“المدمرة كول” .. تعويضات تلاحق السودان

الخرطوم: مشاعر أحمد

رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك قال في لقاء مع صحيفة (وول ستريت جورنال) الامريكية خلال زيارته إن السودان على بعد أسابيع من تسوية مع ضحايا العمليات الإرهابية (المدمرة كول والسفارات الأمريكية في كينيا وتنزانيا) وانها إحدى شروط الحذف من قائمة الإرهاب.
وأشار حمدوك للصحيفة إلى أنهُ أجرى نقاشات مستفيضة مع المسؤولين الأمريكيين حول الخروج من قائمة الإرهاب بالإضافة لشرط التسوية وتبقت نقطة أخرى وهي التعاون في مكافحة الإرهاب. ‏

حمدوك قال: “لقد تحملنا المسؤولية في معالجة هذه المطالبات (كول والسفارات) والتوصل إلى اتفاق بشأنها، “بالتأكيد في أسابيع وليس شهور”، مشيرًا إلى أنه لديه تصور لقيام الولايات المتحدة بتنفيذ عملية لمكافحة الإرهاب في السودان على غرار نموذج الدعم الذي تقدمه في منطقة الساحل في إفريقيا، حيث يتم نشر عناصر أمريكية جنبا إلى جنب مع القوات المحلية لمساعدتهم في قتال الجماعات المسلحة.
ووفقاً لموقع لـ”العين الإخبارية”: فإن مجلسي السيادة والوزراء فوضا رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك خلال اجتماع عقد قبل مغادرته لواشنطن بالتفاوض مع الإدارة الأمريكية على صيغة دفع التعويضات لذوي ضحايا التفجيرات الإرهابية، وأن السلطة الانتقالية ملتزمة بتوفير المبالغ المطلوبة”.
كما أن جميع أعضاء مجلسي السيادة والوزراء تعاطوا بشكل إيجابي مع مسألة دفع التعويضات لضحايا التفجيرات الإرهابية بسفارتي واشنطن بدار السلام ونيروبي والمدمرة كول.

ملف التسوية
مصدر دبلوماسي قال في حديثه لـ(السوداني) إن ملف التسوية كان من ضمن المسارات الخمسة مع أمريكا، ووفقاً لذلك اختارت حكومة السودان السابقة بيت خبرة قانوني أمريكي وبدء المرافعة، مشيرًا إلى أنهُ بمساعدة الإدارة الامريكية تم استئناف القرار الصادر آنذاك وتمت إعادة النظر في القضية لأن طريقة استلام إشعار المحكمة لم يكن عن طريق وزارة الخارجية السودانية.
وأضاف: وفقاً لذلك قبلت حكومة السودان السابقة مبدئياً التعاطي مع مسار التعويض دون الالتزام بايّ مبالغ محددة أو الوصول إلى تسوية شاملة آنذاك. وقال المصدر: إن الحكومة الحالية وافقت على أن يواصل المكتب القانوني السابق ولم يتم تغيير المكتب الاستشاري الأمريكي، موضحاً أن رئيس العلاقات الخارجية بالكونغرس طرح في زيارة حمدوك التسوية لانها تتعلق بمدنيين وجزء من الناخبين في ولايات مختلفة، لذلك وافق رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك مبدئياً على التسوية، الأمر الذي جعل بعض المسؤولين في الادارة الامريكية يؤكدون أن الأمر سيدفع بإجراءات رفع العقوبات عن البلاد.
وحول قيمة التعويضات قال مصدر (السوداني): إن التعويضات تقدر بمئات الملايين من الدولارات وقابلة للتفاوض ولكن الأمر معلق بكيفية السداد خاصة بعد قبول حكومة السودان بالتعويض. وأضاف: بعض الخبراء الأمريكين كشفوا عن مبالغ في الخارج تخص حكومة السودان السابقة، ويُمكن لامريكا أن تتحصل عليها وتصبح جزءا من التسوية.

