عبد الماجد الحاج عبد الماجد

“حميدتي” وقُوّاته.. رجال المهام الصعبة

شارك الخبر

رغم الهجوم الذي شُنّ من قِبل بعض الفئات على القائد محمد حمدان دقلو “حميدتي” وقُوّاته، إبان الفترة السّابقة، وعلى الرغم من جُهُوده التي قدّمها بعد سقوط النظام السَّابق، وما قدّمه وتحمّله من مسؤوليات جِسَامٍ، وما قامت به قُوّاته من أدوارٍ ملحوظةًٍ في حفظ النظام وتحقيق الأمن.. بالرغم من ذلك كلّه، فإنّه لم يكف ولم يحجم ولم يمتنع عن تقديم كل الأدوار المسندة إليه، بل والتي يستحثه عليها ويمليه ضميره، خَاصّةً تلك التي تَتَعَلّق بالوطن وتَرتبط بالوطنية، حَيث لَم يَضِنّ أو يَبخل وَلَو لِمَرّةٍ، لا بغالٍ ولا بنفيس، فقد استجاب وقُوّاته لكلِّ النداءات والاستغاثات والرجاءات التي وُجهِّت إليهم، بل والتي لم تُوجّه أحياناً أخرى، وكثيراً ما تتم المُبادرات منهم وبصُورةٍ تلقائيةٍ بحتة ومحضة وبدافع من الروح والنفس، ودونكم ذلك النداء الذي قُدِّم لها، وأعني (قوات الدعم السريع) لاحتواء ذلك النزاع القبلي الذي نشب بين قبيلتي أبناء النوبة والبني عامر مُؤخّراً بولاية البحر الأحمر والذي وُفِّقت فيه تَمَاماً في أداء وإنجاز مُهمّتها تلك، ومن واقع أنّها تتمتّع بمهنيةٍ وتتميّزٍ باحترافيةٍ في إنجاز مثل تلك الأدوات والواجبات، حيث يشهد لها بأدوارها المعهودة أبداً والمعلومة في احتواء وحَل كَثيرٍ من النزاعات والخلافات القبلية، خَاصّةً في مناطق وأصقاع دارفور وكردفان هذا عَلاوةً على أدوارها الجليلة والعظيمة التي قامت بها في كوارث الفيضانات والسيول التي عمّت مُعظم مُدن وأرياف بقاع السودان المُختلفة لخريف هذا العام، حيث كان الدعم العيني ماثلا ً والحُضُور الميداني واصلاً.
يُحمد لـ”حميدتي” ولقُوّاته، دَوره الكَبير والفَعّال في انتصار وتحقيق نجاح ثورة ديسمبر 2019م، وذلك بانحيازه لجماهير الثُّوّار ووقوفه بجانبهم وفي صفهم، مما رجّح الكَفّة لصالحه، وبهذا فَهو يُعتَبر ويُحسب شريكاً أصيلاً وأساسياً في نجاح تلك الثورة، وفي زوال ذلك العَهَد الذي جَثَمَ على صَدر الشعب السُّوداني، فلولاه وأعني “حميدتي” وبعون الله تعالى أولاً، ما كُنّا لنصل إلى ما وصلنا إليه في إزاحة ورفع ونزع ذلك العبء عن كاهلنا حتى تاريخ اليوم، وللحق والحَقيقة فهو ومنذ البدء، كَانَت مَواقفه واضحةً وبيِّنة وتصريحاته وأقواله ظاهرة وجليلة، حيث وضح ذلك وتجلّى في قول الحقيقة الذي كَانَ يُصرِّح به وينطق وبكل جرأة وإقدام، حتى في أكثر وأهم أوقات ذلك العَهد شِدّةً وقُوةً ومَتَانةً، بل وقبل زواله، عندما كان يعترض على كَثيرٍ من الأشياء الخاطئة والجائرة والتي كانت تُمارس ضد المُواطن والوطن، كل ذلك وبكلِّ وُضُوحٍ وشَجَاعةٍ وبَسَالةٍ، في حِين أنّ غيره مِنَ الذين كَانَ بمقدورهم وفي وسعهم واستطاعتهم أداء نَفس الدّور ولعب ذَات الجَانب، وإبراز ذلك الحَق وذكره بمثل مَا أظهره هو وأبانه وأشار إليه، كانوا لا ينسبون ببنت شفة ولا ينطقون حتى بمُجرّد كلمةٍ، تُحفظ وتُسجّل لهم كموقفٍ على اعتبار أنّه أضعف الإيمان.
