مع د.عقيل سوار الدهب.. بعد الإقالة ودفن جثث الشهداء الثلاثة: لا يحق لمدير هيئة الطب العدلي إقالتي وما حدث استهداف شخصي

حاوره بالهاتف: فتح الرحمن شبارقة

هل فعل مدير مشرحة بشائر الدكتور عقيل النور سوار الذهب ما يستوجب الاستغفار، أو الاعتذار على الأقل عندما أمر بدفن ثلاثة شهداء من ضحايا فض الاعتصام بصورة عدّها البعض لا تليق وعظمة الشهداء؟ لماذا تعجّل في إخراج الجثث من ثلاجات أكبر مشرحة بالبلاد ودفنها دون إذن من وزارة الصحة؟ هل قام عقيل الذي يأتي اسمه دائماً مسبوقاً بكبير الأطباء الشرعيين في البلاد بعمل ما يلزم من إجراءات طبية وقانونية قبل مواراة جثث الشهداء ثرى مقابر الصحافة؟ ثم بعد كل ذلك، هل انزعج عقيل أمس لقرار إقالته كمدير للمشرحة على خلفية الحادثة وتحويله لطبيب عادي، مثل أي د.عقيل آخر؟ تلك التساؤلات وأخرى طرحتها عليه عبر الهاتف أمس، فأجاب عنها بثقة من لم يفعل شيئاً مخالفاً للقانون أو لتقاليد الطب العدلي الراسخة، فإلى إفادته لـ (السوداني):

من اتخذ قرار دفن الجثث؟
– وكيل النيابة الموقر والمتحرون الجنائيون ومعهم أنا.
البعض يقول إنه كان قراراً فردياً منك أنت وحدك؟
– ليس قراراً فردياً، فأنا تأمرني النيابة، والنيابة أعطتني الحق لكي أُشرِّح وأدفن.

لكن قبل ذلك، ألا يُفترض اتخاذ كل الإجراءات القانونية والطبية؟
– اتُّخذت كل الإجراءات وتمت الموافقة من النيابة الموقرة وكانت معي الشرطة.

هل عملت التشريح والتقرير وإذن الدفن من النيابة وكل ذلك؟
– نعم عملت التشريح والتقرير وهما مصوران في مراحل كثيرة جداً حتى المرحلة الأخيرة. فأنا اتخذت كل الإجراءات القانونية، وأي أسرة لديها تشكيك في شخص يمكن أن تذهب لأخذ عينة DNA منها ولو تطابقت مع ابنها فستجده إما في القبر رقم (1 أو 2 أو 3).
لماذا كان هناك استعجال في الدفن حسبما أشارت لجنة الأطباء؟
– لم يكن هناك أي استعجال ولجنة الأطباء هذه كانت متابعة معنا عبر طبيبين هما (هديل ومعتصم).

ولكن نقابة الأطباء انتقدت الدفن بهذه الطريقة وقالت إنها طريقة لا تليق بالشهداء؟
– يا أخوانا هؤلاء الناس كانوا متابعين معنا وفي الآخر أصبحنا نتصل بهم ولا يردون على اتصالاتنا. وقبل الدفن بيوم كان معي ساطع الحاج وهو قيادي كبير ونافذ في الحرية والتغيير، وأخرجت له أحد الشهداء ليراه وقلت له: أنا غدا سأدفن، وإذا قال لي (ما تدفن) لكنت أوقفت الدفن.
وما الذي يجبرك على التصدي لهذه المهمة وتحمل مسؤولية بهذا الحجم؟
– يجبرني وضعي في المشرحة.
مهما كان الوضع، ألا ترى أنه يوفر حيثيات للبعض بأنه ربما كان لديك ما تخفيه؟
– يا أخي أخفي شنو؟.. أنا كتبت أن هذا مضروب طلق ناري وأخدت منه عينة، وهذا مضروب في رأسه وأخدت عينته، فلماذا أخفي؟! ثم إني جئت وتكلمت عن الذي حدث للشهداء.

طيب لماذا.. لم تُخطر “الصحة” أو الجهات التي ترأسك؟
– أنا ليس لدى علاقة بـ”الصحة”، ولا أرجع لهم في دفن مجهولي الهوية، فأنا كبير الأطباء الشرعيين (يا أخوانا) أرجع لطبيب درّبته؟!
جاء في خطاب إقالتك من مدير هيئة الطب العدلي بوزارة الصحة، أنك لم تنصَعْ للأمر المباشر بعدم دفن جثامين الشهداء الثلاثة.. هل هناك حيثيات أخرى لإقالتك؟
– أولاً هذا الأمر تتركه لك النيابة لتقديره حسب الظرف في المشرحة، وليس الوزارة. والمشرحة تشاركية ما بين جامعة النيلين ووزارة الصحة ولاية الخرطوم، واسمه معهد الطب العدلي ومديره عقيل. يعني ليس لمدير الهيئة أي حق في إقالتي لأني مُعيّن من جامعة النيلين كبروفيسور في المعهد. وأنا استقبلتُ كلَّ الشهداء من بداية فض الاعتصام وأكرمت الشهداء وأسرهم، وأصبح لديَّ ستة من مجهولي الهوية وشاء الله في ظرف الشهور التي أعقبت فض الاعتصام أنه تم التعرف على ثلاثة منهم من قِبل أسرهم، وبقيت عندنا ثلاث جثث لشهداء في المشرحة حتى يوم الأربعاء يوم 30 سبتمبر، وهؤلاء الثلاثة تم تصويرهم منذ يوم 30 يونيو الماضي بواسطة مواطنين وفي الحوادث والمستشفيات وفي الإسعافات والمشارح وموجودون في الفيس وعلى منصات التواصل الاجتماعي..

