رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان في حوار مع رؤساء التحرير (2-3):شكل الحكم يجب أن يُترك للحكومة المنتخبة

الخرطوم: السوداني

مرة أخرى يسعى رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لوضع نقاط الحقيقة على حروف الوقائع والأحداث، ليتزامن توقيت لقائه برؤساء التحرير وكبار الصحفيين مع أحداث مدينة الأبيض، فكانت الإجابات واضحة ومباشرة. البرهان استمع للجميع وأجاب بهدوء في لقاء جمعه بمدير الحوار رئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال، ورئيس تحرير صحيفة (الانتباهة) النور أحمد النور، ورئيس تحرير صحيفة (الجريدة) أشرف عبد العزيز، ورئيس تحرير صحيفة (آخر لحظة)، فضلا عن مدير مكتب صحيفة (الشرق الأوسط) بالخرطوم أحمد يونس والكاتبة الصحفية سمية سيد.

•    ماذا عن الاتفاق السياسي وإمكانية فتحه بعد اتفاق أديس أبابا، مستقبل التفاوض وكذلك الفترة الانتقالية؟!

أنا أعتقد أن كل هذه الأحداث يجب أن تكون حافزا ودافعا للمتفاوضين بأن يعجلوا بالتوقيع على الاتفاق وإنقاذ الشعب السوداني والنظر لحالته، وعلى كل شخص أن ينظر لحالة المواطنين الآن والضائقة المعيشية وهناك تململ كبير جداً من الوضع الراهن. ويجب علينا جميعاً الإحساس بمعاناة هؤلاء المواطنين، أن نحس بالذين ضحوا وخرجوا للاعتصام لشهور عدة، وهم حتى الآن يريدون أن يشعروا بتغيير يوازي ما قدموه من جهد وأرواح لكي يعيش الشعب السوداني الحياة التي يتمناها. لكن ما نراه نحن من تقاطعات يجب أن يكون حافزاً لنا لكي نخرج بهؤلاء المواطنين إلى بر الأمان ونحقق لهم طموحاتهم. رأينا جميعاً التضحيات، فقد انتهى العام الدراسي، ما أضاع عاماً كاملاً لأجل البلد، لكي يمثل أمامهم وطناً معافى سليماً، يحققون فيه أطروحاتهم من حرية وسلام وعدالة. لكن المتاريس الماثلة أمامنا الآن يجب أن تكون حافزاً لنا بتخطيها وعدم الوقوف عندها إذا كنا فعلاً وطنيين وحريصين على العبور بالبلاد. لأنه أيما تمسك بأي حادث يحصل هو بما لا يدع مجالاً للشك له جوانب سلبية وتترتب عليه أمور سيئة خاصة في حياة المواطنين ومعاشهم وأمنهم.
• هل سيوافق المجلس العسكري على فتح الاتفاق السياسي مرة أخرى لإضافة الملحق الذي تم في أديس أبابا؟
أعتقد أن الإعلان السياسي الموقع عليه قبل فترة هو الذي وقع عليه طرفا التفاوض وشهد عليه واعتمده الاتحاد الإفريقي، الذي بدوره أرسله للاتحاد الأوروبي وكل الشركاء أقروه واعترفوا به. أي إضافة جديدة ستكون ملحقاً بالاتفاق، لكن لا يجب أن نتخطى الاتفاق في التفاوض ولا في الوثيقة الدستورية، لأنه أساس الوثيقة الدستورية، فإذا وضعناه جانبا وفتحنا موضوعات جديدة فهذا يعني أننا سنطيل أمد التفاوض لأننا سنجلس للنقاش مرة أخرى حول القضايا التي حسمناها مسبقاً.
فالكثير من الأمور قد حسمت في وقت كانت محل خلاف، فإذا عمدنا إلى فتحها مجدداً أو دعت أي جهة أخرى لفتحها فهي بذلك تقصد إطالة أمد التفاوض والرجوع للتفاوض من البداية، الذي بسبب إطالته دخلنا الشعب السوداني في متاهات وأزهقت أرواح، ومعيشة الناس الآن لا تسر ولا ترضي أي وطني ولا صاحب نخوة، الآن الناس ضاق بهم الحال.

