حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

راية حمراء

شارك الخبر

(1)
من التّجارب المُهمّة التي أحدثت تَحوُّلاً في الزراعة وتتعلّق بعلاقات الإنتاج, تجربة الزراعة التّعاقُدية أو الزراعة التّشارُكية (السماية لسه)، فالتجربة مازالت في طَـور التّكـوين.
فكرة خُرُوج الدولة من النشاط الزراعي لمصلحة القطاع الخاص ويدخل في ذلك صغار المُنتجين، فكرة عالمية وقديمة، فالعَالم كُلُّه مُتّجهٌ لإخراج الدولة من الأنشطة الاقتصادية كَافّة وهذا يجعل الدولة تقوم بدور المُخطِّط والضابط للنشاط وحفظ حُقُوق الأطراف كَافّة.
لقد بدأت الزراعة التّعاقُدية في السودان بـ(دفرةٍ) قويةٍ من الدولة، حيث كانت المُموّل للشركات التي دخلت في شراكةٍ مع المُزارعين عن طريق البنك الزراعي، وهنا ثار السؤال طالما أنّ الأمر كذلك لماذا لم تقم الدولة بتمويل المُزارع مُباشرةً؟ نترك الإجابة الآن، ولكن الشاهد في الأمر أنّ هناك شركات كان تمويلها ذاتياً وأدخلت تقانات مُتقدِّمة على حسابها وحصدت الرِّضاء الكَامِل، ولكن المُهم أنّ كثيراً من المُزارعين تَموّلوا من البنك الزراعي مُباشرةً، وأكثر منهم مَوّلَ نفسه من مُدّخراته دُون الاستعانة بأيّة جهةٍ، وهذه هي الطفرة الكُبرى التي يَجب الوقوف عندها وتطويرها.
(2)
أهم نتيجة إيجابية لعلاقات الإنتاج المُشار إليها أعلاه بمُختلف ضُرُوبها هو عودة القطن إلى صدارة قائمة الصّادرات السُّودانية، حيث تصادف مع ذلك دخول القطن المُحوّر، فَوَصَل صَادر القطن في السّنوات الأخيرة إلى قَرَابَة ما كان يُصدِّره السُّودان في قِمّة مَجده (القطني) قبل عشرات السنين، ولكن الجديد في الأمر أنّ المساحة كانت أقل من رُبع تلك المساحة، أي الزيادة كانت رأسية من متوسط أربعة قناطير للفدان إلى أكثر من عَشرة، والأهم أنّ الدولة كانت تجلس “خالفة رِجْلاً على رِجْلٍ” وتجمع في حصائل الصادر والضرائب المحلية والجبايات كافّة دون أن تُموِّل الكثير من القطن المُنتج، وحتى الذي مَوّلَته عبر الشركات عاد إليها على دائر المليم وانتهت إلى الأبد نَغمة دُيُون الدَّولة على المُزارعين وكَيفية اِستعادتها وضَرورة جَدولتها أو شَطبها الذي منه.
(3)
في هذا المُوسم (2019 – 2020) التمويل الذاتي بواسطة المُزارعين قفز قفزة كبيرة ودخلت شركات لم تُموّل من البنك الزراعي (يعني الحكاية ماشة لي قدام) ورغم ظهور بعض الأمراض في القطن، ورغم الحرب (الخبيثة) على القطن البرازيلي (R R)، إلا أنّ الإنتاجية مُبشِّرة على حسب ما لديّ من مَعلوماتٍ، وبدأ المُوسم بسعر مُناسبٍ (أكثر من خمسة آلاف جنيه للقنطار)، ولكن فَجأةً هبط السعر إلى (3500) جنيه (ثلاثة آلاف ونصف) في الأسبوعين الماضيين وقد يتواصل الانخفاض مع استعدال المُوسم وزيادة الإنتاج، وإذا حَدَثَ هذا فإنّ خَسائر فَادحة سوف تَحِل بالمُزارعين!!
عليه، لا بُدّ من أن ندق ناقوس الخطر، لا نُريد أن نتّهم أحداً الآن، ولا نُريد أن نقول إنّ هُناك تواطؤاً بين الشركات، ولا نَود أن نذكر ما يُردِّده البعض بأنّ تضييقاً قد حَدَثَ للصينيين وبعض التُّجّار الأجانب، ولكن نُريد أن نَرفع الأمر للحكومة مُمثلةً في وزارتي المالية والزراعة بالتّدخُّل الفوري وتحديد سعر تركيز، لا بل الشراء المُباشر من المُزارع عن طريق مَحفظة أو البنك الزراعي، المُهم هُناك ألف طريقة يُمكن بها إنقاذ مُوسم المُزارع من أجل المواسم القادمة.. والحكاية ما عاوزة كلام كتير..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.