حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

مدنياوووا , يامرور

شارك الخبر

(1 )
من أهم ملامح القصور في فهمنا السياسي هو أن الحكم المدني مكانه الحكومة فقط فطالما أن الحكومة لم تأتِ بانقلاب إنما كونتها القوى المدنية بالانتخاب أو التوافق فقد أصبح الحكم مدنياً حتى ولو ظلت كل مظاهر العسكرة موجودة في كثير من مناحي حياتنا . بهذا نكون قد حصرنا مفهوم المدنية في الناحية السياسية فقط بينما يجب أن تنسحب على كافة أوجه حياتنا الاقتصادية والاجتماعية . بعيداً عن التنظير نأخذ مسألة مائلة اليوم وهي طرق المرور السريع وبالتحديد الطرق المؤدية للعاصمة وأكثر تحديداً طريق الخرطوم مدني وهو يربط العاصمة بعدة ولايات تقع جنوبها كما يربطها بأكثر مناطق السودان إنتاجاً وأغزرها سكاناً وهي ولاية الجزيرة والولايات التي تقع خلفها فهذا الطريق يئن من وطاة العسكرة فما إن تتحرك فيه عدة كيلومترات إلا وتجد نقطة لشرطة المرور للفحص مع الدفع الفوري فتحتشد السيارات في النقطة بكافة أشكالها من أضخم جرار إلى أصغر أتوس وكثيراً منها لا ينقصه أي مطلوب من مطلوبات السلامة المرورية لكنه يجب أن يدفع زمناً ثميناً من وقته مهما كانت حاجته للزمن
(2 )
نقاط التفتيش على الطرق المصحوبة بجبايات ليست جديدة وقد توسعت في ظل النظام السابق بفدراليته العرجاء وحتى ذلك النظام ضاق بها ذرعاً عندما تأكد من آثارها السالبة على مجمل الوضع الاقتصادي وسعى لمحاربتها ولكنه لم يوفق وهذه قضية أخرى ولكن الآن زاد عدد هذه النقاط وزاد عدد رجال الشرطة فيها بعرباتهم المميزة وزادت أزمان التوقف بصورة كبيرة فمن قبل كان شرطي المرور يقف في وسط الشارع ويمرر السيارات التي ليس عليها اشتباه مخالفة مرورية ويأمر التي يشتبه فيها بالنزول من الشارع حيث يتلقفها شرطي آخر يقوم بالفحص اللازم وإذا وجد أي مخالفة يأخذ رخصة السائق ويذهب إلى السيارة التي يقبع فيها الضابط وهناك تتم التسوية وإذا لم يجد مخالفة يسمح له بالرجوع إلى الشارع دون أي اعتذار أما الآن فأصبح الشرطي يوقف السيارة المشتبه فيها في منتصف الشارع ويفحصها وإذا وجد مخالفة يأمرها بالنزول وإذا لم يجد يأمرها بالتحرك وقبل أن تتحرك غالباً ما تكون أمامها سيارة تحت التفتيش وهكذا يمكن أن يمتد صف السيارات المتوقفة في منتصف الشارع إلى أكثر من كيلومتر كامل , اقسم لكم بأن زمن الرحلة من الخرطوم إلى الكاملين قد تضاعف تماماً بسبب هذه العسكرة للشارع.
(3 )
لانود أن نفصل في الأضرار الاقتصادية والاجتماعية النفسية لا بل والأخلاقية الناجمة من عسكرة الطرق هذه فهي معلومة للجميع ومعظمها يقع تحت بند (أنا ما بفسر وأنت ما تقصر) عليه فإننا نناشد السيد وزير الداخلية (الجديد) ومدير عام شرطة المرور ومدير شرطة المرور السريع ان يزيلوا هذه العسكرة من هذا الطرق رفقا بالناس وأعصابهم وبالاقتصاد وإنتاجه وبالقانون وسريانه هذا مع تقديرنا وإدراكنا الكامل بالدور المهم المناط بشرطة المرور فهي الطبيب المعالج لقطاع النقل وهي الأقرب للروح المدنية وإن شاء الله لنا عودة لغزواتها للطرق الفرعية ودي كمان جديدة (لنج)

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.