ببساطة : د/ عادل عبد العزيز الفكي

تثبيت الأسعار هل يتناقض مع تحرير التجارة؟

شارك الخبر

طلب الأخ الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي تقديم مبادرات في عدة مجالات تعينه على إدارة دفة الاقتصاد. ومن ضمن ذلك طلب مبادرة فيما يلي تثبيت الأسعار. واستجابة لهذا الطلب عرضتُ على هذا العمود خلال الأسبوع الماضي مبادرة استندت على تجربة ولاية الخرطوم الواسعة في مجال التجارة وإدارة السلع الرئيسة. وتم تسليم هذه المبادرة للإدارة العامة للسياسات الكلية بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.
المبادرة في إطارها العام تعمل في سبع سلع رئيسة فقط وذلك بغرض التركيز وتفادي تشتت الجهود. هذه السلع هي: الدقيق، السكر، زيت الطعام، الشاي، الأرز، العدس، لبن البودرة. وتقوم المبادرة على أساس تحديد التكاليف الأساسية لإنتاج هذه السلع بالاستعانة بقواعد بيانات هيئتي الضرائب والجمارك، وتحديد التكاليف الإضافية من نقل ورسوم وضرائب وغيرها من خلال النقاش الموضوعي المستند لمعلومات حقيقية مع غرفة النقل البري باتحاد أصحاب العمل والولايات والمحليات، ومن بعد ذلك تحديد نسب الأرباح العادلة من المنتج أو المورِد لتاجر الجملة، ومن تاجر الجملة لتاجر القطاعي، بواسطة وزارة الصناعة والتجارة. وبناء على ذلك كله يضع المنتج السعر مطبوعاً على العبوة المباعة للمستهلك، فيصبح المستهلك هو الرقيب على الأسعار.
كتب لي البعض متسائلاً: ألا يتناقض هذا النموذج المقترح مع تحرير التجارة وحرية الاقتصاد؟ وألا يُخشى مع التسعير أن تشح وتختفي السلع لتباع في السوق الأسود من تحت الطاولة؟ في الواقع أن هذا النموذج لا يتناقض مع حرية التجارة لأنه يقوم على رضا المنتج التام. سوف يُطلب من مستوردي ومنتجي السلع تكاليفهم الحقيقية بما في ذلك تكلفة الاستيراد بالدولار الحر وليس بسعر بنك السودان، ويُطلب من اتحاد غرف النقل التكاليف الحقيقية، أما الرسوم الحكومية فتصدر بقرار من وزير المالية، ونسب الأرباح تحدد بقرار من وزير الصناعة والتجارة. وعلى هذا يُوضع السعر بموافقة جميع الشركاء. وقد أبدى عدد من المنتجين الكبار حماسهم لهذا النموذج، وقالوا بوضوح أن الأسعار العالية الموجودة الآن بالأسواق غير حقيقية، والمستفيدون منها الوسطاء والسماسرة وليس المستوردين أو المنتجين.
من حق الحكومة التدخل لتنظيم التجارة وحماية المستهلك، وهذا ما كفله القانون القومي لحماية المستهلك لسنة 2019، ومن واجب الحكومة تنشيط التعاون بالأحياء السكنية ومواقع العمل وتسليمها جزءاً من إنتاج المصانع الحكومية بأسعار مدروسة، على أن توزع هذه السلع للمواطنين بموجب بطاقات تموينية، ولا تتضمن الأسعار المدروسة دعماً من الحكومة للسعر. ولكن قد تساهم الولايات في تكاليف النقل مساعدة لمواطنيها.
يُعتقد أن هذا النموذج قابل للتطبيق الفوري، وسوف يترتب عليه انخفاض في أسعار هذه السلع الأساسية بنسبة لا تقل عن 20%، وسوف تعمل هذه النسبة على جر النسبة العامة للتضخم لأسفل بما يحقق الفائدة للاقتصاد الكلي. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.