• وكيف سيتم التعامل معه؟
نحن تمت إحاطتنا علماً بأن هذا الملحق يتناول قضايا تتعلق بأهمية بالسلام والمناطق المتأثرة بالحرب. هذا مضمون ما يراد إضافته كديباجة، فيمكن إضافته كملحق أو كبند من بنود الاتفاق، أو أن نجعله وثيقة أخرى، فتكون وثائقنا هي الإعلان السياسي والملحق المعني والوثيقة الدستورية.
• هل سيسبب تعدد الوثائق ربكة في المشهد خصوصا وأنكم في وقت سابق الغيتم كل الاتفاقات السابقة، وحاليا قحت وكأنها تريد إلغاء ما تم الاتفاق عليه؟
نحن نفتكر أن كل ما تم من تفاهمات سابقة هي كانت مجرد تفاهمات وهم تحدثوا عنها كذلك. لكن الاتفاق الحقيقي الذي تم توقيعه يجب أن نعبر به وهو كفيل بأن يشكل على أساسه مجلسي السيادة والوزراء، وترجأ بقية التفاصيل لاحقاً. أنا أعتقد أن الشعب السوداني الآن في حاجة لقيام المؤسسات التي تخدمه وتحل مشاكله، لأننا في المجلس العسكري الآن تحملنا هذه المسؤولية لشهور طويلة، خصوصا إذا علمتم تفاصيل كيفية الحصول على الموارد والعملة الصعبة. عليه يجب علينا بأسرع ما يمكن تشكيل الحكومة لتضطع بمهامها وتحل مشاكل الناس ومعاشهم، وتقدم شيئاً يحس على إثره الناس بثمرة التضحيات التي قدموها.
• الاقتراحات في الوثيقة الدستورية التي طرحتها قوى الحرية والتغيير للرأي العام تناقض الاتفاق السياسي، ما يعني أنهم سيبدأون من الصفر مجدداً؟
نحن نعتقد أن الإعلان السياسي سيكون المرجعية، لأن كل الأعضاء في لجنة التفاوض قد وقعوا عليه.. أخلاقيا لا أتخيل أن يكون شخص قد وقع على وثيقة وينكص عنها بلا سبب، فإذا أدرج الإعلان السياسي داخل وثيقة فإن يوماً واحداً سيكون كافيا بأن ننتهي من التفاوض.
• أعلنت حركات مسلحة رفضها التفاوض معكم معلنة أنها ستفاوض الحكومة الانتقالية ما يعيد مسألة الحرب والسلام إلى الواجهة مرة أخرى؟ فضلا عن أن العضو الحادي عشر يدور الجدل بينكم والحرية والتغيير هل سيكون عسكريا متقاعدا أم ستختاره الحرية والتغيير؟ هل أنتم زاهدون فعلاً في المنصب السياسي؟ وإذا كنتم زاهدين، لماذا الإصرار على التمثيل والحصة؟
يمكن أن نكون جميعنا متفقين أن السلام من أول واجبات المرحلة الانتقالية وأهمها، أن كل الأطراف متفقة على وجوب إيلاء ملف السلام العناية اللازمة، وكنا نتوقع أن تنضم كل الحركات المسلحة للمنظومة الوطنية بعد إتمام صفقات سلام معهم مباشرة من خلال اللجان والمفوضيات التي ستنشأ، أحد هذه المفوضيات هي مفوضية السلام وهي التي يمكن أن تصيغ اتفاقيات السلام لكي تدخل الحركات المسلحة، وهذه أول قضية محدد لها ستة شهور، فإذا أخلص الناس النية وكونوا المفوضية الوطنية القادرة على تلبية متطلبات المتفاوضين حول السلام فإنه من الممكن أن يلحق كل الناس بالعملية السياسية، بالنسبة لإخوتنا في الحركات عبد الواحد أو الحلو، هم جميعاً يرغبون في تحقيق السلام في السودان، بل إن الحلو حسب علمنا كان مريضاً إلا أنه أرسل (ناسه) وجاءوا واستمعوا للمتفاوضين، وقالوا إنهم سيرجعون لجماعتهم وإن لهم رأيهم الواضح في أن جميع أطروحاتهم ويجب أن تنبع من القواعد، وإن لهم مجلسا مختصا بهذا الشأن سينعقد للبت في هذا الأمر.
