حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

سيناريوهات!!

شارك الخبر

(1)
مَازلنا مع استطلاعي قناة الجزيرة اللذين أُجريا في الأيام القليلة الماضية، حيث استبان في الأول عدم رضاء الشعب عن أداء حُكومة الثورة، وفي الثاني استبان رضاء الشعب عن تفكيك النظام السّابق وذلك بحل حزب المؤتمر الوطني ومُصادرة مُمتلكاته.. عَطفاً على هذا يُمكننا القول إنّ موجة الإسلام السِّياسي قد اِنحسرت الآن عَن البلاد ومن المُستبعد عَودتها في الأُفق المنظور ليس بقانون التفكيك الذي صدر مُؤخّراً، إنّما بثورة ديسمبر والأهم بالتدويخ والتضييق الإقليمي والدولي الذي مُورس عليه وقابله من الداخل الفساد وسُوء الإدارة.
قَد ينتهز بعض أصحاب الأجندات الخَاصّة الفُرصة ويسعون لتطوير التفكيك إلى عمليات انتقامية وتصفيات مادية والذي منه، فهنا سوف يتحسّس الإسلام السياسي مَصَادر قُوته المُكتسبة التي حيدت الآن ويجد دعماً إقليمياً مُباشراً وتظهر الحركات المُتطرِّفة، وساعتها سوف تدخل البلاد في مرحلة جديدة، مظهرها ونتيجتها معروفة للجميع، حيث لن تكون هناك دولة إسلام سياسي ولا دولة سُودان!
(2)
إذا استمر السيناريو الأول وهو الاِكتفاء بقانون التفكيك والعَزل التِّلقائي واختفاء الإسلام السِّياسي من واجهة الحياة السودانية في المُستقبل القريب، وإذا عَادَ في المُستقبل البعيد ستكون تلك العودة بوجهٍ ويدٍ ولسانٍ جدد وهذه قصة أخرى، فإذا حدث هذا مع استمرار نتيجة الاستطلاع الأول والقاضية بفشل حكومة الثورة وذلك بتجريدها من الدعم الإقليمي والدولي واستمرار التأزيم الاقتصادي وبالتالي انفضاض الدعم الشعبي عنها، فهذا يَعني أنّ القوى القائدة للثورة والفترة الانتقالية سَوف تَركب هي الأُخرى التونسية وتُلحق بجماعة الإسلام السياسي، بعبارة ثانية، إنّ القوى اليسارية والليبرالية المُتحكِّمة الآن سوف تَصبح نُخبةً مَعزولةً وسَاعتها سوف يَسهل الانقضاض عليها برفض شعبي جزئي مدعوم بمغامر عسكري وفي هذه الحالة لن تكون البلاد مَوعودة بفترةٍ انتقاليةٍ يحكمها المُكوِّنان المدني والعسكري، بل ستكون عَسكرية صَرفة، لأنّ النخب السياسية المدنية المُنظّمة ستكون في خبر كان!
(3)
ثلاثة سيناريوهات اقتسمت مصير ثورات الربيع العربي في نسختها الأولى، ولن تكون النسخة الثانية (السودان, الجزائر, العراق ولبنان) بمنجاة عن هذه السيناريوهات.. فالسيناريو الأول هو السيناريو التونسي، والثاني هو السيناريو المصري، والثالث هو السيناريو الليبي, اليمني, والسوري، والأمر الواضح أنّ الصِّراع الخَليجي قد ألقى بظلاله الكثيفة على المَشهد كَافّة، حَيث هُناك رَفضٌ للإسلام السِّياسي والتّوجُّه الليبرالي مَعاً وبالمُقابل هناك دعمٌ لهما أو لأحدهما، عليه يلزمنا في السُّودان استبطان هذا الأمر والاتّفاق على السيناريو الذي نُريد والتّوجُّه نحوه.
إنّنا في عالم لا يعرف البراءة السياسية وأيِّ خطوة وراءها قوة مُتربِّصة لها أهداف وغايات، فمن الكياسة والفطنة النظر إلى الأُمور في كلياتها وتفاصيلها، ثُمّ توحيد الكلمة بالعَمل عَلَى مَا يَجمع، ثُمّ شحذ الهِمّة لإنجاز المهام وكل هذا يتطلّب إخلاص النية.
فيا أيُّها السودانيون بيِّضوا النية وحبوا بعض وإن شاء الله القشّة ما تعتر ليكم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.