وما كُنّا حقيقة لنعرف هذا الرجل حق المعرفة، لولا هبة ونهضة تلك الثورة والتي كانت سبباً رئيسياً في قدومه ومجيئه بقُوّاته وأرتاله ودخوله لقلب العاصمة، كداعمٍ لحفظ أمن ذلك النظام وفق ما خُطِّط له ودُبِّر، وعلى ضوء الأهداف والخُطط التي وُضِعت ورُسِمت حينها، حَيث كَانت مَعلوماتنا عنه غير وفيرةٍ أو كثيرةٍ بهذا القدر الذي عرفناه به أخيراً، من واقع أنّه أصبح يُشكِّل حُضُوراً دائماً وتواجداً ثابتاً، يمثل أمام أعيننا وعبر آذاننا، سواء كان باللقاءات الحَيّة المُباشرة، أو من خلال أقواله وأفعاله التي تتم وتبدو عبر أجهزة الإعلام المَرئية منها والمَسموعة والمَقروءة، أو من خلال مُشاركاته الفَعّالة في ملفات الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث أصبح يمثل لنا كتاباً مَفتوحاً ومَقالاً مَشروحاً، عرفنا وعلمنا عنه كثيراً مِمّا كان يخفي علينا ويغيب.
وما نستطيع أن نُؤكِّده ونقر به، أنّه كان لهذا الرجل القدح المعلى والدور الأكبر والأوسع في تَحقيق وتنفيذ هذه الثورة، ويقيني أنّ جميع أفراد هذا الشعب النبيل يدرك هذا الشيء ويعلمه، إلا مكابرٌ أو جاحدٌ، فمن باب أولى ومن باب رَدّ الجميل ومن جِهَة حِفظ الحُقُوق، كان لِزَامَاً علينا، وعلى الأقل أن نعترف ونقر بهذا الشيء بادئ ذي بدء، وأن نحمد له هذا الدور العظيم والجليل، وأن نسأل الله تعالى أن يُكافئه ويجزيه خير الجَزاء على وقوفه ومُشاركته المُخلصة في خلاص هذا الشعب وهذا الوطن وإنقاذه الحَقيقي مِن مَصائب وويلاتٍ، كانت ربما تحدث وتحصل لولا تدخُّله ووقوفه وانحيازه إلى جانب الثوار.
