حاطب ليل || د.عبداللطيف البوني

نظام تحانيس وكدا!

شارك الخبر

(1)
أحد زعماء الطوائف مِنَ الذين لا ترد لهم شفاعة عند الحكام الإنجليز أوان حكمهم للسودان، جاءته إحدى المُريدات تطلب منه التوسُّط لدى الحكومة لإخراج ابنها المُعتقل، فرفع يديه ليسأل لها الله ما طلبت، فما كان منها إلا أن قالت له لا لا يا سيدنا الفاتحة ملحوقة مد إيدك على التلفون القدّامك دا واتّصل بالحاكم العام وبعد داك أديني الفاتحة.. طافت بذهني هذه الحكاية وأنا استمع لِمَا صَدَرَ من مجلس الوزراء المُوقّر في جلسته الأخيرة يوم الثلاثاء الماضي، عندَما نَاشَدَ نقاط التفتيش التي تقيمها الشرطة على الطُرق الرئيسية بأن لا توقف الناقلات التي تحمل مواداً بترولية (التناكر)، إذ اتّضح للمجلس أنّ هذه النقاط كانت واحدة من أسباب أزمة الوقود الحالية لما تضيِّعه من زَمنٍ على الناقلات ليس هذا فحسب، بل طالبها بتجاوُز بعض المُخالفات المُرورية كالترخيص مثلاً..!
(2)
وجه الغَرَابة في الحكاية أعلاه، أنّ مجلس الوزراء هو أعلى سُلطة حَاكمة في البلاد، فَمَا الذي يمنعه من إصدار قرارٍ صَارمٍ وواضحٍ بمنع إيقاف أيّة ناقلة وَقُود في الشارع، طالما أنّه لم يصدر عنها ما يُوجب توقيفها؟ فإذا كَانَ السّيّد مدير عام الشرطة الذي هو أحد مرؤوسي وزير الداخلية عُضو المجلس، يصدر قراراً يلغي بمُوجبه استمارة الوصول والمُغادرة للمسافرين في كل مطارات وموانئ السودان (وهُو قَرارٌ قد تأخّر كثيراً)، فهل تعجز الحكومة (ذات نفسيها) عن إصدار قرارٍ يلغي جميع نقاط التفتيش في طُـول البلاد وعَـرضها، نَاهيك عن إصدار قرارٍ جُزئي يمنع إيقاف ناقلات النفط؟!
(3)
بارك الله في أزمة الوقود التي جعلت الحكومة الجديدة تَكتشف دور هذه النقاط السالب.. فالمُؤكّد أنّ السادة الوزراء يَعلمون أنّ هذه الطُرق ليست مُخَصّصة لناقلات الوقود فقط، بل لكل المُتحرِّكات في البلاد، وهذه المُتحرِّكات تقل المرضى ذوي الحالات الحرجة، والطلاب الذين لديهم امتحانات، والمُستعجلين الذين لديهم مشغوليات، والمُنتجات التي يُصيبها التلف بسبب عُنصر الزمن كالألبان والخُضروات وبعض مُنتجات الصادر.. فهذه النقاط تهدر الوقت وتهدر الوقود (ذات نفسه) وتتلف الشارع..!
ولا شكّ أنّ السادة الوزراء يعلمون أنّ الحكومات السابقة لهم قد شكت (وبكت) من هذه النقاط، وشَكّلت لجاناً لإزالتها أو تقليلها ولكنها لم تفلح لقوة عارضة المُستفيدين منها فائدة مُباشرة (نظام لوبي وكدا)!!
والأهم من كل هذا.. إنّ هذه النقاط تهدر دم القانون لأن تجهض قاعدة قانونية مهمة وهي أن كل مُتّهم برئٌ حتى تثبت إدانته، فهذه النقاط توقف السيارات التي تسير (في أمان الله) وتسعى إلى تجريمها بشتى السُّبُل إلى أن تصل مرحلة الطفاية وشبشب السائق وعلى طريقة (أكان طارت غنماية).. هسي في زول جَاب سِيرة (الرُّقعة)؟!
(4)
فيا حكومة الثورة ويا وزير داخلية الثورة (الجديد).. الأصل في الأشياء البراءة، فدعوا السيارات تمر، وإذا صَدَرت منها مُخالفة مُش تغرِّموها، بل (أفرموها فَرِم)!! طبعاً مافي داعي نقول ليكم دا زَمن السُّرعة وزَمن المُعاملات الإلكترونية والرقابة الرادارية.. فوزارة الداخلية طبّقت ذلك في مُجمّعاتها الخدمية، لكن النقاط دي حارسها (البعوعي)!! وأنا ما بَفسِّر وإنت ما تَقصِّر ويلا حنِّسوا كلكم..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.