نائب رئيس الحركة الشعبية شمال وأمين العلاقات الخارجية للجبهة الثورية لـ(السوداني): (2-2) ما توصلنا له بأديس أبابا يجب ألا يتعرض للتشويه بالحديث عن المقاعد

أديس أبابا: عمرو شعبان

جدل كثيف أثارته المفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في أديس أبابا، رأى البعض أنه تفاوض بلا جدوى لأن الجبهة الثورية موقعة على إعلان الحرية والتغيير ضمن نداء السودان، وذهب بعضهم إلى أنها محاصصات حول السلطة، وهو ما نفاه آخرون فيرون ضرورة هذه المفاوضات لتقوية تحالف نداء السودان وأهميتها لبحث قضايا السلام… لوضع النقاط على الحروف جلست “السوداني” لنائب الأمين العام للحركة الشعبية وأمين العلاقات الخارجية بالجبهة الثورية، ياسر عرمان وكانت هذه هي الحصيلة:

لكنه سيكون اتفاق منقوصاً في ظل وجود حركات مسلحة خارج الاتفاق؟
هذه الحركات نرحب بها، وهي من استبعدت نفسها، ومرحباً بها في أي وقت تأتي فيه، نحن المؤسسين  لقوى الحرية والتغيير وأتينا  لأننا منذ البداية دعمنا الحرية والتغيير وراهنا على الشعب وقواه وراهنا على الحوار الوطني وعلى العمل المشترك، ورفضنا أن نعزل نفسنا عن الحركة الوطنية، ومن لم يأتوا لديهم قضايا حقيقية ونرحب بهم وندعوهم إلى التفاكر والتشاور وأن يكونوا جزءاً من الحركة العظيمة التي تضم السودانيين من مختلف أنحاء السودان.

لكن منح مقعدين للجبهة الثورية و3 مقاعد للحرية والتغيير لم يترك مكاناً لتلك الحركات؟
أنا لا أتحدث عن مقاعد أو غيرها، فالمجلس العسكري حصل على مقاعد أيضاً.. ولا أريد الخوض فيما تم الاتفاق عليه أو أن كلامك صحيحاً أو غير صحيح، هذه ليست مهمتي الآن بل أريد أن أوضح للشعب السوداني أن ما تم لا يجب أن يتعرض للتشويه بالحديث عن المقاعد، إن ما تم عملية مهمة لإعادة الوجه الحقيقي لترتيبات أمنية يحتاجها السودان الآن وإلا سينهار، هذا الحوار تم في هذه القاعة بمشاركة واسعة من الهامش وهذا ما يحتاجه السودان لإنهاء الحروب وهو ما يحتاجه السودان، لإعادة بناء السودان الجديد وهذا يحتاجه السودان..

لكن طول المدة ساهم في زيادة المخاطر على الثورة من قبل الثورة المضادة؟
نحن نعلم الإحباط والرغبة وكلنا لدينا رغبة في بناء نظام جديد اليوم قبل غدٍ، ونقدر ذلك.. لكن القضايا بطبيعتها معقدة مثلاً هل تشارك الجبهة الثورية في الأجهزة الانتقالية قبل توقيع اتفاق سلام أم بعده؟ هذه قضية نظرية وسياسية عملية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام أيضاً  الترتيبات من أجل السلام تحتاج إلى ترتيبات أمنية .. هؤلاء الآن لديهم جيوش .. الموجود حالياً في السودان 5 جيوش وهي تحتاج إلى إعادة القطاع الأمني، والسودان سينهار إن لم يكن به جيش واحد تعاد هيكلته يعكس كل السودان ومصالحه، وإن لم نقم بذلك لن نصل ولن تقوم ديمقراطية.. هيكلة القطاع الأمني.. إن لم تعاد هيكلته سنكون في أفضل الأحوال مثل لبنان يوجد قطاع أمني خاص  وقطاع أمني للدولة ضعيف.
نريد قطاعاً أمنياً تسيطر عليه الدولة ومهني ومرضي عنه من كل السودانيين لسنا ضد أحد، ونعتقد أن بلادنا تحتاج إلى هذا القطاع الأمني والمهني الذي يمثل كل السودانيين  ويعكس مصالح السودان القومية العليا يحمي الديمقراطية والمدنية.. أمر آخر  ما هي المدنية؟ المدنية هي المواطنة هذا ما نعمل عليه هنا.

