د. عبداللطيف البوني – حاطب ليل

العودة إلى البيت
(1 )
في المقالات الثلاث السابقة قلنا إن دعم الدولة للمشتقات البترولية ورغيفة القمح أحدث ظلماً بيناً للطبقات الفقيرة لأن هذا الدعم يؤخذ من الجميع ولكنه يذهب لأقلية والأهم من ذلك أنه إعاق الدولة وجعل ميزانيتها موجهة لغير التنمية المتوازنة مما جعل بعض الأقاليم أكثر تهميشاً فكان غياب السلام وعدم الاستقرار وغياب الحرية, عليه يصبح هذا الدعم في مرتبة واحدة مع الفساد وسوء الإدارة ولكي تنعم البلاد بالسلام والحرية والعدالة لا بد من مكافحة ذلك الثالوث عليه يكون من الطبيعي أن ينبرئ أبناء البلاد البررة لمهمة حل مشكلة الدعم وبقية المهام وذلك بالتوعية لخطورتها ثم وضع المقترحات للخروج منها. فالأمر لم يعد أمر حكومة إنما أمر شعب بأكمله.. ومن ضمن هؤلاء نقف اليوم عند ورقة أعدها الدكتور أمين عبد اللطيف رئيس مجموعة التجارية الوسطى وهي شركة رائدة في مجال التقانات الزراعية فما ينبئك مثل خبير.
(2 )
بدأ السيد أمين ورقته بالقول إن السودان كان متنوعاً في غذائية, ذرة ودخن وذرة شامية وقمح وإلى ستينيات القرن الماضي كانت الذرة هي الغذاء الرئيسي لمعظم أهل السودان أما القمح فينتج ويستهلك في الشمال ولكن مع زيادة التمدن على حساب الترييف اتجه الناس لاستهلاك رغيفة القمح والحكومة من جانبها شجعت هذا التوجه وذلك بدعم القمح المستورد لتصبح خبزة القمح أقل سعراً من الخبز المصنوع من الذرة ومع مرور الأيام زاد الاستهلاك وبالتالي زاد استيراد القمح ليصل إلى مليوني طن سنوياً وبالتالي زيادة المال المبذول فيه الأمر الذي أرهق ميزانية الدولة وجعلها تدعم زارع القمح في الخارج على حساب المزارع السوداني فانهار الجنيه السوداني ومن ثم تعقدت أوضاع البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومن المفارقات أنه حتى العمال الذين يعملون في مزارع الذرة يقتاتون برغيف القمح وذلك لقلة سعره .
(3 )
قدم السيد أمين طائفة من الحلول العملية للخروج من هذا المأزق الاقتصادي وأسسه على أن تطور العلم أثبت الآن أن القيمة الغذائية للدخن والذرة أعلى بكثير من تلك الموجودة في القمح ومحور الحل عند سيد أمين هو العودة إلى الاعتماد على الذرة كغذاء رئيسي وهذا يبدأ بخفض سعر الخبز المصنوع من الذرة (الكسرة –بكسر الكاف – بشقيها الطرقة والعصيدة والرغيفة المخلوطة وقد تصل الرغيفة الخالصة من الذرة) فالعلم في اتجاه تصنيع خبزة الذرة قد تطور هو الأخر أما الخطوات العملية فتبدأ برفع إنتاجية فدان الذرة لتصل إلى عشرين جوالاً للفدان, باستخدام تقانات هي الآن في متناول اليد. ثم تشجيع تصنيع الكسرة وذلك بجمع ذكوات المشاريع الكبيرة وطحنها وتوزيعها بمعدل جوالي دقيق لكل أسرة مع معينات (العواسة) من أنبوبة غاز وصاج على مائة ألف أسرة في الخرطوم مثلاً ثم جمع ما تم تصنيعه وبيعه للمستهلك وهكذا تدور سلسلة الإنتاج بجهد مشترك من المجتمع والدولة والحكومة ويمكن أن يتصدره ديوان الزكاة والمنتجين والمحسنين ويختتم السيد أمين ورقته بالقول إن هذا مجرد مقترح ليكون ضربة البداية وهو قابل للأخذ والرد والإضافة والتبديل وفي مقابلة مباشرة معه أكد استعداد شركاته والمتعاملين معهم من كبار منتجي الذرة على دعم هذةه التجربة . الكرة الآن في ملعب كل من يهمه أمر هاذ الوطن فهلا هلا على الجد.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.