بالنسبة للتمسك بالسلطة، هذه فترة انتقالية خططنا لها بأن تكون عاماً واحداً تحكم بعده القوى السياسية ما تشاء، لكن نحن نرى أن الأمر لا يستقيم أن نسلم كل السلطة لجهة غير منتخبة بواسطة الشعب السوداني، لا نشك في الحرية والتغيير إذ أنها تتحدث بلسان جزء كبير الشعب السوداني، لكن هناك أجساما ومواطنين آخرين لهم الحق، ونحن حريصون على أن نمضي مع إخوتنا في إعلان الحرية والتغيير، لكي نسلم الشعب معاً الحكم بجلب ممثليهم من خلال الانتخابات، فنحن إذا كنا نرغب في السلطة لم نكن لنشرك أحداً معنا، ولم نكن لنحدد الفترة الانتقالية بسنة أو سنتين أو بأقل فترة يمكن أن يرتب الناس فيها أوضاعها وتستعيد عافيتها بتكون الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لينطلق الناس لفترة تكون فيها الدولة مكتملة الأركان ومبنية على أساس صحيح. بل يجب أن نسميها فترة تأسيسية، نؤسس فيها جميعاً لنعبر بالبلاد لفترة فيها ديمقراطية وحرية وعدالة.
• كثير من اللغط حول مسألة اختصاصات وصلاحيات مجلس السيادة. الآن الناس يتحدثون عن أنه دور شرفي، والحزب الشيوعي صرح بأن صلاحيات مجلس السيادة هي أقرب لدور ملكة بريطانيا. وهنالك من يقول إن له سلطات حقيقية وسلطات سيادية، لكننا نجد في التفاصيل المتاحة الآن، كأن هناك كثيرا من الاختصاصات والصلاحيات كانت تعرف بأنها سيادية، في السابق تكون موكلة لرئيس الوزراء وليس للمجلس السيادي؟
يمكن مسألة اختصاصات وصلاحيات المجلس السيادي ورئيس مجلس الوزراء مرتبطة بنظام الحكم. نحن في السودان جربنا نظامين للحكم، النظام البرلماني والنظام الرئاسي. تؤول كل السلطات في النظام البرلماني لرئيس مجلس الوزراء أو الحكومة التنفيذية، في النظام الرئاسي خلال الثلاثين عاماً الماضية كل السلطة كانت لرئيس الدولة. ويتبع النظامان في كثير من دول العالم، لكننا في الفترة الانتقالية في المجلس العسكري وكثير من القوى السياسية بما فيها شركاؤنا في الحرية والتغيير يجب أن نترك شكل الحكم للحكومة المنتخبة فيما بعد، أو للمجلس التشريعي المنتخب للتقرير بكيفية حكم السودان. وهذه واحدة من المشاكل التي جربنا فيها النظام البرلماني أكثر من مرة ويحصل بعده انقلاب. نحن كسودانيين يجب أن نتبع نظاماً يشبهنا. صحيح تؤول السلطات في النظام الرئاسي للرئيس، لكن نحن الآن لم نتوافق على شكل الحكم.
• نظام الحكم القادم ليس رئاسياً ولا برلمانياً؟
على الرغم من أن الوثيقة المطروحة للنقاش ورد فيها بأن يكون النظام برلمانياً، إلا أن لنا تحفظاً على كلمة برلماني. لأنه لا يوجد شخص يحدد كيف يحكم السودان، فإذا كان هناك مجلس تشريعي هو الذي سيحدد طريقة حكم السودان.
• ما يعني أن الصلاحيات السيادية المعروفة المطروحة في دستور 2005، أنتم متمسكون بأن تكون للمجلس السيادي؟
السطات التنفيذية تُركت لرئيس الوزراء.
• موضوع مثل تعيين الولاة والسفراء، تعيين رئيس القضاء؟
رئيس النيابة والقضاء وغيرها من الأجهزة، لكل منها نظامه وقوانينه ولوائحه، ولا يحق لأحد أن يعين رئيس القضاء أو النائب العام والمراجع العام، لكل منهم أنظمة ولوائح خاصة بهم.
• لمن يتبعون؟ هل لرئاسة مجلس الوزراء؟
ستكون مستقلة. نحن نفضل أن يتم تعيين الولاة بالتشاور، لأن الوالي في منطقته يمثل السيادة، لأنه رئيس لجنة الأمن في منطقته أو ولايته. لا مانع لدينا أن تكون كل السلطة التنفيذية للحكومة المدنية طالما أن هذا ما يتمناه الشعب. وهذه هي الحكومة المدنية، كل السلطة التنفيذية المختصة بالعلاقة المباشرة مع المواطنين تؤول لرئيس مجلس الوزراء.
