حتى لا ننسى منى الفاضل

كنداكة ثم كنداكة ثم كنداكة

شارك الخبر

قدّمت حملة ذات الثوب الأبيض بكندا، ندوة بعنوان جدلية المركز والهامش وموقف الحركة الشعبية من مُفاوضات السلام بدار الجالية السودانية بتورنتو في يوم الجمعة المنصرم 29 نوفمبر 2019، تحدث فيها الدكتور أبكر آدم إسماعيل (كمرد) وهو قادمٌ من كاودا، وكانت الندوة مُشاركة بين كنداكات ذات الثوب الأبيض مع الحركة الشعبية للتفاكُر حول الأوضاع الراهنة في السودان وجدلية المركز والهامش التي وصلت إلى إطلاق النار والحَرب سنواتٍ طويلة بين الحكومة المقلوعة السّابقة والحركات المُسلّحة في عددٍ ليس بالقليل على مُختلف أنحاء السودان الحبيب، والذي عُرف أهله وناسه بالسلام والتكاتُف والتراحُم ببعضهم البعض دُون مصالح أو رغبات مُنتظرة من هذا التكاتُف التلقائي. وكان التركيز في الندوة على رأي الحركة الشعبية من خلال الدكتور إسماعيل.
قد يظن الكثير من الذين سيقرأون هذا المقال أنّه تلميعٌ للحركة الشعبية أو لحملة كنداكة التي أنتمي إليها (وهي حملة مُكوّنة من عددٍ من الكنداكات المُقيمات بكندا وغيرها، غير مُنتميات لجهةٍ مُحَدّدة، ومُؤمنات بقضايا المرأة عُمُوماً في داخل السودان وخُصُوصاً من أطالهن ظُلم العهد المُباد، والسعي لتقليل كل مُعاناتهن بالمتاح، والأخذ بأيديهن لبناء سودان جديد يسع الجميع بحلمه ومُعافاة أمانيه بسلامة كنداكاته، ليقُدن مُجتمعاً نضيف السريرة والبصيرة)، ولكن الحقيقة أبعد من أن نقف عند عتبة الانتماء إلى مجموعة مُحدّدة أو بعينها، الهدف هو السودان وكل مجموعة من هذه المجموعات تُساعد بالدرجة المُتاحة لها من مقدرات وخبراتٍ، فالعمل مُتكامل وكبير وشامل، والهدف الأول والأخير فيه هو الوصول إلى هدف الثورة الذي هو هدف الشعب ومُتطلباته وحقه في أن يعيش بإنسانيته التي تخصه مثله مثل بقية البشر في العالم المُحترم، ويجب أن تُراعي أي حكومة ستقوده حالياً أو لاحقاً هذه المُعطيات الأساسية لحياة هذا الشعب المُناضل الذي غُلب على أمره ردحاً من الزمن، من حكومات طالت منه كلّ عزيزٍ وغالٍ ولم تَبقَ له حتى أن يكون إنساناً بسبب الديكتاتوريات المُتتالية والحكومات الرعناء التي أكسبته الهوان والفقر والجوع والإهانة، وهو من أكرم الشعوب التي عاشت رفعة رأس وشأنٍ وقدرٍ وهيبة.
الندوة تناولت الجدلية والنِّقاشات التي وقفت وما زالت تقف حجر عثرة أمام تحقيق السلام واستقرار البلاد حتى بعد أن وصل إلى الحكم المدني، إلا أنّ هنالك بعض الهَنّات التي تُؤلم جوانبه وتحتاج لمساجٍ رفيقٍ، حنينٍ، حليمٍ، يستصحب في معيته “وطن حدادي مدادي”، وشعباً عانى الأمرين، وثروات اُستُهلكت لمصالح خاصة ولجيوب خاصّة، وظُلم إنسانه وذلته وهو صاحب حق، هنّات عالية صرخت من أنّ السودان تعِب من فقد أبنائه وقتلهم، سودان مقهور مِن اغتصاب حَوائه ورسم الحسرة على جبينها وجبين كل من تنتمي له بسبب استبداد وقهر طال الأخضر واليابس لم يرحم يوماً ولم ينظر إلى أنّ هذا الإنسان من قبل ومن بعد هو صاحب الكلمة العُليا وهو صاحب القرار، فقراره لم يعد بين أيدي السياسيين وولاة الأمر الذين كَانوا يقودونه كقطيع أغنام عليها أن تعلف وتُعطي ألبانها لبطون أشخاص مُحَدّدين لم يعلموا ولم يفقهوا ولم يتعلّموا من ما يجري في العالم وفي السودان نفسه من قبل، إنّ الأمر مهما طال الاستبداد فيه سيثور الشعب وسينتصر.