مِمّا دفعني لكتابة هذه الأسطر في حق هذا الرجل الهمام، وجَرّني ودَعاني لأخط هذه الأحرف التي تتناول ملامح طَفيفة من سِيرته، والتي اسأل الله تعالى أن تكون أحرف حق في قول الحق.. ما دفعني لذلك ما كان يرشح في كثيرٍ من الأسافير وفي صفحات بعض الصحف السّيّارة وما يُقال في جُزءٍ من القنوات الفضائية والإذاعية، وأيضاً ما قادني لهذه الكتابة، بعض التعليقات والأقوال والمُلاحظات التي كَانت تَتناول جَهلاً، أو تتعمّد قَصداً التّبخيس مِن قَيمة هذا الرَّجل، بغرض النَّيل منه ومن قُوّاته، بهدفٍ أو بغير هدفٍ أحياناً أُخرى، مع العلم بأنّ هذه القُوّات كمثيلها من القوات النظامية الأخرى، تحمل بداخلها وفي بُطُونها أعداداً ضخمةً وكبيرةً من المُنضوين تحت لوائها، سواء أكانوا عساكر أفراداً أو ضباطاً برتبٍ، يختلفون في أعمارهم وأفكارهم وفي أنظارهم وتقديرهم للأمور وللأشياء، فلا غرابة إذن لو أخطأ فردٌ منهم أو حتى أفراد من هُنا وهُناك، ولا غرو لو تجاوز بعضهم الحَد في تَصرُّفاته وسُلُوكه أو حَادَ عن الطريق، أو أساء فهم بعض الأشياء وارتكب بموجب ذلك بعض الحماقات، فكل ذلك لا يمحو بجرة قلم كل محاسن تلك الفئة الوَاسعة الكَبيرة، ويسجّل فيها فقط ما اقترفته من ذنوب وحماقات وما صدر بالذات من سلبيات من بعض الأفراد أو من قِلّةٍ منهم تُعد على الأصابع، مع العلم بأنّ كل من كان يرتكب خطأً يُحاسب عليه أشدّ الحساب ويُعاقب أكبر عقوبة، وكل هذه الأشياء والحقائق مَعلومة ومَشهودة ومَرصودة داخل إطار هذه القوات، ومِمّا يُؤسف لَهُ حَقّاً أن يتم التّركيز عَلَى رَصد وحَصر المَساوئ والسّلبيات مَع إهمال وإغفال ذكر المَحاسن والإيجابيات، فلو حاولنا هنا رصد وتسجيل إيجابيات هذه القوات لما استطعنا أن نُحصي ذلك في وريقات، ويكفي فقط أنّها حامي حمانا وحارسنا في حدود البلاد على طُولها وعَرضها، وهي التي تزوّد عنا وتحفظ لنا أمننا وتُحقِّق لنا الأمان، وليس ببعيدٍ عنّا تَوليها حفظ أمننا في فترة اندلاع الثورة وما بَعد انتصارها، ولولاها وأعني تلك القوات، لحَدَثَ ما لا يحمد عقباه، وفوق هذا وذاك لا يفوتنا أن نذكر بأنّ هذه القوات هي التي تعمل ليل نهار وتسهر ونحن نيامٌ، في المُحافظة على مقتنياتنا ومواردنا من التهريب والسَّرقة، عَلاوةً على أنّها أيضاً لها دَورٌ وإسهامٌ وافرٌ في مُحاربة الإتجار بالبشر.
كم كُنت أود لو كانت تلك الأقاويل أو الادعاءات، مُستندة على أدلةٍ دامغةٍ أو براهين مُؤكّدة أو على الأقل مبنية على حَق وألا تكون مُجرّد ادعاءات جوفاء أو هرطقات عمياء أو خرافات نكراء، وألا تكون نابعةً من أمزجة وأهواء لا يَسندها أو يَدعمها دليلٌ أو تعضدها حقيقة، وألا يكون الغَرض مِنهَا فقط النَّيل والأخذ من الآخر بدون وَجه حقٍ أو مُسوِّغٍ، ولا لمرامٍ وأهداف وأغراض قد تكون بعيدة كل البُعد عن صلب الموضوع وعن الواقع وعن الصالح والمصلحة.
القائد “حميدتي”، ولا دفاعاً عنه ولا هو في حَاجةٍ لمن يُدافع أو يُنافح عنه، أثبت وبما لا يدع مجالاً للشك بأنّه رجلٌ صاحب قُدرات وإمكانَات كبيرة ومهولة في حُسن التّصرُّف والتّدبُّر، وبذا فهو صاحب حنكة وتجربة وفطنة، وهو في ذلك لا يشق له غبارٌ، بل ولا يُجارى ولا يُبارى، ولولا هذه الصفات وأكثر، لما وصل لهذا الموقع ولما عرفه كل من يتناول سيرته ومسيرته قادحاً أو مادحاً.
