رفيدة ياسين

قوانين الشلة..!!

شارك الخبر

إذا كنت معيوبا ومعطوبا وأردت أن تكون في مأمن من الهجوم بل وتحظى بهالات الاحترام والتلميع فما عليك إلا أن تكون جزءا من شلة “طحالب وثعالب” فـ”الطحلوب” كما هو معروف كائن بلا جذور، وطالما كنت مؤهلا للقبول داخل شلة العمل العام، سيكون مسموحا لك بالتجاوزات الشخصية بكل أنواعها فمثلا سيعتبر تنمرك وجهة نظر، وتحرشك مغازلة، وفضائحك خصوصيات، ليس ذلك فقط بل سيعد احتيالك ذكاءً وكذبك “شفتنة” ووقاحتك جرأة وانحلالك انفتاحا وحرية، ومع كل ذلك ستنعم بالحصانة المُطلقة وسيكون غير مسموح بالنقد لأي من هؤلاء بل وسيتبارى للدفاع عنك رفقاؤك في الشلة وإن كنت على باطل، فلا ترفع حاجب الدهشة إن وجدت من يرفعون شعارات حقوق المرأة والنسوية يدافعون عن أحد أفراد الشلة إن عنّف زوجته أو أخته وحرمها من أدنى حقوقها فالحياة أو حتى كان سكّيرا حد الإدمان وعاطلا ومستمتعا بـ”رمتلته” تحت مسمى “مثقف” لا يتحمم ويتسكع في المقاهي والقعدات ذات الصحبة المجانية فيما هو لا يجد ضيرا من العيش من عرق امرأة مقابل حديثه هنا وهناك عن المساواة، هؤلاء صدق فيهم قول الله تعالى “يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون”، شلة الطحالب هذه بِما أنها بلا جذور أو سيقان أو ثمار فهي تقوم على أساس ثقافة الشيل المتبادل “شيلني وأشيلك وأكون منديلك” فلن يزيح عنك “عفنك” إلا أشباهك من رفقاء المصلحة وفق متطلبات المرحلة. هذه العقلية المريضة أصبحت للأسف شبه محركة للرأي العام الذي بات يتأثر سلبا أو إيجابا بكل من يحدث ضجيجا دون فحص ماهيته أو مساءلة منشأه، وهو في حقيقة الأمر وليد العدم الذي أنتج مجموعة من أشباه البشر وأنصاف المثقفين المنتفعين أو بالأحرى من يطلق عليهم “العدميين”. هذا الفيروس المتفشي في أجوائنا يوفر بيئة حاضنة للصعاليك والمنبتين وسيعطي أفضلية لعديمي المبادئ بتسيد المشهد، وسيُسَوِق شخصا فاشلا غير مسؤول تجاه أسرته والتزاماته في الحياة كمصلح اجتماعي وسيقدم رجلا مدمنا بوهيميا حائرا كناشط حقوقي ويمكن أن يجعل من امرأة حمقاء مُعقدة كارهة لذاتها ونوعها كنموذج نضالي نسوي، وقد يمجد شخصا “جعجاعا” محدودا وهزيل المقدرات كقيادي يقرر في شؤون البلاد والعباد. قد لا ينتبه الكثيرون إلى خطورة انتشار ثقافة الشللية على المجال العام، فعلو أصوات هؤلاء يشوه القيم التي يدّعونها وقد يشكك في جدواها ومضامينها، كما سيؤدي إلى انزواء المدافعين الحقيقيين والصادقين عن القيم والمبادئ مقابل انتشار “الطحالب والثعالب” ومن شأنه أن يجعل الفرص حكرا على غير مستحقيها حسب تزكية الشلة الخاضعة لمقاييس الأهواء والأمزجة والخضوع إلى إرهاب الشللية يجب مقاومته فهو لا يقل سوءاً عن المواقف العدائية السافرة ضد كل القيم والصمت أو التغاضي عن فيروس الشللية من شأنه أن يدمر القواعد والقوانين ويهدر الحقوق ويُحيد أنصارها لتتصدر المشهد مجموعة من المزيفين تُحدث ضجيجا في الأسافير كالأواني الفارغة بينما تنعم بفقه السترة والتستر على كل سقطاتها.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.