التدبير قبل الرفع

(1 )
في حوار مهم مع الأستاذ صلاح شعيب من واشنطن بدأت في نشرة صحيفة الوطن الغراء أكد الدكتور إبراهيم البدوي وزير المالية رفع الدعم عن السلع، وقال إنهم سوف ينتقلون إلى الدعم المالي المباشر للأسر المحتاجة وأنهم كحكومة لن يفرقوا بين المواطنين ولكنهم لن يدعموا سلعاً يستهلكها بعض المواطنين (الثلاثاء 29 أكتوبر 2019) هذا القول للسيد الوزير يعني بصريح العبارة أن الذين يستهلكون البنزين ويأكلون الرغيف ويستخدمون الكهرباء عليهم أن يستعدوا للدفع بسعر التكلفة عالمياً كان أم محلياً وإذا حسبناها بسعر الجنيه الحالي (الأسبوع الأخير من أكتوبر الجاري) فإن الرغيفة قد تصل إلى ثلاثة جنيهات ولتر البنزين سوف يتضاعف أربع مرات وكيلو الكهرباء ضعفين و(النور طفا يا مصطفى) وإن جينا للنصيحة فإن 20 % من الشعب السوداني هو الذي يستفيد من دعم هذا الثالوث والمفارقة أن الـ80% المحرمون يدفعون من فقرهم ذلك الدعم فأي عدالة هذه التي تأخذ من الفقراء لتعطي أولاد (اللذين) ديل ؟
(2 )
قبل الاستطراد نقول للسيد الوزير من فضلك لا تندفع في فكرة الدفع المباشر عن طريق البنك أو الموبايل كجبر لضرر الفقراء الذين سوف يتأثرون برفع الدعم فهذه قد تعمل في دول غير السودان أما في السودان فقد أثبتت تجربة الزكاة وتجربة وزارة الضمان الاجتماعي فشلها وذلك ببساطة لاهتراء الجهاز الإداري في البلاد ونحمد للسيد الوزير أنه قال إن الأمر سوف يخضع لحوار مجتمعي فلنكن في انتظار هذا الحوار. الأمر المؤكد أن هذا (الرفع) الحتمي القادم محتاج لتدابير مكثفة ولعل هذا يبدأ بخطاب واضخ وصريح من الحكومة فهذا الشعب يفهم ويعي جيداً الأخطار المحيطة بهذا الوطن ويعلم جيداً أن العلاج ليس مستحيلاً وأن الحكومة هي التي سوف تقدم وصفة العلاج وتشرع في تنفيذها ولذلك لا بد من توفر الثقة في الحكومة وهذا لن يتأتى بطق الحنك إنما بالبيان بالعمل فإذا تركت الحكومة الكلام الفارغ (مغتغت وخمج) وحسمت أمرها و(كربت بطنها) وقدمت القدوة فسوف تجد الشعب أمامها وإذا رأى الشعب تضحياته تتحول إلى منجزات أمام عينيه فسوف يقدم المزيد منها.
(3 )
على الحكومة أولاً أن تقلل الصرف الحكومي إلى أقصى درجة ممكنة وتثبت ذلك بالأرقام فالوفورات التي حدثت الآن من قضاء الثورة على الترهل الدستوري كان يجب إعلانها وتوضيح بنود صرفها الجديدة. حتى الآن لم نسمع بإلغاء أي من الوظائف (الورمية) إنما نشاهد الإحلال والإبدال فقط وكأننا موعودون بجهاز دستوري مترهل ولكن بوجوه جديدة . على الحكومة أن تضغط الطبقة الطفيلية التي تستهلك كل المدعومات دون إنتاج وذلك بالتضييق على النشاط الطفيلي فمثلاً ضريبة (كاربة) على الأراضي (البيضاء) سوف تنهار طبقة تجار الأراضي . على الحكومة أن تقوي الجنيه السوداني وترفع عنه هذا الهزال وذلك بدعم المنتج وليس المستهلك وساعتها فلترفع الدعم وسيكون وطأه خفيفاً ولن يشعر به المواطن خلاصة قولنا هنا إذا جعلت الحكومة الاقتصاد من مكافحة للفقر والجوع والمرض ثم التنمية المتوازنة همها الأول والأساسي سوف تعبر بالبلاد وتصل مرحلة الرفاهية إلا فلتبكي يابلدي الحبيب.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.