحلو فلن يبدل الصمت والصمت لا يمنح تأشيرة لعبور الجبال.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.