الندوة تطرّقت لكل الخلافات الدائرة بين الحركة والحكومة الانتقالية بشفافيةٍ عاليةٍ، والدكتور أبكر (كمرد) من الذين جلسوا في طاولة هذه المفاوضات، لذلك كان الطرح في غاية الشفافية التي تستدعي الوقوف إجلالاً وهيبةً بأنّ الوطن ما زال وسيظل يحميه رجاله وكنداكاته أينما رحلوا، كان السودان حاضراً بين ضلوعهم قبل أوراقهم الانتمائية له وكان الجمع غفيراً، مثّل كل الاتّجاهات السياسية دُون أيِّ فرز لواحدٍ منهم، وكان الحُضُور بمُختلف هذه التّعدُّدات فيه التي عكست تعدُّداتنا الثقافية والإثنية وحتى السياسية والدينية، أثبت تماماً أنّ التغيير قد أتى ومهما فعل المُكرهون، فقد كانت فيه صراحة تامة، وبهدوء ورُقي وشفافية لم نعهدها من قبل في تجمعات السودانيين السياسيين التي غالباً ما تخرج بمُكايدات وتقليل من شان الآخر للكسب السياسي المعروف، إلا أنّها كانت عبارة عن لقاء فكر ووعي وتلاقُح أفكار تصُب في بوتقة الوطن لتكسبه وعداً وقمحاً وتمني.
الندوة طرحت كُل و جُل الخلاف الذي يدور في الساحة من سياسة ودين وعقيدة ومُجتمع وعنصرية وثقافة وحتى الخلافات الفكرية بين مُختلف الأحزاب لم تَخلُ هذا النقاش الحار الذي ألهب طقس تورنتو القارس البرودة، بجاليتها السودانية في أونتاريو، وكان الحضور من مُختلف ُمدن مقاطعة أونتاريو عالياً علو السودان في قلوبنا، وحاضراً في أولوياتنا التي أتمنى أن نصل بها إلى الهدف المُراد ليكون سودان الغد (ولنفوِّت سودان) الأمس ونبني سُوداناً جَديداً جَميلاً بكل أفكارنا مهما اختلفت الرؤى والنظر ولكنها تعمل معاً لهذا السودان الآمن المُطمئن، وكل هذه الكيانات والحَركات والأحزاب إن لم تضع السودان في حدقات عيونها، ليس من حقها التحدث باسمه وباسم قضاياه ومشاكله، فالوقت وقت الوطن لا غير.
مُلاحظة بسيطة بدرت لذهني بعد هذا العصف الذهني الحار من خلال الندوة، استنتجت أنّ المُشكلة الحقيقية التي تلعب دوراً أساسياً في تحريك البوصلة السِّياسيَّة، ليست الدين أو السياسة أو المال أو الثروة، المُشكلة الحَقيقيّة والتي أُطالب علماء النفس والاجتماع ونحن كإعلاميين بجانبهم أن نُعالجها، هي مشكلة اجتماعية بحتة خطيرة ومُهمّة، بناءً عليها تكوّنت كل الأفكار والتحوُّلات على أرضه ومن خلال وعي المُجتمع أو غير وعيه، جميعها أوجدت خلافات وتكتلات كانت قد لا تكون إن عالجنا نسيج المُجتمع السوداني بطريقة تضع في حسابها تنوُّعه وشخصيته السودانية صاحبة الصدارة والمزاج المُتقلِّب في كل المُشكلات بمُختلف أنواعها، رسالتي المُهمّة والأساسية لنا جميعاً كسودانيين أن نعمل معاً على مُواجهة مُشكلاتنا بكل صدقٍ وشفافيةٍ وتقبُّل وجهات النظر واحترامها من بعضنا البعض، فقد آن أوان أن نكون كما نود.. وإلا إن ضاع زمام الأمر هذه المرة سيضيع كل شئ ونحن جميعاً الخاسرون..!
إيديك يا ولد.. إيديك للبلد.
ودمتم،،،

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.