ياسر عرمان كان هدفاً للإسلاميين طيلة السنوات الماضية، إلا أنه بمجرد وصوله مد يده للإسلاميين، فهل كان ذلك خوفاً أم مثالية؟
هذا موقف قديم للحركة الشعبية ولي، وهذا الموقف ليس معزولاً عن الواقع الموضوعي في السودان، أنا لست مع إسلاميي التمكين أو إسلاميي القهر أو من عاثوا فساداً في البلاد والعباد، أنا أقول إن هناك مجموعات من الإسلاميين راغبة في التغيير وبناء نظام جديد.. هذه المجموعات يجب أن نعمل معها.. ويجب أن نفرق بين التيار الإسلامي وبين الدولة السودانية.. الدولة السودانية  التي قام التيار الإسلامي بتخصيصها واختطافها نحن ضده، نحن مع إعادة الدولة السودانية كدولة وطن وليس دولة حزب. وسيكون التيار الإسلامي موجوداً، وعليه أن يعيد إنتاج نفسه بأن يؤمن بالمواطنة والديمقراطية وفي هذا هناك اتفاق بين قرنق والترابي في وقت مبكر، وحينما حضرنا في 2004م طلبت أجهزة الدولة ألا نقابله، فقابلناه ونلتقي بكل الإسلاميين الراغبين في التغيير، ولم أتحدث عنهم بشكل مطلق بل من يريدون التغيير وأي شخص يريد التغيير ويريد بناء وطن ودولة للمواطنة والديمقراطية ما الذي يمنع التعامل معه.. نحن ليس لدينا موقف صمدي نحن لا ننطلق من أحقاد بل مشروع لبناء الوطن ، ولا نريد إقصاء أحد لكن من ارتكب  جريمة يجب أن يحاسب وبالقانون لا بأيدينا..

مثاليتكم برزت أيضاً في غياب حتى التطهير والصالح العام في وثائق السياسات البديلة؟
لست مفاوضاً عن قوى إعلان الحرية والتغيير ولم أكن في كثير من الأحيان راضياً، لكن نحن مع وحدة القوى وأن تعمل كجسم موحد، لدينا آراء لا نزايد بها  نحن نحترم قوى التغيير وقادتها، هم يحتاجون لسماع صوت الشارع في القضايا المذكورة  والتي نبحث فيها الآن.. أنا لست مثالياً، فقد عملت بالشيوعي السوداني 8 سنوات والحركة 33 عاماً ومارست السياسة منذ عمري 16 عاماً وبشكل استثنائي لأن اللائحة تقول بأن العمر 18 عاماً،  لكن كان هناك شخص قوي ومهوب ومنتمي وأمضى حياته كلها في خدمة الشعب 16 عاماً هو عبد الحميد علي شخص من أنبل وأهم الشخصيات التي بنت الحركة الديمقراطية السودانية قبل عضويتي وساعدني وشربت من ضي النجيمات البعيدة مرحلة..

لكنك كنت من أوائل من قالوا لا للشيوعي في وقت لا يستطيع أحد أن يقولها وغادرت إلى الحركة.. فهل تعرضت لاغتيال أو تشويه؟
الحزب الشيوعي لا يغتال من يخرجون منه، بل هو ديمقراطي وجزء وواحد من أهم الأحزاب التي عملت على بناء الحركة الديمقراطية، وأكن احتراماً واسعاً للشيوعيين السودانيين.. ومواقفي لا تؤدي للعداء والقطيعة مع الشيوعيين.. الآن وبالأمس اختلف معهم في بعض القضايا وبين ما هو تكتيكي وما هو يومي لكن لا أخونهم وأدرك أهميتهم وظللت باستمرار ممتن للفترة التي أمضيتها في الحزب الشيوعي واستفدت منها كثيراً، ولست ممن يديرون ظهرهم لتاريخهم.

حالياً أيضاً هناك اتهام بأن التنسيقية في إعلان الحرية والتغيير مجموعة من (شلة) ياسر خالد سلك أمجد فريد وغيرهما؟
لا .. غير حقيقي بمعنى أنني لست عضواً في التنسيقية، وهؤلاء الناس يمثلون قوى سياسية محترمة وساهموا في الثورة وعملوا من أجل الثورة الكثير.
لكنهم إصدقاؤك؟
نعم هم أصدقائي وأعتز بصداقتهم، وأصدقائي كثر وساهموا  في فترة مهمة من عمر الثورة وأدوا واجباتهم.. الآن هناك مرحلة جديدة ويجب تطوير الآليات التي كانت موجودة لتستجيب إلى المرحلة فإذا كانت التنسيقية لا تستطيع الاستجابة لذا ناقشنا هنا هيكل.. المهم ليس الحديث عن التنسيقية.

