رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لـ(الجزيرة): حتما سننسحب من اليمن إذا ما استدعت الظروف

أجرى مدير مكتب شبكة الجزيرة بالخرطوم المسلمي الكباشي مقابلة تلفزيونية مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، تطرقت إلى حزمة من قضايا الراهن السياسي، كما تناولت القضايا الإقليمية المتصلة بالشأن السوداني، بجانب موضوعات أخرى أجاب عنها البرهان الذي تنشر (السوداني) أهم مضابطه.

•   ماذا وراء قراركم إحالة عدد من الضباط إلى التقاعد؟

القوات المسلحة درجت في كل عام على تجديد دماء الشباب، وعلى إعادة تنظيمها، وتحيل من تنطبق عليه شروط الإحالة للمعاش، وتُرقِّي من تنطبق عليه شروط الترقي للرتبة الأعلى. وهذا واجب روتيني وأصيل من واجبات القوات المسلحة تمارسه دورياً وبانتظام.

•   ولكنها ليست المرة الأولى منذ تسلمت السلطة، ويقال إن ذلك مرتبط بالتنظيف، فمِمَّ تنظف؟

القوات المسلحة قوات قومية يجب أن تكون في المقام الأول خالية من الانتماءات الحزبية مهما كانت، ونحن مؤسسة مهنية راسخة تلتزم بالمعايير. ومن ترد عنه تقارير حول ممارسة أي نشاط سياسي أو نشاط غير منصوص عليه في قوانين القوات المسلحة، فقطعاً سيغادر القوات المسلحة.
• إذن، هذه النظافة استهدفت انتماءات سياسية؟
ليس بهذا المعنى.
• كيف إذن هي أسس النظافة في القوات المسلحة؟
أولا الشواغر، إذا كانت هناك شواغر محدودة، وأيضا حواجز الترقي المعروفة، بجانب السن القانونية للمعاش.
• كيف ستكون هيكلة القوات المسلحة في ظل قوات مسلحة متمردة وأخرى رديفة مستقلة عن القوات المسلحة مثل الدعم السريع؟
الهيكلة المعنية، هي إعادة النظر في القوانين، وإعادة النظر في النظام المعمول به في القوات المسلحة ونظام الأركان المشتركة أو رئاسة الأركان العامة. أما الحركات المسلحة سيتم استيعابها وفق ما يتم التوصل إليه من اتفاقيات السلام، ووفق المعايير المعمول بها عالمياً وإقليمياً، في كيفية استيعاب الجنود المقاتلين في الحركات المسلحة. أما قوات الدعم السريع فهي قوات ضمن القوات المسلحة وتعمل معها في تناسق كامل، وهي ليست بالاستقلالية التي نسمع عنها، كما أنها تعمل وفق خطط القوات المسلحة وبإمرة القوات المسلحة.
• لكنها مستقلة في ميزانيتها وفي قيادتها، وتُذكر دائماً كرديف، وهي دائماً تحتفظ باسمها بعيداً عن القوات المسلحة؟
في السابق كانت تتبع قوات الدعم السريع لرئاسة الجمهورية وكانت تُذكر منفصلة، لكن الآن تم تعديل تبيعتها وأصبحت تتبع للقائد العام لقوات الشعب المسلحة. والآن هي جزء من القوات المسلحة.
• لكنها لا تتبع للإدارة المشتركة للقوات المسلحة، وليست كالقوات البرية أو الجوية مثلاً؟
نعم، قوات الدعم السريع هي قوات ذات خصوصية وتتبع رأساً للقائد العام للقوات المسلحة، وهناك قوات أخرى تتبع للقائد العام للقوات المسلحة مثل القوات الخاصة، وكل قوات تنشأ بقانون خاص يمكن أن تكون لها تبعيتها الخاصة.
• على من تقع مسؤولية السلام على مجلس الوزراء أم مجلس السيادة، وكيف استبق إعلان المبادئ تكوين مفوضية السلام؟
أولاً، الاتصالات مع الحركات المسلحة مستمرة منذ عهد المجلس العسكري سابقاً، وكانت لدينا اتصالات جيدة، ووضعت أسسا جيدة للتفاوض مع الحركات المسلحة، وما تم في جوبا هو امتداد للمفاوضات السابقة وهو داعم ومساند لما يمكن أن يتم مستقبلا في مفاوضات السلام. ومفوضية السلام سوف تُشكّل ولديها اختصاصات معينة، وستنشأ بموجب قانون، وكل جسم من أجسام المفوضية له واجب معين. وما تم في جوبا هو داعم لمحور السلام.