مخزون للموارد
مراقبون أشاروا إلى أن السودان في تصنيف الخارجية الامريكية لا يتبع للشرق الاوسط إنما إفريقيا، وأن الولايات المتحدة الامريكية تضعه في استراتجيتها كمخزون لها من المواد الخام للقرن الواحد والعشرين، لذلك المطلوب أن لا يتعافى السودان اقتصاديًا، حتى لا تقل مواده الخام ولا يكون له دور فاعل، مشيرين إلى أن امريكا لم تثبت حتى الآن أن السودان متورط في “المدمرة كول” وليس لديها تأكديات على المشاركة، لأن القارب الذي دمرها لم يكن به سودانيين، وكانت ترسو بعيداً عن المياه الاقليمة للسودان، وأن التخطيط الاستراتيجي لامريكا تفكيك السودان للحصول على المواد الخام.
ذات الآراء اعتبرت تصريح حمدوك وقوع في الفخ لأن بلاده تُعاني من أزمة اقتصادية ولديها عجز في الميزان التجاري الخارجي فكيف له أن يتعهد بدفع تعويضات تصل لـ(300) مليون دولار، متوقعين أن يكون الحديث من مطلوبات الحوار وإبداء حسن النية.
قائمة الإرهاب
كبير الباحثين في المجلس الأطلنطي، والدبلوماسي الأمريكي السابق كاميرون هدسون قال إن احتمالات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تحسنت كثيرًا شريطة أن يلعب الجيش دورًا حميدًا في البلاد والمنطقة.
ووفقاً لباج نيوز قال هدسون إنه يعتقد أن إقامة علاقات رفيعة المستوى ستساعد على تسريع عملية إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب وجود متطلبات أخرى في واشنطن ستأخذ زمنًا.
من جانبه استبعد مراقبون رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتى لا يحدث خلل في القرن الإفريقي، وأن الحديث عن عودة العلاقات الدبلوماسية مجرد وعود لانها كانت منذ عهد الإنقاذ، وأن العلاقات بين السودان والولايات المتحدة بملفات بائسة ولا يمكنهم خدمة السودان ولا يتعاملون بالعاطفة ولا يمكن لامريكا تقوية دولة على بعد مئة ميل بحري، وأنه في حال تمت التسوية ورفع اسم السودان ستكون هناك انعكاسات إيجابية.
القانوني نبيل أديب قال في حديثه لـ(السوداني): إن المحكمة لم تحكم لصالح السودان، الا أنها كانت قد حكمت لصالح الضحايا وتم إلغاء الحكم وإعادته للمحكمة لجهة أن حكومة السودان لم تعلن إعلانا صحيحا.
وأضاف: المحكمة ما زالت سارية أمام محكمة امريكية، والوصول إلى تسوية من صالح السودان، مؤكداً تورط الحكومة في علاقات مع جهات إرهابية، وأن الامر فيه خسائر اقتصادية كبيرة لذلك لا بد من إخراج البلاد منها، بتشكيل وفد للمفاوضات من قانونيين لتقدم البلاد، موضحاً أن التعويضات تقديرية وتخضع للنقاش .

فلاش باك
المدمرة كول دخلت البحرية الأمريكية عام 1996، وفي 12 أكتوبر عام 2000، رست في ميناء عدن باليمن للتزود بالوقود، ليستغل تنظيم القاعدة وجودها وينفذ هجومًا انتحاريًا على المدمرة، عن طريق قارب صغير، محمل بنحو 225 كيلوجراما من المواد شديدة الانفجار، ما تسبب في فتحة في جانب السفينة الحربية، مخلفًا 17 قتيلا و40 مصابا.
وفي سبتمبر 2004، قضت محكمة يمنية متخصصة بصنعاء‏ بإعدام اثنين من المتهمين في قضية تفجير المدمرة الأمريكية، وحبس آخرين لفترات تتراوح بين‏ 5‏ و‏10‏ سنوات‏، وقضى الحكم بإعدام المتهمين الرئيسيين في القضية عبدالرحيم الناشري‏،‏ الذي حوكم غيابيا والمعتقل لدى الولايات المتحدة الأمريكية‏، وجمال البدوي‏.‏
وفي يناير الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن جمال البدوي، أحد مسلحي تنظيم القاعدة وأحد منفذي التفجير الذي استهدف المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول”، قتل في قصف جوي أمريكي على اليمن، حيث هرب من السجن باليمن مرتين، الأولى في 2003 والثانية عام 2006. و في ابريل من العام الجاري أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكمًا يمنع أقارب 17 بحارا أمريكيًا قتلوا في تفجير المدمرة “كول” من الحصول على نحو 35 مليون دولار تعويضات من السودان، بعد 19 عاماً.
وفي وقت سابق، أصدرت محكمة استئناف في ريتشموند بولاية فرجينيا، قرارا برفض الدعوى القضائية المرفوعة سنة 2010 لأنها لم تراعِ الإجراءات المطلوبة، حيث كان عليها أن ترسل الشكوى إلى وزارة الخارجية السودانية بشكل مباشر، بدلا من إرسالها إلى السفارة السودانية في واشنطن.
و في أواخر مارس من 2019م، قضت المحكمة الأمريكية بأن طريقة رفع الدعوى انتهكت ميثاق الحصانة الممنوحة لهيئات السيادة الأجنبية، وهو قانون ينظم مقاضاة الحكومات الأجنبية أمام المحاكم الأمريكية، ليصبح بموجب هذا القرار، لم يعد ملزما بأن يدفع أكثر من 314 مليون دولار لمجموعة البحارة الأمريكيين وزوجاتهم، تعويضاً عن الإصابات التي سجلت خلال الهجوم..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.