تصريحات الوزراء.. لـ”الشفافية” ثمنٌ

الخرطوم: مشاعر أحمد

“الشفافية” شعارٌ رفعتهُ الحكومة الانتقالية لتمليك المُواطن، الحقائق حول مُجمل الأوضاع بالبلاد، شعارٌ انطلقت منهُ ناصية العديد من وزراء الحكومة الانتقالية بدءاً بوزير الصحة د. أكرم التوم، ثُمّ وزير المالية إبراهيم البدوي، إلى وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم، وما زالت ردود الفعل تتوالى تجاه هذه التصريحات بين مُؤيِّدٍ ومُعارضٍ وبين الآثار المُترتِّبة عليها داخليّاً وخَارجيّاً.
وعَلِمَت (السوداني) أنّ رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أصدر توجيهات داخلية بضبط الخطاب الإعلامي، على أن تكون التصريحات الإعلامية من اختصاص الناطق الرسمي.

التصريحات وردود الفعل
بعد مُرور أكثر من شهرين، بدأت سهام الاتّهامات تتوجّه نحو الوزراء من خلال تصريحاتهم التي تضج بها الأسافير نقداً وتقليلاً من الدعم والاتفاق مع القرارات التي يتم إصدارها.
في أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة عن إصابات بحمُى الضنك بلغت جملتها (135) إصابة في (3) ولايات، ليأتي رد الفعل بأن قامت المملكة العربية السعودية بتعليق استيراد المواشي من السودان، وبرّرت قرارها بأنه جاء على خلفية إعلان المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE) ظهور إصابات بين المَواشي السُّودانية بمَرض حُمّى الوادي المتصدع.
أما في مطلع نوفمبر الجاري، قال وزير المالية إبراهيم البدوي لـ”رويترز”، إنّ السودان يحتاج نحو (5) مليارات دولار دعماً للميزانية لتفادي انهيار اقتصادي، ما أدى لارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه السوداني، حيث بلغ أمس (81) جنيهاً في تعامُلات السوق السوداء، وكان الوزير اتّهم في وقتٍ سابقٍ، “الثورة المُضادة” بأنّها السبب في ارتفاع أسعار العُملات الأجنبية، وأنها قامت بشراء كمياتٍ كبيرةٍ من العملات الأجنبية من السوق السوداء للعُملات للمُساهمة في تصاعُد أسعارها.

وزير التربية
وبينما لم تهدأ العاصفة التي أثارها الوزيران البدوي وأكرم، ألقى وزير التربية والتعليم محمد الأمين بمعلوماتٍ صادمةٍ عن الوضع التعليمي بالبلاد، وعن نتائج الشهادة الثانوية، وقال إنّها غير حقيقيّة وكانت تُطبخ بليلٍ كما الانقلابات، واصفاً إعلان النسب التي يتحصّل عليها المائة الأوائل بالخداع، وتعهّد بإعلانهم للنتيجة الثانوية في العام القادم كما هي دُون غش ودُون مُعالجة، حتى يعرف المُجتمع أين هو وكيف يمكن للانتقال للأفضل!

خيارات الوزير
بشيءٍ من السُّخرية والضّجر والاِستبشار والتأييد، قُوبلت تصريحات الوزير.. أما بين الأُسر فكانت الجدل والاِستياء سيد المَوقف، وكان لافتاً تعليق رئيس حزب المؤتمر الوطني إبراهيم غندور الذي كتب على صفحته الرسمية بـ”الفيسبوك”، مُدافعاً عن الشهادة الثانوية بقوله: إنّ للشهادة الثانوية تاريخاً عريقاً وقيمة علمية يشهد عليها العالم الخارجي قبل الداخل، عندما يُكشف امتحان واحد، فالدولة كانت تغيِّر جميع الأسئلة وتعيد طباعة جميع الاِمتحانات، مُعتبراً أنّ التصريح سيكون خصماً على الوزير.

مُدير الامتحانات
مدير امتحانات السودان مختار محمد مختار لوّح بتقديم استقالته بعد حديث الوزير، وقال إنّه غير قادرٍ على الاستمرار في العمل بالإدارة العامة للقياس والتقويم، مُعتبراً أنّ تصريحات الوزير تَشكيكٌ في أداء إدارته، مُشدداً على نزاهة وشفافية الشهادة السودانية.
ووضع مدير الامتحانات، الحكومة في خيار بينه وبين الوزير، مُشيراً إلى أن كل طاقم إدارة الامتحانات سيقدم استقالته حال لم يتم إعفاء الوزير أو يُقدِّم استقالته.

ضبط الخطاب
وقال الناطق الرسمي بقِوى الحُرية والتّغيير وجدي صالح لـ(السوداني)، إنّ قِوى الحُرية والتّغيير لا تتدخّل في الشأن الحكومي، وإن ضبط الخطاب الإعلامي من شأن رئيس الورزاء.
من جانبه، قال المحلل السياسي الحاج حمد لـ(السوداني)، إنّ المرحلة مرحلة شفافية، وليست هناك حاجة لضبط الخِطاب الإعلامي، لافتًا إلى أن هناك حاجة لتصحيح مفاهيم الوزراء وسماع الرأي الآخر حتى يستوعبوا ما يفعلون ومن خلال النقاش سَيضبطون خطاباتهم. وأضاف: المسؤولية تأتي للوزير المُختص في بعض المواضع ولا دخل للحكومة بها، مشيراً إلى أنّ ذكر المُخالفات التي كانت تُمارس سابقاً أمرٌ مهمٌ وليس هناك وزير يُريد أن يكذب على أحد طالما أنه يمتلك تقارير رسمية، مُوضِّحاً أن أيِّ شخص يحاول النفي أو التكذيب فهو ساعد في القصور التاريخي وشارك في الجرم، ويرى الحاج أنّ الشفافية هي أساس الحكم الديمقراطي سواء كان في الصحة والتعليم أو أي مجال آخر، مُضيفاً أن حق الحصول على المعلومة مكفولٌ للإعلام والصحافة، وشدد على أن من حق الصحافة الحصول على المعلومة بدون أيِّ حاجزٍ، واصفًا ردود الفعل بغير المُهمة في مرحلة التغيير، إنما المُهم أن تكون هناك شفافية وأن تبنى على المبادئ والأخلاق، والأفضل أن تكون الخسارة مالية، وأن تظل المصداقية قائمة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.