حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

اسمعوا لجمعة الوكيل

شارك الخبر

(1)
قبل عدة أيّامٍ وأنا أشاهد النشرة الرئيسية لقناة “الشروق”، استوقفني خَبرٌ مُصوّرٌ يَتَصَدّره السيد جمعة الوكيل, القيادي بحركة تحرير السودان جناح مناوي، والذي عاد إلى السودان كوفد مُقدِّمة للحركة التي ينتمي إليها، أي جاء في زيارة إلى السودان لتكون عودته النهائية بعد توقيع اتفاق نهائي للسلام.
السيد الوكيل قام بزيارة لمقر حركة العدل والمساواة – جناح السلام الذي يقوده بخيت عبد الكريم دبجو، وهذه الحركة كانت قد وقّعت اتفاق سلام مع النظام السابق، وكانت مُشاركة في الحكم إلى سُقُوط النظام, وقال الوكيل إنه بحث مع مُضيفه ضرورة التّنسيق بين الحركتين وكل أهل الهامش في الانتخابات القادمة التي سوف تُجرى في نهاية الفترة الانتقالية، وقال إن أهل الهامش في السودان هم الأغلبية، فإذا ما اتفقوا سوف يفوزون في أيِّ انتخابات أو كما قال.
(2)
لقد سعدت وطربت واستبشرت لكلام السيد جمعة الوكيل، لأنّه يُشكِّل نغمة جديدة في الساحة السياسية الضّاجّة بكل صُنُوف الكلام الصالح والطالح والعديل والمُدغمس، فمن حيث المَظهر يُشكر السيد الوكيل لأنّه (جاب سيرة) الانتخابات، فالناس في البلاد “نسوها” تماماً وبدأت لنا الفترة الانتقالية كأنها نهاية مطاف وأخذنا نشيل ونردم فيها كأنّه مُنوط بها أن تأتي بما لم يَأتِ به الأوائل، مع أنّ مُهمّة الفترة الانتقالية الأولى والأساسية هي تهيئة البلاد وحملها للانتخابات مع بعض المهام العَاجلة التي لا تَحتمل التأخير, أما من حيث المخبر، فحديث السيد الوكيل في غاية الأهمية لأنه اعتبر الانتخابات هي الطريق المُفضي لنَيل الحقوق، لذلك طرح فكرة التنسيق بين حركته المسلحة وتلك التي رمت السلاح، لا بل بين كل أهل الهامش.
ففي نظر السيد الوكيل أنّ الثورة غايتها هي إتاحة الفرصة للمُواطن ليُشارك في الحكم، فطالما أنّ هذا الطريق السلمي قد انفتح فلماذا لا يستغله الناس؟ لم يقل السيد الوكيل صراحةً إن العمل المُسلّح أصبح لا داعي له، ولكن سعيه لمن هَجَرَ العمل المُسلّح (دبجو) ودعوته العريضة للوحدة تحتمل ذلك القول.
(3)
في تقديري، إن السيد جمعة الوكيل قد قدم فَهماً مُتقدِّماً لثورة ديسمبر المجيدة، وليت كل قادة الحركات المُسلّحة قالوا ما قاله الوكيل، لا بل ليتهم جميعاً عادوا إلى البلاد، باعتبار أنّهم شاركوا في هذه الثورة، وأنّ الثورة فتحت الطريق للتعبير السلمي عن المظالم، والأهم أنّها فتحت الطريق لهم لحكم البلاد عن طريق صندوق الانتخابات والذي بالضرورة يجب أن يبطل صندوق الذخيرة، فهذان الصندوقان لا يجتمعان، فبقاء قادة الحركات في الخارج والإصرار على التّفاوُض خارج البلاد فيه تَجَاهُلٌ للثورة الشعبية المجيدة إن لم نقل إساءة لها، فأبسط تقدير لهذه الثورة هو الاعتراف لها بأنها فتحت المَسَارات السلمية للتعبير والتنظيم.
وهنا لا بد من أن نذكر بالخير عودة السيد ياسر عرمان ومبارك أردول وبقية وفدهما في أول أسابيع الثورة، وقد شجبنا ما تعرُضوا له من مُعاملة خَاطئةٍ وقاسيةٍ، ولكن الآن قَد تَغيّرت الأوضاع وأصبح الحكم مدنياً وأصبحت أبواب البلاد مُشرعة لكل أبنائها، فليتهم عادوا جميعاً أو على الأقل تفاوض الجميع داخل البلاد، أكرر داخل البلاد وتركوا أمر السُّلطة لتُحدِّده انتخابات حُرة نزيهة لا فيها شَـق ولا طَـق..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.