• في ظل الحديث عن تنافس بين السيادي والوزراء على من تقع مسؤولية السلام؟
لا يوجد تنافس والجميع هدفه واحد وهو تحقيق السلام.. الوثيقة الدستورية نصّت على أن مفوضية السلام تتبع لمجلس السيادة ويتم تعيين المفوض بالتشاور مع مجلس الوزراء، ولكن المفوضية في المقام الأول تتبع لمجلس السيادة.
• إعلان المبادئ نص على تأخير تشكيل المجلس التشريعي إلى ما بعد الاتفاق، وهو ما يناقض الوثيقة الدستورية التي حددت تسعين يوماً كحد أقصى لتكوينه، كيف يمكن أن نفهم هذا؟
لا يوجد اختلاف، لأن المدة المحددة لقيام المجلس التشريعي تقع ضمن الإطار الزمني المحدد للسلام.
• إذن سيتم السلام قبل انتهاء مدة التسعين يوماً؟
هذا هو ما نصبو إليه.
• ما هو موقفكم من أطروحة تقرير المصير؟
كل الموضوعات المطروحة بشأن السلام لديها الأجسام التي تُقيِّمها التقييم الصحيح وتطرحها للنقاش مع الحركات المسلحة أو مع القوة السياسية المعنية بهذا الأمر في الداخل، الآن لا يستطيع أي أحد أن يحسم أي أمر من الأمور المطروحة للتفاوض في المستقبل.
• إذا قادت الأمور لتقرير المصير، هل يمكن أن يقبل المجلس بتقرير المصير لبعض المناطق في السودان؟
مجلس السيادة الانتقالي يقبل بما يقبله الشعب السوداني، وينفذ ما يطلبه الشعب السوداني، وما يطلبه المواطنون.
• إذا جاءت أطروحة تقرير المصير، فهل ستُطرح للشعب السوداني للاستفتاء عليها، أم ستُترك للمفاوضين فقط؟
أظن أن المفاوضين ليس لديهم الحق في تقرير المصير، قطعا لدينا مؤتمر دستوري، ولدينا مجلس تشريعي وكل هذه الموضوعات ستُطرح للجهات المعنية.
• أرجعتم محطة (بي بي سي) وعينتم والٍ لولاية البحر الأحمر، وتمت أيلولة الاتصالات إلى الجيش، فهل هذه قرارات مدنية تنفيذية يتولاها مجلس الوزراء، أم هي قرارات سيادية؟
قرار إعادة (بي بي سي) إلى البث داخل السودان تم في مرحلة سابقة، قبل تكوين هياكل السلطة الانتقالية، وقرار ضم الهيئة القومية للاتصالات تم في فترة سابقة، مع قناعتنا التامة بأن الهيئة القومية للاتصالات هي هيئة سيادية تتبع في معظم الدول لوكالة الأمن القومي أو وزارة الدفاع، وهي جهة مستقلة.. والآن ربما صدر قرار بتبعيتها لمجلس السيادة أو لرأس الدولة فهي هيئة مستقلة مثلها مثل الهيئات الأخرى.
• شركات الاتصالات الخاصة تشرف عليها الهيئة القومية للاتصالات، فكيف تتبع هذه الشركات الخاصة لهيئة سيادية أو عسكرية مثل وزارة الدفاع؟
هذه شركات لديها قوانين ولديها أمور مختلفة عن التبعية.. والتبعية هي في مسألة السيطرة على وسائل الاتصال المعنية بالكوابل البحرية والكوابل الأرضية، وهذه فيها أمور كثيرة تهم السيادة. وأيضاً كما هو معلوم الاتصالات أصبحت واحدة من وسائل الحرب النفسية والحرب المختلفة، وكل وكالات المخابرات العالمية تستخدم هذه الوسائل لتقويض السلم والأمن الاجتماعي، وتُمارَس فيها كثير من الأمور الضارة بالأمن الوطني. لذلك الهيئة القومية للاتصالات أو مجال الاتصالات في كثير من الدول مسؤولة عنه إما جهة سيادية أو وكالة المخابرات أو وزارة الدفاع، وهذا ليس بالأمر الجديد. والآن هي مطروحة أمام المجلس السيادي في أن تتبع لمجلس السيادة مثل الهيئات المستقلة مثل بنك السودان أو الهيئة القضائية أو النائب العام، وهذه هيئات مستقلة لديها الأمور الخاصة المتعلقة بالسيادة.
• إذن، كيف يتم التوفيق في هذا الأمر، خاصة أن هناك شركات اتصالات خاصة، فكيف تنمو وهي قطاع خاص في ظل قطاع عام؟
طالما أنها قطاع خاص، فالقطاع الخاص لديه قوانين ونظم ولديه تفاهماته مع الهيئة الحكومية.
