أجندة عبدالحميد عوض

الحل في شنو؟

شارك الخبر

*على عكس مواقفهم الإعلامية والسياسية الظاهرة، تبدو سعادة كثير من الإسلاميين بقرار حل حزب المؤتمر الوطني، الوارد ضمن نصوص قانون تفكيك النظام وإزالة التمكين الذي أجازه مجلس السيادة ومجلس الوزراء الخميس الماضي، توازي سعادة خصوم الحزب الذين ابتهجوا وصفقوا وخرجوا للشوارع فرحين بإجازة القانون.
*مرد تلك السعادة هو أن الإسلاميين يعلمون علم اليقين، حجم التركة الثقيلة التي خلفها سقوط النظام، ويدركون أكثر أن الحزب المحلول ما عاد في السنوات الأخيرة حزباً بمفهوم الحزب، إنما مجرد مكتب من مكاتب السلطة، يجمع المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وغابت فيه الشورى والمؤسسية والقرارات الجماعية، وتلاشت الفكرة والعقيدة الحزبية، وحلت محلها المصلحة والكرسي والصفقة والمأكلة.
*كل القرارات الخاصة بالحزب يتخذها شخص واحد، هو رئيس الحزب، رئيس الجمهورية على المستوى المركزي والولاة على المستوى الولائي والمعتمد على المستوى المحلي، ولم يكن قادة الحزب، يعتمدون على المخلصين -إن وجدوا- إنما رهط من النفعيين والانتهازية الذين لا يحملون في جعبتهم مبدأ والتزام، إنما سلطان زائل يشترون من أجله الذمم ويستغلون معه كل إمكانيات الدولة في الحشود المصنوعة التي تلبي رغبات القادة وتكمل فصول الكوميديا اليومية في بذل الوعود الكاذبة والتي تقابل بمواقف نفاقية فاضحة.
*نعم، تلبس أنصار المؤتمر الوطني لبوس الضحية، واستخدموا النائحات المستأجرات للتعبير عن رفضهم لقرار حل الحزب، وأرادوا بذلك فقط إحراج الحكومة الانتقالية، وتحالف الحرية والتغيير أمام الرأي العام في اختبار الحريات، رغم إدراكهم العميق، كما قلنا، أن مصلحتهم ومستقبلهم معقود على التخلص من اسم المؤتمر الوطني وهو اسم لم يرتبط بشيء غير الفساد والاستبداد.
*حتى الأموال والممتلكات والشركات، لن يخسروا فيها الكثير والراجح أنهم تمكنوا خلال الثمانية أشهر الماضية من إخفائها بشتى الطرق والأساليب التي تمرنوا عليها، وإن صودر منها شيء، فواحد فقط من الذين سرقوا قوت الشعب يمكنه أن (يسد الفرقة) في ساعات.
*الحقيقة الثابتة، أن حزب المؤتمر الوطني سيظهر بواجهة جديدة وربما واجهات جديدة، والخشية كل الخشية أن يدخل الإسلاميون للتجربة دون مراجعات شاملة وجراحات عميقة، ودون وجوه جديدة، لا تؤمن بالواقع وقواعد اللعبة الحالية، وفي تلك الحالة سيكررون التجربة ويلقون ذات المصير وربما أشد لا سيما إذا تركوا المجال لأناس مثل أنس عمر في التمدد، أو مضوا في تهديدهم المستمر، على شاكلة العبارات التي ترد في بيانتهم، مثل “أن ذلك الإجراء لن يسلم من عواقبه أحد”.
الحركة الإسلامية في ثوبها المنتظر عليها بقيادات وأفكار تكفر بالانقلاب العسكري والعنف كوسائل للوصول للسلطة، وداعمة في نفس الوقت للتحول الديمقراطي المنشود، وضاغطة من أجل دولة القانون واحترام الحقوق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.