قضية أحمد الخير.. شاهد يكشف تفاصيل بشعة

الخرطوم: آيات فضل

لم يستطع الشاهد أن يتمالك نفسه أثناء سرده لوقائع اعتقالهم وتعذيبهم حيث بدت عليه علامات الحزن الشديد، وفي منتصف الإفادات أجهش بالبكاء ليتم إعطاؤه منديلا لتجفيف دموعه، كما أنه لم يستطع الإدلاء بأقواله وهو واقف على أرجله وتم جلب كرسي له، وذلك في محاكمة (41) متهماً بقتل الشهيد أحمد الخير بمنطقة خشم القربة بعد تعرضه للتعذيب من قبل أفراد من جهاز الأمن بمدينة كسلا.

لقاء في المعتقل
أفاد شاهد الاتهام الأول أمجد أبوبكر لدى مثوله بمحكمة أم درمان وسط أمس أمام القاضي الصادق عبد الرحمن، بأنه صديق المرحوم ودرس معه الأساس وكانوا ضمن اتحاد الطلبة، لافتا إلى أنه يسكن خشم القربة، منوها إلى أنه في يوم 31/1/2019م اندلعت التظاهرات حوالي الساعة الثامنة مساءً، وكان مشاركا فيها بحكم انتمائه إلى حزب المؤتمر الشعبي.
وكشف الشاهد أنه بعد انتهاء التظاهرات داهمت قوة من الجهاز منزله (تلبوا داخل البيت) – على حد قوله. وفي ذات الأثناء كانت شقيقته بالمنزل وتبادلت معهم الحديث وقالت لهم: (ما تنطوا جوا البيت)، وأضاف: حينها خرجت من غرفتي وقابلتهم فقالوا لي: (يا أمجد نحنا دايرنك)، ليتم اعتقالي بواسطة عربة بوكس كان بها المتهم الأول وكان يحمل (خرطوش)، وفورا توجهنا إلى مكاتب الجهاز وكان ذلك حوالي الساعة الحادية عشرة ليلا.
وذكر الشاهد للمحكمة بقية المتهمين في العربة التي اقتادته إلى مكاتب الأمن، منوها إلى أنه بنفور دخوله إلى المكتب قابلوه بالضرب، ووجد اثنين من المعتقلين وآخر (مجدوع على الأرض)، كاشفا عن لقائه بالمرحوم، وبادره بالسؤال: (جابوك متين؟)، فأجاب المرحوم: (أنا جابوني أول زول). ووصف الشاهد للمحكمة حالة المرحوم أنه كان ملقى على الأرض و(تعبان) وأفاد له أنه (تعرض للضرب).

إسقاط الحكومة
أكد الشاهد أنه وبعد مرور ساعة من الزمن أتى أحد المتهمين، وقال له: (إنت بتعرفني) ليجيبه بالنفي، فرد المتهم: (أسي بتعرفني)، ليفتح باب الزنزانة ويخرجه، ويطلب منه الزحف على الأرض، وكان مع المتهم (4) متهمين آخرين، وكانوا يحملون خراطيش وعصياً، مبينا أن أحد المتهمين سأله عن حزبه وبعد الإجابة، قال له: (مؤتمر شعبي شنو؟ الترابي مات وخلاكم)، بعدها جاء أحد المتهمين وجلب لنا (فرشة) وطلب منا النوم.
وأكد أمجد أنه في الصباح الباكر تم إخراج المعتقلين فردا فردا للذهاب إلى دورات المياه، منوها إلى أنه حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا تم جلب صحن (فتة) ورفض جميع المعتقلين تناولها لأنها (مخمرة)، وعندما أتى زمن الصلاة رفض المتهمون إخراج المعتقلين للصلاة، وأضاف: أدّينا صلاة الظهر داخل (الزنزانة).
وأورد الشاهد أن أحد المتهمين، قال لهم: (عايزين تسقطوا الحكومة.. الليلة حنعمل ليكم حفلة)، وتم إخراجهم من الزنزانة، كاشفا عن أنهم وجدوا كمية من العساكر يرتدون (كاكي) ويحملون خراطيش.

(تقعد بس)
وأفاد الشاهد أن المتهمين بدأوا ضربهم ورميهم على الأرض وأمروهم بالزحف، مؤكدا أن المرحوم كان معهم، وبعدها طلبوا منا الجلوس على الركب، ليتم ضربنا في كل أجزاء الجسد، وأضاف: (طالبونا أن نقول تقعد بس وسير سير يا بشير)، منوها إلى أن المتهمين طلبوا منهم (مسك الأذنين بالأيدي)، ثم الزحف وأضاف: تم ركلنا بـ(الشلوت) كما تم (كشحنا بالتراب).
وأفاد الشاهد أن أحد المتهمين أفاد له (إنت ما عايز تتكلم ارجعوا سخنوهو تاني)، ليتدخل أحد أفراد القوة وأمرهم بإيقاف ضرب الشاهد (الزول دا ح يموت على يدكم).

خلع الملابس
واصل الشاهد سرد الوقائع وأفاد للمحكمة أن المرحوم جاء ومعه عدد من العساكر وطلبوا مني (خلع ملابسي) وفي أثناء ضربي تم خلع (جلابيتي والعراقي) بالقوة، وأكد الشاهد أن المرحوم في ذات الأثناء كان ملقى على الأرض، وطلبوا منه أن يخلع ملابسه.