ونحن حينما نتشدّق ونتطاول على غيرنا أو نهرف بما لا نعرف، ونتباهى ونتفاخر بالأحاديث والأقاويل وبجارح العبارات، زاعمين بأنّنا أكرم من أولئك وأفضل من هؤلاء، وعندما نُحدِّد ونُقرِّر، يجب أن نتحرّى الدقة قبل رمي العِبَارات جِزافاً، فالكلمة سيدي طول ما أنت تَتَحَفّظ عليها وتمسكها فأنت تَحكمها وتُسيطر عليها ولكنها سُرعان ما تحكمك وتُهيمن عليك فور إطلاقك لها، حيث تصبح حينذاك إمّا لك أو عليك فالحذر كل الحذر من إطلاق الكلام على عَواهنه وعلى اطلاقه (فلسانك حصانك إن صنته صانك وإن أطلقته أهانك) فما أدراك سيدي أن يكون مَن تتّهمه بما ليس فيه أو بقُصُور تدعيه أن يكون أرفع منك وأعز مكان عنك.
والآن فوق ما ذكرنا لـ”حميدتي” ولقواته تلك من محاسن ومزايا، وعَلاوةً على ما أوضحنا من مُهمّاتٍ وأدوارٍ يقومون بها، هَا هُم الآن يظهرون لنا وبتقديم نماذج جديدة وبعرض خدماتٍ عديدةٍ استوجبتها المَرحلة الآنية من الظُّروف الحَالية، حَيث نُشاهد ونَسمع عن كل هذه الظُّروف العَصيبة التي ألمّت ببعض المُدن والأرياف وبسبب ودواعي السُّيول والفيضانات التي غمرت البلاد، فهم يتوزّعون على كل الأمكنة وخَاصّةً المناطق المُتضرِّرة والتي هي في حاجةٍ عاجلةٍ للعون والدعم، يُسارعون ويُبادرون بالوقوف بأنفسهم لردم السدود ولسحب المياه ولتقديم المُساعدة الفنية والمَادية والعَينية، وهنالك جُموعٌ منهم سارعت الخُطى لتصل لأقصى شرق السودان بولاية البحر الأحمر لتقف مع إخوة لهم تَدَخّل شيطان الفتنة بينهما، وذلك من أجل دَرء الفتنة ولوقف نزيف الدم ولإصلاح ذات البين، فما أعظمها من خدماتٍ وما أقيمها من مُساعداتٍ.
دَعُونا نثمِّن ونقيِّم ونحفظ قيمة ومَكان هذا الرجل وقُوّاته أكثر وأكثر ونَدرك مَدَى حاجتنا واحتياجنا لهم عندما نحتاجهم ونَستغيث بهم، ومَهما يَكن من أمرٍ، ففيهم كثير من الخير بإذن الله تعالى، ويقيني أنّهم هم من سيكونون رجال المرحلة القادمة ورجال المُهمّات الصّعبة وما أهمها من مرحلةٍ!!
دَعُونا ننسى المرارات إن كانت هنالك مراراتٌ، ونتجاوز الأخطاء لو سَبق أن أخطأنا في حق بعضنا، ولنفتح صفحة جديدة من أجل سُودانٍ جديدٍ (ومن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر).
التّسامُح والتّصالُح وقُبُول بعضنا بعضاً سيفتح الباب واسعاً لتقدُّمنا وتطوُّر بلادنا.. ونسيان المرارات ورمي الأحقاد جانباً والضغائن بعيداً سوف يخدمنا في تحقيق غاياتنا وأهدافنا ومرامينا والوصول لمبتغانا، فالوطن في رجانا وانتظارنا فهلا تقدمنا إليه بصدق قلوبنا وعصارة أفكارنا وقوة سواعدنا..؟!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.