ولماذا الدفن في هذا التوقيت؟
– نحن فشلنا لأن سعة المشارح ليس فيها أية كفاءة والثلاجات كالدواليب وليس فيها تبريد بكفاءة عالية ونحن عانينا بشدة من جلب الثلج لوضعه على الشهداء، وحتى متى نضعهم في الثلاجات ونحن لدينا تقنية تسمى الـ DNA؟ تقنية البصمة الجينية التي اتبعتها أعظم الدول، فاستخدمت في سيربرنيتسا بالبوسنة والهرسك عندما لم يجدوا طريقة غير ذلك ودفنوا الناس بعد أخذ عينات ووضعها في قاعدة البيانات.

ما هو السبب الذي جعلك تتخذ إجراء الدفن بصورة مباشرة.. هل لأن المشرحة غير مهيأة الآن؟
– المشرحة غير مهيأة، والناس بعد أن سمعوا بأن هناك شهداء في المشرحة أصبحوا يأتون إلينا الصباح وفي الظهر وفي الليل، وأصبحت موضة أن يأتوا إليه أناس ومعهم صور ويقولون هؤلاء شهداء، وأنت لا تعرف من فيهم الصادق ومن الكاذب. وهذه المسألة أتعبتنا.
ما هو العدد الكلي للشهداء الذي ارتقوا من ساحة الاعتصام؟
– كانوا (37) شهيداً.

وهل تبقى أحدهم الآن في المشرحة؟
– لا، فآخر ثلاثة منهم هم من تم دفنهم مؤخراً.

وكم الذين تم التعرف عليهم من الـ (37) شهيداً؟
– تم التعرف على (34) شهيداً.

ألم تنزعج لقرار إعفائك من إدارة المشرحة؟
– لم أنزعج، وسأقف أمام القضاء لأني أرى أن ما تم هو استهداف شخصي ولن أسمح لأحد بذلك، لأن ما ذُكِر ليس حقائق لا مهنية ولا أخلاقية وإنما استهداف شخصي لن أسمح به.

قلت إنك مستهدف استهدافاً شخصياً.. ممن؟
– من مدير هيئة الطب العدلي الشخص والشخص الذي معه.

*هل ستواصل العمل كطبيب عادي بعد أن تم إعفاؤك من منصب مدير المشرحة؟
– أنا موجود الآن في المشرحة. وعندما جئت وجدت (الاصطاف) مضرباً فتحدثت معهم وصلينا الظهر معاً، وكانت هنالك حالة مهمَّة جداً لأن كل أسرتها موجودة، فقلت لهم: (يا أولادي طلعوا هذه الجثة لكي نشرحها وشرحناها، وقلت لهم اطمئنوا أنا موجود والحق أبلج والباطل لجلج).

إذا أنت لم تخطر وزارة الصحة، ألم يكن ممكناً إخطار لجان المقاومة في الصحافات ممثلاً لحضور التشييع؟
– يا أخي لماذا أنا أنادي رجال المقاومة واتصل بهم أو (أكورك في الشوارع مدنية مدنية) فهذه مسألة لا تليق بي، فأنا رجل مهني أديت عملي على أكمل وجه وراضٍ عن نفسي وعن ما عملته ولا علاقة لي برجال المقاومة.

ألا تشعر أن ما عملته.. يستوجب الاستغفار؟
– أنا لم أعمل خطأ يا أخي الكريم (حرام عليك).

طيب هل تشعر بأن ما فعلته يستوجب الاعتذار؟
– لا لن أعتذر، فأنا عملت (الصاح).

الطريقة التي تم بها دفن الجثث الثلاث ألا ترى أنها توفر حيثيات لاتهامك بأنك من (الدولة العميقة) ربما؟
– والله أنا بعيد عن الدولة العميقة، والشهداء الثلاثة دفناهم بالطريقة الصحيحة بواسطة النيابة، فكيف نكون من الدولة العميقة؟ فأنا كتبت كل تقاريرهم.

ما هو الكلام الخطير الذي قيل إنك قلته في قناة سودانية (24) وأثار حفيظة البعض؟
– أنا سُئلت ثلاثة أسئلة مهمة.. السؤال الأول كيف مات قصي؟ فقلت لهم إن جثمان قصي لم يحضر إلينا في المشرحة فقد كان في مشرحة أم درمان لكن أنا عرفت أنه أُصيب بطلق ناري هتّك رئته اليمنى وثُقّل بحجارة ورُمي في النيل وهذا أمر يتنافى مع الأعراف والأخلاق والدين الإسلامي.. ثم سُئِلت عن أحمد الخير لأني كنت شاهد الخبرة الأول في قضيته فقلت لهم إنه مات بالتعذيب ورفضت أن أحيد عن أن التعذيب هو الذي قتل أحمد الخير بنسبة (100%)، والسؤال الثالث قال لي المذيع: لو أتوا بك شاهداً في لجنة تقصي الحقائق لشهداء القيادة العامة قلت لهم سأقول ما لم يقله مالك في الخمر، سأقول كل شيء

أخيراً.. ما الذي تود قوله؟
-أقول إن الديمقراطية ليست فتناً أو فوضى، الديمقراطية شفافية وأدب وأخلاق وتفانٍ، وهي أعز شيء يمتلكه الإنسان في حياته، ولا يجب أن يتحول لعبث و(سبهللية)، ويجب ألا تستغل الديمقراطية استغلالاً سيئاً وتكون تنفيساً لما بدواخلهم لأن النفس المريضة يمكنها عمل أي شيء.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.