* أزمة تعيين رئيس القضاء دفعت الثوار لمليونية التعيين، فمتى يعين رئيس القضاء، وكيف؟
الوثيقة الدستورية تحدد الكيفية التي يُعيّن بها رئيس القضاء.
• المادة (70) من الوثيقة الدستورية قالت إن رئيس القضاء يُعيَّن من قبل المجلس الأعلى للقضاء، ولكن تم إلحاق نص يمنح حق تعيين رئيس القضاء لمجلس السيادة، في غياب المجلس التشريعي، كيف تم التوفيق في هذا الأمر؟
الوثيقة الدستورية تعطي الحق لمجلس السيادة والوزراء للعمل في أعباء ومهام المجلس التشريعي لحين قيامه. والآن هذا الموضوع مطروح أمام وزارة العدل لتفتي فيه، وإذا قررت أو أصدرت فتوى بأن مجلس الوزراء والسيادة يستطيعان تعديل الوثيقة سيتم ذلك بأسرع ما يمكن.
• هناك مطالبات بإطلاق سراح معتقلين لم تُقدم لهم أي تهمة، مثل الشيخ موسى هلال، أو مثل هشام توفيق، أو آخرين؟
قضية موسى هلال تختلف عن الذين ذكرتهم، وهي قضية مرفوعة ضده أمام القضاء العسكري، وينظر فيها الآن. أما بقية المعتقلين، فنحن نعمل بقانون الطوارئ الذي يخوِّل للسلطات التحفظ على كل من ترى أن هناك ضرورة لحفظه. وقانون الطوارئ مازال سارياً، وتم تجديدة لثلاثة شهور أخرى لم تنته حتى الآن. وكل الموجودين في المعتقلات، بما في ذلك هشام توفيق، لديهم تهم موجهة ضدهم من الأجهزة الأمنية.
• لكن لم تتم إحالتهم إلى القضاء، إذا كانت هناك تهم ضدهم يجب أن تتم إحالتهم إلى القضاء؟
نحن نعلم أن لدى هشام توفيق تهماً، والآن التحقيق يجري في أمر هذه التهم الموجهة له.
• كثيرون يتهمون مصر والسعودية والإمارات بأنها لا تريد للسودان أن يحقق أهداف ثورته، فما هي مسوغات مثل هذا الاتهام؟
هذا الاتهام فيه تناقض، لأن عداء الدول المذكورة للنظام السابق معروف ومعلوم، فكيف يمكن أن تسعى هذه الدول للهبوط الناعم.
• ألا تخافون من إجهاض الثورة في السودان؟
نحن لدينا التزامات أمام الشعب السوداني وأمام الرأي العام العالي بأن نحافظ على هذه الثورة ونوصلها إلى غاياتها وأهدافها ومراميها بالاتفاق مع شركائنا السياسيين في قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الثورية الأخرى.
• هناك مراقبون يخشون أن تنتهي الثورة السودانية إلى نتيجة سياسوية، بمعنى أن تُقاد الثورة السودانية لما وصلت إليه الثورة في مصر؟
لا توجد توجهات من أي من منسوبي القوات المسلحة أو منسوبي القوات الأخرى التي شاركت في هذه الثورة، والجميع مصممون على بلوغ هذه الثورة لغاياتها، وتلبية متطلبات الشعب السوداني.
• ما موقف الجيش السوداني من اختلاف حلفائه في حرب اليمن، ومع من البندقية السودانية؟
البندقية السودانية في اليمن لم توجه ضد أحد، والجنود السودانيون هناك معظمهم يعملون في أعمال الهندسة والطب والتأمين والحراسة. ومعظم الواجبات المتفق عليها مع قوات الشرعية أو مع قيادة التحالف العربي، أن تقوم هذه القوات بالأعمال الدفاعية، وليس لديها أعمال هجومية ولا تقف في أي من الصفوف ضد الآخر. ونحن على تواصل مع قيادة الدول المشاركة في إعادة الشرعية، ولدينا معهم تفاهمات جيدة بخصوص وضع القوات، ومتى ما استدعت الظروف انسحاب القوات حتما سوف تنسحب من أي مكان موجودة فيه.
• ما هي ملامح التجمع الإقليمي الذي وقعت عليه مع الرئيس الأريتري، وهل تحدثتم حول مكونات هذا التجمع وملامحه، وممَّ يتكون هذا التجمع؟
ما تم هو رؤية وسيتم طرحها للمختصين للدراسة، والتجمع سينشأ في السودان ويضم دول الجوار أريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد ومصر والدول التي لديها شاطئ في البحر الأحمر، وبعد أن يوافق قادة هذه الدول سيجلسون ويضعون خارطة طريق لهذا التجمع. نحن نعيش في عالم يعتمد على التكتلات والتحالفات وهي مطلوبة لتبادل المنافع وتقوية المطالب المختلفة والحصول على المنافع المكتسبة.
