حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

اصح يا بريش!!

شارك الخبر

(1)
في العام 1997 حذّرت الولايات المتحدة، السُّودان من أنها سوف تضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب إذا لم يغلق مُعسكرات المُتطرِّفين من العرب والمُسلمين ويطردهم من أرضه، ويلغي مؤتمر الشعب العربي والإسلامي ويعتدل في سياسته الخارجية و…. المُهم عدّة مطالب وفي نفس الوقت أوضحت له خُطُورة الإدراج في هذه القائمة على مُستقبل العلاقة بين البلدين وعلى مُجمل الوضع في السُّودان، ثُمّ صُعُوبة الخُرُوج منها، ولكن حكومة السُّودان استخفّت بهذا الأمر.. فالجماعة كانوا في أولى سياسة فـ(حَدَسَ ما حَدَسَ)!!
في السنوات التي أعقبت الوضع في القائمة لم تَنشط الولايات المتحدة في تَطبيق العُقُوبات ثُمّ كان تصدير النفط وظلّت البلاد في حالها، فمدت الحكومة لسانها للأمريكان قَائلةً (بلُّوها وأشربوا مويتها)! ولكن ما أن انفصل الجنوب وخرج النفط، ثُمّ ظهرت دارفور، ثُمّ الجنائية إلا سلّت الولايات المتحدة (ضَنبها) و(ورّت السُّودان الطَفَا النور مُنو)!!
(2)
العقوبات الأمريكية أصبحت دولية وقام بتزكيتها السُّودانيون المُعارضون للإنقاذ، فمكّنوا أمريكا من رقبة السُّودان!! والمُفارقة أنه قد اشتدت وطأتها بعد الرفع الجُزئي لها في أكتوبر 2017 في آخر أيام أوباما ورغم ذهاب النظام المُتّهم بالإرهاب، ظلّت العُقُوبات قائمةً وحتى كتابة هذه السطور لم يلح في الأفق أيِّ أمل لرفعها قريباً.. خلاصة قولنا في الحتة دي هي إنّ الجهل والتجاهُل من جانب السُّودان هو الذي (جاب خبره)!!
أمّا المُناسبة، هي أنّنا نحن اليوم إمّا أمرٌ مُشابهٌ وهو مُقاطعة العالم لصادر الثروة الحيوانية بسبب اعتراف السيد وزير الصحة بوجود حُمى الوادي المُتصدِّع وسط أنعامنا، فحكومة الثورة الحالية تتعامل مع الأمر نفس تعامُل الحكومة السَّابقة مع العُقُوبات الأمريكية في بدايتها رغم أنّ هذا الأمر سوف يتطوّر وبسُرعة وبأيدي جيران السُّودان، لا بل السُّودانيين أنفسهم ويلحق اقتصاد هذه البلاد أمّات طه وهو أصلاً (رُوحه طالعة)!!
ففي مصر القريبة دي عندما قُوطعت صادراتها من الخُضر والفواكه عالمياً، أقامت الدنيا وبذلت جُهداً جبّاراً إلى أن أنهت تلك المُقاطعة لأنّها تعلم خُطُورة هذا الحصار!!
(3)
لست هنا بصدد الدوافع التي حدت بالسيد الوزير ليقول ما قال، ولكنني أقول إنه قد ظلم بلاده، فلا أحدٌ في الدنيا يُمكن أن يجزم بخلو أيِّ بلاد من مرض الإنسان أو الحيوان وفي نفس الوقت لن يجزم أحدٌ بأن كل البلاد موبوءة بمرضٍ مُعيّنٍ، لا سيما إذا كانت مُتّسعة المساحة كالسُّودان، ثُمّ أنّ المرض لا يعرف الحدود السِّياسيَّة، بينما السياسة تنحصر في تلك الحُدود، فمثلاً لو رسمنا دائرة قطرها خمسمائة كيلو متر مركزها أربعات، حيث قيل إنّ المرض هناك، سوف تدخل في هذه الدائرة مساحات من ثلاث دول مُجاورة أكثر من المساحة التي يدخل بها السُّودان, الثروة الحيوانية هي صادر السُّودان الأول وهي الصادر الوحيد الذي ظلّ مُؤشِّره في ارتفاعٍ والخليج ومصر هما المُستورد الأول، وفي الشهرين القادمين سوف يزداد عدد الأنعام زيادةً كبيرةً نسبةً لـ(عشار الخريف)، وسوف تخرج من بلادنا مُهرّبة إلى دول الجوار، فكل الذي نرجوه الآن أن تحس الحكومة بالأمر وتتحرّك في كل الاتّجاهات لرفع هذه المُقاطعة الخطيرة، ثُمّ تعمل على تصدير الذبيح واللحم المصنع – بضم الميم -!
المُهم في الأمر أنّ هذه القضية قضية ساعة لو كانوا يعلمون، ولا أظن أنها مُحتاجة لكلام كثير!!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.