مبارك الكودة

خاطرة صباحية
العلاقة بين العسكر وقحت

شارك الخبر

هذه ليست خاطرة عابرة وبنتاً للحظة، إنما مجموعة أسئلة تراكمت عندي وشكلت قناعة راسخة تلخصت في أن الثورة لم يكتمل خلقها، وقد يؤدي ذلك إلى عدم اكتمال دورها، وربما إلى كثير من المشاكل إذ لم نجد معادلة سياسية تُسَدُّ بها فراغات النقص، وفي تقديري أن العقبة الكؤود هي طبيعة العلاقة بين قحت والقوات المسلحة، وبالطبع لا يختلف اثنان في أن هذه الثورة عبارة عن حلفٍ هجين فرضه الواقع يمتلك فيه الساسة بقدر كبير الشارع بسلميته وتنوعه، وتحتكر فيه القوات المسلحة وقوات الدعم السريع القوة بجبروتها.
هذا الحلف وبهذه الكيفية التي لم يكن هنالك بد من التوافق عليها أنتجت وثيقةً دستورية ربما تفاجأت قوى الحرية والتغيير بعد ممارستها للحكم واكتشفت ولأسباب كثيرة، أنها لم تكن في كامل وعيها السياسي عند التوقيع، وظنت وظن الشارع أنهما بذهاب المؤتمر الوطني ورئيسه قد امتلكا دولة مكتملة الأركان، ونسوا في غمرة هذا التدافع وهذه النشوة، أنهما حكومة قوتها في يد حليفها وقد فرض الحليف رفضه لأية قوامة سياسية وأصبح بهذه الوثيقة صاحب الحق في تعيين وإعفاء الوزراء العسكريين وهذه بدعة سيئة لم نسمع بها من قبل، كما أن بدعة رئيس مجلس السيادة الذي يمتلك حق التعيين ولا يمتلك حق الإعفاء أعظم سوءًا من سالفتها.
فقدت قحت بموجب هذه الوثيقة المضطربة في مضامينها مبدأ احتكار القوة والقمع، وهو أهم ركن تؤسس عليه أية حكومة نفوذها، وشرط بدونه لا يتحقق الاستقرار الأمني والسياسي للدولة، وفقدت القوات المسلحة بموجب هذه الوثيقة، ثقة الحكومة وتقدير الثوار لها، وهذا هو الزاد الذي بموجبه يبذل رجالها مهجهم رخيصة من أجل حماية الوطن٠
هذه التشوهات أحدثت شرخاً في بنية العلاقة بين الحليفين، ورغم كل ذلك كان يمكن لهذا الحلف أن يحقق غايته إذا استوعبت قحت الواقع الذي ارتضت فيه التحالف، ولكن يبدو أنها بعد التوقيع جرفها الشارع لشعاراته، ورفعت بذلك سقفها لإرضائه دون اعتبار للأسباب التي جعلت اللجنة الأمنية للنظام السابق تنقلب على نظامها وتنحاز إلى الثورة، وكي نتجاوز هذا الواقع الذي أنتجه هذا التحالف، اقترح أن تدعو حكومة الانتقالي ومنصتها الشعبية (قحت) بقناعة تامّة لمؤتمر قومي شامل يؤسس لمصالحة وطنية لا تستثني أحداً، لتهيئة البلاد لممارسة رشيدة للديمقراطية ولتأسيس دولة مدنية، ولا يعني ذلك أن نتخذ من عفا الله عما سلف شعاراً لنا، ولكن فليكن شعارنا قوله تعالى( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.