• ألا تخشون أن تكونوا جزءاً من أدوار لأفورقي يقوم بها لمصلحة إسرائيل في المنطقة؟
نحن كل علاقتنا تُبنى على المصلحة الوطنية، ومصلحة السودان والشعب السوداني، ومتى ما كانت المصلحة الوطنية حاضرة في الإطار العام للمواثيق والأعراف الدولية، قطعاً سنكون أول المطالبين للشعب السوداني.
• هناك توجهات فيها مخاوف تتقاطع مع موقف السودانيين تجاه القضية الفلسطينية، خصوصا بعد دعوة وزير الشؤون الدينية اليهود للعودة إلى السودان، فما الموقف حاليا من القضية الفلسطينية؟
موقف السودان يتسق مع المواقف العربية والإقليمية، حول أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية في الدول المنضوية في جامعة الدول العربية ومعظم الكيانات الإقليمية والدولية وأن هذه القضية لا مساومة فيها ولا أحد يستطيع أن يُنكرها أو يقلل من أهمية قيام الدولة الفلسطينية وفق ما هو متعارف عليه من اتفاقايات. وأظن أن الدعوة لليهود السودانيين للعودة إلى السودان هي من حقهم كمواطنين سودانيين، فنحن مجتمع متسامح والجميع يستطيع أن يعيش فيه بالتساوي، طالما أنه يتمتع بحق المواطنة.
• فهل هذا يعني أن السودان يرفض أطروحة ما يسمى بصفقة القرن؟
السودان ليس جزءاً من صفقة القرن، ويؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية محورية للعرب والمسلمين وحتى معظم دول العالم، الجميع يعمل من أجل ذلك. ومواقفنا تتسق مع الموقف الدولي الداعي لقيام دولة فلسطينية في الحدود المتعارف عليها حسب الموثيق والأعراف الدولية.
• عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا ذكر أنك كنت جزءاً من حركة 28 رمضان التي استشهد فيها 28 ضابطاً بتهمة المشاركة فيها، فهل هذه واحدة من الحقائق في تاريخكم؟
نعم.
• إذن كيف نجوت من الإعدام؟
أولاً، التحية لهؤلاء الضباط الأبطال، ومعلوم أنه تم إعدام 28 ضابطاً فقط من هذه المجموعة الوطنية، ولكن العدد الذي كان مشاركاً في التغيير وقتها كبير. وأنا أُحيِّي فيهم وطنيتهم وشجاعتهم، لأنه لا أحد منهم تحدث عن أي شخص خارج من تم قبضه أو اعتقاله، فلهم منا كل التحية ويستحقون أن يكرّموا، فهم أول من قال صوت الحق في وجه النظام البائد وأول من صدح بقوة بأن النظام حاد عن المطلب الذي قام من أجله.
• النظام السابق، اتهم هذه المجموعة بالانتماء لحزب البعث العربي، فهل كنت جزءاً من هذا الانتماء؟
لا أحد يعلم بأن هذه المجموعة كلها تنتمي إلى حزب البعث العربي.
• إذن هي مجموعات مختلفة حول هدف واحد؟
نعم.
• هل يمكن القول إن دورة الانقلابات على الديمقراطية في السودان انتهت؟
الناظر إلى التجربة السودانية يجد أن الانقلابات ارتبطت بالنظام البرلماني، وأظن أنه يجب أن يعاد النظر في كيف يحكم السودان، وهل النظام الرئاسي أفضل أم النظام البرلماني، ومعلوم أن الأنظمة الرئاسية استطاعت أن تصمد لفترات طويلة جداً، بينما الأنظمة البرلمانية انهارت في فترات قصيرة. وهذا الأمر يجب أن ننظر إليه بعين فاحصة وننظر إلى الجوار الإقليمي والمجتمعات التي تبدو طبيعة شعبها وطبيعة تكوينها شبيهة بمكونات المجتمع السوداني، وهل هذه الأنظمة تتوافق معه أم لا.
• ما مصير من أوقوفوا على ذمة المحاولات الانقلابية التي كشفتموها؟
هذه المجموعة، في البداية تمت التحقيقات معها، واستكملت التحقيقات الأولية، والآن لدينا مجلس تحقيق عسكري سيقدم من يثبت تورطه للمحاكمة ويخلي سبيل من لا يثبت عليه شيء.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.