لأجل الكلمة || لينا يعقوب

ينامون في العراء

شارك الخبر

أمس ذهبت إلى منطقة الجيلي في ضواحي الخرطوم؛ بعد أن ضربتها سيول عنيفة كانت مفاجئة لأهل القرى.
الابتعاد لساعات طويلة عن أجواء السياسة وقَصر الاهتمام على ما يشعر به المواطن في يومه؛ بات شيئاً ملحاً.
المشهد مروع، المدينة كأنها بقايا حُطام، ظلامً في وضح النهار.
بإمكانك وأنت في مدخل المدينة مشاهدة السيول وهي تقتل الأشجار والزرع، فترتعب ماذا فعلَتْ بالبشر؟!
منظر مُبكٍ تعيشه أحياء متفرقة من مدينة الجيلي، هناك الفقراء والأغنياء سواء، باتوا بلا مأوى ينامون في العراء، بلا غذاء أو دواء أو حتى مكان لقضاء الحاجة.
أسر تحاول الخروج من ذلك الوضع المخيف وهي تستقل عربات وشاحنات حاملةً في يدها ما خف وزمه وغلا ثمنه، فالسيول زادت حدتها وارتفعت قسوتها، تقتحم المنازل والشوارع والمحال التجارية بلا رأفة، وأسر تحاول الدخول لإنقاذ أهلها، من واقع مُر تشكل خلال بضع ساعات.
السيول دمرت قرابة مائتي منزل تدميراً كاملاً، وفقد التجار وأصحاب المحال وبائعي الخضر بضاعتهم.
ونحن هناك صادفنا والي الخرطوم وهو يتفقد المناطق المتضررة، تمكن بعد أن غاصت سيارته في السيل من الوصول إلى بعضها، لكنه يحتاج لمروحية للوصول إليها جميعاً.
تمكنت قرى من الاحتماء بمدرسة حديثة البناء، لكن المؤسف أن الشوارع “إسفلت” بدأت في التهدم وهو ما يُصعِّب من الحلول، ومن الدخول والخروج.
إن وصف الأقليات المتضررة بعيداً عن أعين الناس، ينطق على أهل الجيلي الذين يستحقون كما غيرهم من أبناء البلاد الوقوف إلى جانبهم وشد أزرهم والتخفيف من مصابهم.
فابتلاؤهم مفاجئ لأن بعض القرى لم يمر عليها السيل يوماً، والأخرى لم تشعر به إلا في عام ١٩٨٨م.
الخيرون من السودانيين كُثر، بإمكانهم فعل الكثير، ليس في التبرع وتقديم المال والغذاء فقط؛ إنما بالتفكير في تقليل أضرار السيل الماثلة الآن والمحتملة وبالدعاء والكلمات الطيبة.
الوضع حقاً فوق الاحتمال.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.