همسة تربوية د. عبد الله إبراهيم علي أحمد

ليكن ضربك لأبنائك تأديباً لا انتقاماً

شارك الخبر

قد يغضب الأب على ابنه فيُعاقبه، ولكن أي عقاب يجب أن يكون؟ يُمكن أن يكون عقاباً غير مُبرح، أو باستخدام الوسائل التربوية البديلة عن العقاب البدني للأطفال وهذا هو الأُسلوب الأفضل، وعلى سبيل المثال لا الحصر عندما يُخطئ الطفل برمي ورقة على الأرض، علينا بتوجيهه أولاً بدلاً من أن نُعاقبه، فسوف يخجل الصغير، وهنا يُمكن للنظرة الحادة والإشارات والإيماءات بالكف عن ذلك كفيلةٌ بردع الطفل عند الخطأ، أمَا في حالة أن الولد رفع الورقة بنفسه ففي هذه الحالة نُشجِّعه، والتشجيع وسيلة بديلة للضرب عند ارتكاب الأخطاء، وفي حالة التمادي، يُمكن تهديده بحرمانه عن أشياءٍ يحبها بدل ضربه، كما أن الحرمان الطويل في نفس الوقت يعود بالضرر النفسي للطفل، والعقاب بعد تكرار الخطأ عدة مرّات، كَمَا يجب أن يكون بحجم الخَطأ، وهناك الحبس أو الوقوف المُؤقّت أو إهمال الطفل وهجره لبعض الوقت على ألا تتجاوز الفترة الزمنية ربع الساعة دُون النظر إليه أو التّحدُّث معه أو السؤال عن برامجه في ذلك اليوم، ومدح غيره من أبناء جيله أمامه وتهديده بالضرب في حالة استمراره في الأخطاء، والأهم من ذلك إذا انتهت العُقُوبة لنطلب من الطفل شرح سبب العُقُوبة حتى نتأكّد من فهمه لسبب العُقُوبة، والضرب آخر الوسائل على أن يكون غير مُؤذٍ وقبل سن العاشرة وفقط وفي الأمور المُهمّة كترك الصلاة مثلاً.
هناك أمورٌ كثيرةٌ يجب أن نُراعيها، منها حالة الطفل المُخطئ وسبب الخطأ وإعفائه إن كان هذا الخطأ حدث لأول مرة، ومُراعاة العقاب عند الغضب.
وتحضرني قصة واقعية مُؤثِّرة، رواها لي أحد الآباء عندما كُنتُ معه في مُناسبة زواج، حينها كان أولادي الصغار يتجوّلون في ساحة المُناسبة هنا وهناك ويقفزون على كراسي الجلوس، هذه الحركات أزعجتني وأخجلتني أمام الحاضرين، فهممتُ بأن أمنعهم عن ذلك وأن يكفوا عن الإزعاج، فقال لي ولي الأمر الذي كان يجلس معي:
(لا تضربهم أرجوك..) أحسستُ بحُزن في صوت هذا الرجل، وحين التفتُ عليه، شاهدته يبكي ودُموعه تسيل على خده، وعندما سألته بادرني: بالقول:
( لقد قتلت ابني بيدي هذه) ويُتابع وهو يبكي، تبدل لون وجه الرجل فجأةً وانهمرت دُمُوعه غزيرة، ثم استطرد: ذات مرة استفزّني ولدي بتصرفاته وعدم سكوته بعد عدة مُحاولات، فما كان مني إلا أن حَاولتُ تَأديبه بالضرب، استخدمت (العقال) في ضرب ابني على رأسه وعندما وصلت إلى ثلاث ضربات، صَار يغمض عيناه ويفتحها بسُرعة، ثُمّ زدتُه إلى ست ضربات، بدأ الولد يتلوى فحسبته يقوم بتمثيلية ليخدعني كي يفلت من العقوبة، ثم واصلتُ في عقابه، فزدته ضربات أُخريات، ربما عشر ضربات، حينها سقط ولدي أرضاً وبدأ يفرك قدميه ويرفس على اﻷرض، فتيقّنتُ أن الوضع حرجٌ جداً، فحملته في سيارتي بسرعة إلى المستشفى، وأشار بحزنٍ عميق على سيارته وقتها كانت تقف قريبة من خيمة مناسبة العُرس، وقال لي:
(هذه السيارة تشهد على موت ابني)، حملته بسرعة إلى المستشفى، ولكن للأسف قبل وصولي إلى المستشفى وتحديداً عند المدخل، شهق ابني ثم شخر شخرتين عميقتين أنهيتا حياته، نعم لقد زفر زفرته الأخيرة مُفارقاً هذه الحياة وأنا سَبَبَ ذلك، شعرت والله كأنّي مشلول وأحسستُ بقشعريرة تسري تحت جلدي، تَذَكّرتُ نفسي عندما كنتُ أعاقب أبنائي وأنا غضبان، وأضاف الرجل بحرقة:
(بدأ عذابي منذ ذلك الحين)، فليكن ضربنا لأبنائك تأديباً لا انتقاماَ.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.