إذاً ما المهم الحديث عنه؟
المهم استيعاب أننا سنتحول إلى حكومة ..من سيدعم رئيس الوزراء ومن سيحاسبه من سيضع السياسات ومن سيعالج الأخطاء.. لذلك نحن مع قيام مجلس قيادي وهو من سيقود الحكومة طوال الفترة  ويجب أن تتشكل كتلة تاريخية حتى ما بعد حكومة الحرية والتغيير لأن السودان يحتاج إلى نقلة جديدة وإلى بناء سودان جديد، نحن مع دعوة بناء السودان الجديد، ودعوة د. جون قرنق لن تموت في سودان جديد فهو حاضر في مشهد هذه الثورة.. وهو ما أكدته شعارات جمهورية اعالي النفق والقول بأن الشعب يريد بناء السودان الجديد. أنا عشت مؤمناً بفكرة ومساهمات دعوة وشعارات د. قرنق، وسأمضي ما بقي لي من وقت في هذه الحياة للتبشير بفكر الدكتور قرنق.. وأيضاً أنا مؤمن بعلاقات استراتيجية بين الشمال والجنوب، وظللت طيلة حياتي في قلبي وعقلي لا أفرق بين الجنوب والشمال ، وأسعى ما تبقى لي من عمر لبناء علاقة استراتيجية بين الدولتين دون إلغاء أي دولة، ويكون هناك اتحاد سوداني مثل الاتحاد الأوروبي من أسبانيا حتى تركيا، سيكون هناك اتحاد سوداني، اتحاد روته دماء عبد الفضيل الماظ وعلي عبد اللطيف وجون قرنق ويوسف كوة وشهداء هذه الثورة.

بمناسبة الجنوب، بماذا شعرت ليلة سقوط ابنعوف، والجماهير تهتف (ما بنرجع إلا الجنوب يرجع)؟
هذا إحساس مؤثر وجيد، لكن الجنوب لن يعود بالشكل القديم، نحن نريد بناء علاقات استراتيجية بين الدولتين وأقدر هذا الشعور والشعارات والتي كانت ضد الإثنية وضد التقسيم الجغرافي للسودان.. أنا كرست حياتي من أجل وحدة السودان بكل جهاته، وما تبقى لي من سنوات سأمضيه في هذه القضية، رؤية السودان الجديد جاءت كرؤية لتعزز العلاقات، ولتضع مسار جديد، وتضع طريقة جديدة ورابطة اجتماعية اقتصادية ثقافية جديدة، السودان مقبل على قيام جمهورية جديدة للسودان الجديد، والجمهورية القديمة التي بدأت في 56 والفاشية التي أنشئت في 1989م انتهى أمرها.. فقط لا نريد لبلادنا أن تتجه للانهيار بل نحو سودان جديد، بلادنا الآن في مفترق طرق إما أن تذهب إلى انهيار أو إلى سودان جديد، ونحن سندفع في الاتجاه نحو سودان جديد يوحدها ويبقيها بلد فاعل في هذه المنطقة.

إذا تمت تسميتك عضواً في مجلس السيادة أو رئيساً للوزراء ما موقفك؟
لن أقبل.
لماذا؟
لأنني السلطة التي وجدتها إبان الحركة الشعبية رفضتها جميعها وذكر ذلك د. منصور خالد، مهمتي في الأرض والضيافة فيها لقضايا التغيير ولبناء مجتمع جديد سودان جديد لا أجد في نفسي أو موقعي في الأجهزة السيادية أو التنفيذية بل أجد موقعي وسط الجماهير والعمل الشعبي الديمقراطي لتغيير السودان واكتفي بهذا الموقع وسعيد به، ولن يجدني أي شخص في المجلس السيادي أو الوزاري.