ترك المرحوم
أفاد الشاهد أن المتهمين عادوا إليه مرة أخرى وطلبوا منه نزع (السروال) إلا أنه كان (ماسك السروال)، كاشفا عن أنه قال لهم (انتو ما اولاد ناس)، ليقوم أحدهم فورا بـ(كشح التراب في خشمي)، وتم إرجاعي مع بقية المعتقلين، وأضاف أنه ترك المرحوم خلف المكاتب مع بقية المتهمين.
أكل الجرادة
أفاد الشاهد بعدها أنه تم جلب وجبة الغداء في (صواني)، إلا أنهم لم يتمكنوا من تناوله، منوها إلى مجيء أحد المتهمين إليهم وطلب من أحد المعتقلين أكل (جرادة)، وبعدها سكب له تراب في فمه وقال له (حلِّي)، وأضاف الشاهد أنه تم جلب (زبادي) للمعتقلين، مؤكدا أن المرحوم لم يتناول أي وجبة منذ اعتقاله، وأنه تم إيقاف جميع المعتقلين داخل الحوش وتم شحن كل معتقلَيْن في عربة، كاشفا عن أن المرحوم لم يستطع الصعود إلى العربة إلا (بصعوبة)، محددا أنه كان مع المرحوم في عربة واحدة مع أذان المغرب، وأنهم ظلوا داخل العربات إلى وقت أذان العشاء مع مواصلة الضرب.

توقف المرحوم عن الحركة
وأكد الشاهد أن أحد المتهمين ضربه على (رجله)، فضلا عن أن أحد المتهمين أمر بإنزال المرحوم من العربة، وفعلا تم فتح باب العربة وتم جره من رجليه وإنزاله، مؤكدا أن ضرب المعتقلين لم يتوقف حتى تحركت العربات وقبلها تمت إعادة المرحوم إلى العربة، وبعد مرور فترة من الزمن بدأ المرحوم بـ(التقلب)، وقال له الشاهد (اصبر شوية)، إلا أن أحد من المتهمين ضرب المرحوم بـ(الكف)، وأفاد آخر: (الزول دا مات ولا شنو)، وأفاد لبقية المعتقلين: (كلكم حتموتوا فداء الثورة)، وأكد أن حركة المرحوم توقفت في منتصف الطريق.
وكشف الشاهد أنه وفي مدخل مدينة كسلا كانت هناك إضاءات وقاموا بإنزال جميع المعتقلين، وأفاد أحد العساكر (ديل معتقلين سياسيين مافي زول يهبشهم)، وتم جلب فرشه لهم وتم أخذ أحد المعتقلين إلى العيادة للعلاج وتقديم الخدمات اللازمة لهم. وأكد الشاهد أن المرحوم لم ينزل معهم، مبينا أنه تم إبلاغهم بعدها بأن أحمد الخير توفي نتيجة التسمم.

التعرف على (10) متهمين
وأفاد الشاهد أن القوة التي أتت من كسلا هي التي شاركت في ضربهم، وأكد للمحكمة أنه يعرف أشكالهم فقط، ولا يعرف أسماءهم، كم تعرف الشاهد في المحكمة على عدد (10) متهمين من الذين قاموا بضرب وتعذيب المرحوم وحددهم للمحكمة.
مناقشة الاتهام
وأفاد الشاهد لحظة استجوابه بواسطة ممثلي الاتهام أن زمن التعذيب استمر من بعد صلاة الجمعة إلى صلاة العشاء، وأن الأرض التي رمي بها المرحوم كانت تحوي على (ضريسة، سلك شايك، شجر سدر)، كما نفى الشاهد إسعاف القوة للمرحوم أو علاجه، كما بين الشاهد للمحكمة أنه ترك المرحوم مدة ربع ساعة خلف المباني مع القوات وحده، كما أن القوة لم تقم باستجوابهم أو التحري معهم كمعتقلين بل قامت بضربهم فقط، مؤكدا أن المرحوم لم يشارك في التظاهرات ولكنه كان يقف مع الشباب.

فيديو القيادة
وأفاد الشاهد لدى ناقشته بواسطة هيئة الدفاع عن المتهمين، أنه لا يعرف المتهم الأول كما وصف الشاهد للمحكمة مبنى جهاز الأمن، لافتا إلى الزنزانة مساحتها متر ونصف في مترين ونصف، منوها إلى أنه قام بتسجيل مقطع فيديو واحد له في القيادة العامة في الاعتصام تحدث فيه الشاهد عن الحادثة، مؤكدا أن المرحوم هو أكثر شخص تم ضربه وسط المعتقلين.

طعن في الشهادة
وفي ذات السياق تقدمت هيئة الدفاع عن المتهمين بالتضامن بطلب لدى المحكمة بطعن في شهادة الشاهد وفقا لنص المادة (33) من قانون الإثبات للولاء أو المصلحة، حيث ذكر الشاهد في أقواله أن صديق المرحوم ويضمهم تيار سياسي واحد وكان مشاركا مع المرحوم وتعرض للضرب من قبل المتهمين، ودون الشاهد بلاغا جنائيا ضد المتهمين، واتضح من خلال أقواله أنه ليس محايد، قاضي المحكمة الصادق عبد الرحمن ترك تقيم شهادة الشاهد لمرحلة وزن وتقييم البينات.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.