حاطب ليل ||د.عبداللطيف البوني

قبل الذهاب إلى واشنطون

شارك الخبر

(1 )
وضع السودان في القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب وما تمخض عنها من عقوبات شكل حقبة من حقب تاريخ السودان الحديث تضاف إلى الحقب الاجنبية مثلها مثل الحقبة التركية (1821 -1885 ) والحقبة الاستعمارية (1898 -1965 ) لتصبح (1993-؟ ) ولئن كانت هذه العقوبات نابعة من اجندة امريكية في المقام الاول الا انها قد غشيتها اجندة سودانية واجندة اقليمية واخرى عالمية. وفي تقديري أن الاقليمية وقعها اشد وهذه قصة اخرى وقد اخذت هذه العقوبات تتدرج مثل كرة الثلج فتعملقت إلى أن سدت حلق السودان. ويبدو أن امريكا ذات نفسيها ما كانت تتوقع هذا التطور وهي الآن تتفرج وبتلذذ وتدرس بوعي لهذا الامر اي انها جعلت من السودان فأر معمل اذ اختلفت تجربة معاقبته اختلافا كاملا عن تجربة كل اعضاء القائمة اياها، ايران وكوريا الشمالية وسوريا والعراق وليبيا.
(2 )
المعلوم أن النظام السابق هو الذي تسبب في هذه العقوبات ولكن هذا لا يمنعنا من النظر إلى تاريخ العلاقات الامريكية \ السودانية والطالع نازل فيها فصلاح البندر بدأها باغتيال القنصل الامريكي مع غردون باشا ساعة تحرير الخرطوم بواسطة جنود المهدية ليصل إلى أن تراكم المواجد الامريكية على السودان هو الذي ادى إلى ما هو عليه الوضع الآن أما جمال الخبير فقد بدأها باستقلال امريكا في القرن الثامن عشر ووضع الآباء المؤسسين لها للسودان في قائمة الدول الاعظم من حيث الموارد وبالتالي وضع خطة قرنية للاستئثار به وقدم جمال الخبير هذه الخطة بعرض مشوق ليصل إلى خلاصة قاطعة مفادها أن السودان سوف يحكم في عام 2045 بواسطة امريكان من اصول سودانية تحديدا اولاد اللوتري . اما نحن في هذه المساحة الصغيرة فلن ندخل في هذا الكلام (الكبار الكبار) و نبدأ من اخريات ايام نميري تحديدا عام 1983 ثم مرورا بسوار الذهب \ الجزولي ثم الصادق المهدي ثم اول سنوات الانقاذ حيث كان الضغط الامريكي على السودان متصاعدا إلى أن وصل قمته 1993 بادخال السودان في القائمة القائمة اياها.
(3 )
قابلت الانقاذ العقوبات الامريكية باللامبالاة ثم بتحدٍّ وكل هذا عن جهل وساعدها تصدير النفط على التحمل وكان يمكن أن يساعدها على المقاومة ولكنها (لعبت بعائداته ) ثم انفصل الجنوب وباتفاقية كان يمكن أن ترفع اسم السودان من اللائحة ولكن الجهل وبيع القضية تسيد الامر فكانت الصدمة وهنا تعجبك امريكا اذ شغلت ماكيناتها وورت السودان نجوم النهار ثم حدث الانبراش وهاك جري نحو امريكا ويا وساطات اقليمية ويا مفاوضات ويا مسارات خمسة وكانت النتيجة رفع جزئي في 2017م ولكنه زاد الضغط عوضا عن تخفيفه لاثبات فاعلية القائمة فكانت الثورة الديسمبرية 2019م وكان حمدوك وحكومته القريبة من اولاد اللوتري الذين اشار اليهم جمال الخبير ووضع حمدوك رفع اسم السودان من القائمة اياها اول اولوياته بيد انه سلك طريقا مخالفا لطريق الانقاذ للخروج منه لا وساطات اقليمية ولا مسارات خمسة بل الدوران حول واشنطون إلى أن دخلها في الاسبوع الماضي وخرج منها امس، فخليكم معانا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.