خلال 41 عاماً من تجربتك.. ماذا كسبت وماذا خسرت؟
في الخسارة استدعي حديث حمزانوف، قال “لو كانت حياتي مسودة كتاب لاعدت كتابتها من جديد”، نحن حياتنا أمضيناها في التوجه نحو شعبنا.. كسبنا كل شيء في رحلة الحياة القصيرة في ضيافة الأرض، وكنت من المحظوظين لأنني التقيت بالشهداء والنساء والأطفال والشباب والأوفياء والأذكياء طوال رحلتي ، وكنت سعيداً أيضاً بأن عملت مع إنسان فارع الطول د. جون قرنق لسنوات عديدة عن قرب، وأعدت وجه جديد، فأمثالي القادمون من وسط السودان كان هنالك تحيزات تمنع مثل هذه العلاقات، لكن أنتجنا علاقات جديدة ورؤى جديدة، وصور جديدة تهم السودانيين في المستقبل، لذا أنا ممتن أشعر بالقصور الشخصي حيث كان يمكن أن أكون أفضل مما أنا عليه الآن.
لكن اجتهدت بقدر ما استطعت، وهذه قضايا متروكة للتاريخ وللتقييم، وأهم شيء أنني دائماً عملت بنية حسنة، واعتقدت أن الذي أفعله سيكون لمصلحة السودان.

هل ما يزال عرمان مهجساً أمنياً؟
لا أريد أن يتحول هذا الحوار للحديث عن نفسي، ولكن لو كنت أخشى ما أخشى وأخاف ما أخاف، لما أتيت إلى الخرطوم وحكم الإعدام على عنقي ، نحن تعلمنا من هذا الشعب، وأنا عندما حضرت إلى السودان لأنني تعلمت من الشباب الصغار الذين واجهوا رصاص البشير وواجهوا رصاص النظام القديم وواجهوه في ساحة الاعتصام، تعلمت منهم ولن نكون أقل منهم، وأمضينا وقتاً كافياً وقلنا ما نريد أن نقوله في ضيافة الأرض وسأعود إلى السودان مرة أخرى ولن أخذ إذناً من أحد.
* حتى وإن لم يسقط حكم الإعدام؟
نعم حتى وإن لم يسقط حكم الإعدام ولو كانوا يريدون تقديمي إلى محاكمة كنت مستعداً لذلك حتى لو أرادوا تنفيذ حكمهم، لقد أتينا ولا نخشى شيئاً سوى الله لا السلطان، نقف مع الشعب، ما يخيفنا أن نخون شعبنا أو نقف ضده لا يوجد أي شيء آخر يخيفنا.

زيارتك إلى الإمارات أليست مبرراً للطعن فيكم؟
ذهبت إلى الإمارات وما أزال أدعو الحركة السياسية إلى أن تحاور والإمارات ومحمد بن زايد، وأطالب أبوظبي بأن تدعم مشروع للشعب السوداني.
ذهبت إلى السعودية وذهبت إلى مصر أيضاً ولك أن تعلم أمريكا وجنوب إفريقيا وحالياً في إديس أبابا وسأذهب إلى بلدان أخرى.. ، أنا لست في جيب الإمارات ولا يمكن أن أكون في جيب أي بلد .. لقد عملت سنوات طويلة ونأخذ استقلاليتنا من هذا الشعب، وعملت مع أشخاص كبار لم يكونوا في دائرة أي جيب إقليمي وعملت مع قرنق وتعلمت منه ولم يستطع أي أحد وضعي في جيبه في الإقليم، لكنني لست معادياً للإمارات أو السعودية أو لقطر. وأنصح الجميع بالتحاور مع كل دول الخليج وكذلك قطر لكن نحن ضد دولة التمكين التي بناها الإسلام السياسي وضد تدخلهم، وذهبنا الإمارات لأنها تضررت من الإسلام السياسي وليس لتقديم بلادنا هدية لي أحد، ولا يستطيع أحد أن يضع السودان في جيبه، نحن ..بلد وشعب عظيمان نتعامل مع الجميع باحترام ويجب على الجميع احترامنا.

تصريح أخير؟
أنا غير سعيد من صحيفة (السوداني) ، ويجب أن تعتذر لي لأنها كتبت في يوم ما أنني أمتلك مصنعاً للبيرة، وعليكم أن تنشروا ذلك، الاعتذار واجب لأن هناك وضع جديد، وهناك كتاب شجعان في هذه الصحيفة ظلوا دائماً يقولون الحقائق وأذكر الطاهر ساتي ظل على الدوام لا يساند حملات التشويه، أرجو من رئيس التحرير الاعتذار لي عن الكثير من التشويه الذي استهدفني.

 
 
 
 
 
 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.