تسريبات عن توجيه البرهان بأيلولتها لصالح الدولة شركات الوطني.. البحث عن (أوراق ثبوتية)

الخرطوم: فتح الرحمن شبارقة

بعد رحيل ابن القيادي الإسلامي النافذ بصورة مفاجئة، فشلت كل الرجاءات والمساومات لإقناع أرملته بأن الشركة التي كان يديرها زوجها الراحل ويقدر رأس مالها بنحو بـ (6) ملايين دولار، ليست من حق الورثة، وإنما هي شركة مملوكة للحركة الإسلامية في الواقع. فقد كانت تلك الأرملة الشابة واثقة من سلامة الأوراق المؤكدة لصحة ادعائها بأن الشركة هي ملك زوجها دون أن تكلف نفسها عن البحث عن إجابة لسؤال.. كيف استطاع أن يتحصل على تلك المبالغ الكبيرة وهو مازال في ريعان الشباب، قبل أن يتوفى في أواخر التسعينيات، حيث أثارت هذه القضية وقتها جدلاً واسعاً في أوساط المهتمين لأنها سلّطت أضواء كاشفة على قضية ظلت على تخوم المسكوت عنه وهي تسجيل الأحزاب لشركاتها واستثماراتها بأسماء أشخاص هم محل ثقة في الغالب، وهو الأمر الذي أطل برأسه مجدداً أمس، عقب التسريبات بشأن توجيه البرهان بأيلولة شركات المؤتمر الوطني الاستثمارية لصالح الدولة.

عقاب رادع
وحسب مصادر تحدثت لـ(تاسيتي نيوز) فإن خطوة البرهان بشأن شركات الوطني لازمها قرار بتشكيل لجنة برئاسة لواء متقاعد تضم في عضويتها ضباطاً من هيئتي الاستخبارات والمخابرات العامة لتسلم أصول تلك الشركات وعدم السماح بدخول أي جهات رسمية أو أفراد إلى مواقعها إلى حين تسليمها لرئيس الوزراء للتقرير بشأنها. وتتبع تلك الشركات لقطاعات تنظيمية مهمة في المؤتمر الوطني.

المجلس لا يعلم
اللواء إبراهيم جابر رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس العسكري نفى في حديثه لـ (السوداني) أمس، علمه بصدور توجيه من رئيس المجلس بشأن شركات الوطني، إلا أن قياديا رفيعا في حزب المؤتمر الوطني قال أمس إن حزبهم ليست لديه شركة واحدة مسجلة باسمه. وأوضح في تصريح لـ (السوداني) – بعد أن فضل حجب اسمه – أن الحديث عن وجود أكثر من (200) شركة تتبع للحزب فيه تضخيم كبير بهدف الإثارة وعقد المحاكمات الإعلامية في الهواء الطلق رغم حديث الجميع عن دولة القانون في المرحلة المقبلة. وأضاف أنهم مع المحاسبة وإيقاع العقاب الرادع في حق كل من أفسد وذلك بالاحتكام للقانون بعيدا الاتهامات المجافية للواقع، ورجّح أن يكون وراء التسريبات بشأن إصدار رئيس المجلس العسكري لتوجيهات بشأن أيلولة شركات استثمارية تتبع للوطني لصالح الدولة، جهات تهدف لتحريض المجلس العسكري لمزيد من التضييق على المؤتمر الوطني.

لا توجد شركة!!
وفي السياق ذاته، أكد مولانا محمد أحمد الغالي، رئيس الإدارة القانونية بمجلس الوزراء، رئيس لجنة مراجعة أوضاع الشركات الحكومية أن المؤتمر الوطني لا يملك أية شركة مسجلة باسمه. وقال إنه حتى الشركات الحكومية والشركات التي تتبع لجهاز الأمن تسجل بأسماء أشخاص وتذهب في بعض الأحيان لورثتهم بعد وفاتهم.

تجميد الملاحقة
وأقرّ مولانا الغالي بأن إثبات ملكية شركة ما للوطني أمر ممكن ولكنه يحتاج لوقت طويل ومجهود شاق لجهة أن كل الأحزاب لا تُقدِم على تسجيل شركات بأسمائها، وإنما بأسماء أشخاص محل ثقة حتى تكون بعيدة عن الإجراءات التي يمكن أن تطالها حال حدوث تغيير. وكشف عن تجميد عمل اللجنة المعنية بمراجعة أوضاع الشركات الحكومية، وعزا ذلك لعدم وجود آلية لتنفيذ توصيات اللجنة، وأشار إلى أن مفوضية مكافحة الفساد كانت الآلية الأنسب لتنفيذ التوصيات بشأن الشركات الحكومية.

تحسب للأسوأ
وتفيد متابعات (السوداني) أن تقلبات السياسية في البلاد، والانقلابات والتغيرات السياسية الكبيرة وما يصاحبها عادة من مصادرات لشركات ودور تلك الأحزاب، جعل الجميع يتحسبون للأسوأ، ويلجأون للتحايل وتسجيل كثير من أصولهم بأسماء أشخاص بصورة يصعب إثبات ملكيتها لجهة سياسية بعينها. وعلى خلفية ذلك، فإن الإسلاميين الذين صادروا ممتلكات حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي عقب اعتلائهم لسدة الحكم يتحسبون في الغالب لإجراءات مماثلة ضدهم بعد السقوط. وربما بلغ ذلك التحسب ذروته عقب البيان الأول الذي أعلن اقتلاع البشير. وفي غضون ذلك جاء إعلان المجلس العسكري الانتقالي بإيقاف نقل ملكية الأسهم حتى إشعار آخر في منتصف أبريل الماضي مع توجيه المصرف المركزي بحجز الأموال التي تكون محل شك.

حلقة جهنمية
ويستبعد د. إسماعيل الحاح موسى القانوني وعضو القطاع السياسي السابق بالمؤتمر الوطني إقدام أي حزب يتمتع بحد أدنى من الذكاء السياسي والحرص على مستقبل أشيائه على تسجيل شركة باسمه. وقال إنه في ظل عدم الاستقرار بسبب ما سماه بالدائرة الجهنمية (انقلاب- انتفاضة- انتخابات)، فإن الأحزاب تتحسب لتغيير النظام وحماية استثمارتها بتسجيل الشركات التي تتبع لها بأسماء مُلاك وحملة أسهم وفق ما يقتضيه قانون الاستثمار في المجال المحدد.
على كل، يبدو أن مهمة الحصول على (أوراق ثبوتية) لشركات حزبية ليست سهلة رغم علم الكثيرين بتبعية شركات بعينها لتلك الجهات؛ لأن تقلبات السياسة في البلاد، والتحولات الدراماتيكية التي تشهدها بين الحين والآخر، جعلت الجميع يتحسبون لتوجيهات مباغتة من أعلى هرم السلطة الحاكمة بمصادرة ممتلكات وشركات أحزاب كانت حاكمة ثم وجدت نفسها فجأة تشرب من ذات الكأس الذي سقته لخصومها من قبل.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.