• تحدثم فيما مضى عن تحديات عسكرية، بأن هناك حربا ما تزال دائرة في بعض المناطق، وأن هناك تحديات أمنية، كأنكم تشيرون لضرورة أن يكون الوالي عسكرياً في بعض المناطق وليس مدنياً.. هل هذه هي رؤيتكم؟
أبداً، لم ندخل في تفاصيل من يتولون المناصب حتى الآن.
• الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، نص على حق الثورية في أن يكون لها استحقاقات للسلام، هل تعتقد أن هذا يمكن أن يكون جزءا من الوثيقة الدستورية؟ أن يثبت للجبهة الثورية حقا أساسيا أن تكون جزءا من السلطة القائمة بعد الاتفاق الدستوري؟ وماذا عن الحصانات؟ وإذا كنا ماضين نحو الدولة المدنية، أليس من الأفضل أن تتبع القوات المسلحة للدولة المدنية؟ وهل سيكون وزيرا الدفاع والداخلية أعلى رتبة من القائد العام لقوات الشعب المسلحة أم أقل رتبة بحسب التفصيل؟
أولا فيما يتعلق بتعيين الوزراء أو الولاة كنا قد تحدثنا عن أن الحكومة التي ستشكل ستكون حكومة كفاءات وطنية مستقلة، لننأى بالأحزاب السياسية من الانغماس في العمل العام بدون انتخابات وتفويض شعبي، فاتفقنا على أن تكون هذه الفترة تأسيسية تكون من مستقلين بدون ولاءات حزبية. بالنسبة للولاة أو الوزارات الأخرى التمسك بأن يتم اختيارهم من قبل مجلس السيادة، نحن قلنا إن يتم ترشيحهم، لأن عملهم تنفيذي يتعلق بمجلس الوزراء لضمان سير هذه العملية. ومجلس السيادة لا يتكون من العسكريين فقط، بل عدد المدنيين فيه أكثر من العسكريين، فعندما يفتكر الناس بأن المدنيين يريدون الهيمنة على السلطة هذا غير صحيح، فعدد المدنيين في مجلس السيادة أكثر من العسكريين، يتم التصويت فيه بأغلبية ثلاثة أرباع الأعضاء، فلا يستطيع عسكري أو مدني لوحده أن يتخذ قراراً ما لم يكونوا متوافقين للعبور بالبلد. لا بد من الحديث عن أن هذه فترة انتقالية تأسيسية لا مجال فيها للمحاصصة (نحن العسكريين حقنا كم وإنتو المدنيين حقكم كم)، نحن نريد أن نعبر سوياً بهذه المرحلة، ليستطيع المواطنون فيما بعد تكوين حكومتهم.
• موضوع الحصانات؟
نحن أساساً لم نطلب الحصانات، فقد طُرحت من جانب اللجان الفنية، ونحن حتى لجان التفاوض ولجان المجلس العسكري لم نتطرق إليها. نحن كعسكر لدينا حصانات عسكرية موجودة ومعروفة، ونعلم كيف تنزع الحصانة من أي شخص، حتى أدنى فرد من العسكريين إذا حصل ضده شيء، باستثناء حالات التلبس، لكن كل الجرائم الأخرى لها تسلسل تنزع على إثره الحصانة. هناك طريقة لنزع الحصانة عن أي شخص.
• عندما يتحدثون عن الحصانة فإنهم يتحدثون وكأنما هناك مخاوف من قبل العسكريين من التقرير الذي يمكن أن تصدره اللجنة المستقلة التي اتفق على تكوينها باعتبار أنه يمكن أن تكون هناك قيادات عسكرية يتم اتهامها أو إدانتها من قبل هذه اللجان؟
نحن متأكدون وواثقون تماماً بأنه لا يوجد عضو في المجلس العسكري على علم بفض الاعتصام، أو وجه أو شارك في فضه. فلا يوجد شخص يستطيع أن يثبت كلاماً غير موجود. وجميعنا نعلم ذلك ومطمئنون، فإذا تمت إدانة أي شخص جميعنا سنقف ضده وننفذ فيه العقاب اللازم، فلا شخص لديه حصانة مطلقة.
• ما هو دور الرقابة الإفريقية على اللجنة المستقلة في الفترة القادمة؟
لم يتم الاتفاق على تشكيل رقابة إفريقية، بل المطروح هو دعم إفريقي، قد يكون دعما فنيا، لوجستيا، أو معدات غير متوفرة لدينا.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.